> والصحف تحمل أمس نبأ فتح المكتب هذا..
> ودولة بيضاء وحقد قديم غريب على السودان يجعلها هي من يصنع تمرد دارفور الأول.. والدولة هذه تصل إلى أنفها روائح مخطط غريب الآن في السودان .. والمخطط يستخدم «الأرض»..
> والسفارة تنظر من فوق الحائط.
> ولقاء لحكومة إقليمية يكتشف اختفاء ثلاثة مليارات وستمائة مليون جنيه.. خُصِّصت لمشروع خدمي مهم جداً.
> والوالي يصرخ.. والصحف سوف تصرخ غداً.
> وشيء يجري في أبو حمد.. ولعل عبد الواحد نور يقدم تفسيراً وهو يقول إنه سوف يفاجئ الناس من هناك.
> ونهم أن نكتب عن.. وعن.. وعن.. وتدركنا رحمة الله.
ونلقي بالقلم من النافذة…. ونقدم طلباً «للجوء السياسي» إلى دولة الشعر واللغة ونوع فذ من الكتابة.
> ديوان لشاعر يسمى محمد حامد
«2»
> و«ابن جني» أشهر اللغويين يسميها «شجاعة العربية».. ويعني بها انفلات الحديث من الوقار «المعسم».. وهي عندنا شجاعة الانطلاق.. وأن أبيت فهي شجاعة «الانطلاقة» .. وعبقرية اللهجة السودانية تميِّز بدقة بين الانطلاق الذي يحتفظ بالعمامة فوق الرأس وبين «الانطلاقة» التي تجدع الثوب وترقص.
> والشاعر محمد حامد آدم ديوانه الأخير هو «يا ضباط السجن» فهناك من يسمي ديوانه «يا ضابط السجن» والاسم جزء من نغم واحد
> والديوان هذا ما فيه هو أنه يرمي الكلام كما جاء.. ويخرج من قصيدة إلى قصة إلى أغنية إلى..
> والقصة التي تكتب يا ضابط السجن تصبح نوعاً من الإيقاع هذا.. فالشرطة في الأبيض لما كانت تطارد الشيوعيين بعد انقلابهم الفاشل تجد شخصاً من الإخوان المسلمين اسمه محمد حامد آدم «صاحب الديوان». والشرطة لما كانت تبحث عن شيوعي اسمه «محمد أحمد آدم» فإنها تكتفي بشطب كلمة «أحمد» ووضع كلمة «حامد» وترسل الأخ المسلم هذا إلى سجن الشيوعيين وهي تقول إن محمد حامد «أخ مسلم» نعم.. لكن اسمه شيوعي.. والإجراءات المكتبية تستريح والملف يستوفي ومحمد حامد يذهب إلى السجن مع الشيوعيين.
> وجزى الله شرطة الأبيض خيراً فأمثال محمد حامد لا يكتبون شعراً مثل هذا إلا تحت الكرباج.
> ولا يكتب بأسلوب الانطلاقة هذا إلا وهو تحت الإهمال.
> ومحمد حامد لو أنه كان تحت العيون لجلس معسماً.. لكن شعوره أنه مجهول يجعله يسرح في انطلاقة يشتهيها الشعراء والقراء.
«3»
> وملياردير أمريكي حين يتسلل ليلاً «بالبيجاما» إلى مخزن الفندق للحصول على تفاحة يهدده الحارس بأن يلقي به في المجاري إن هو لم يذهب
> وأحدهم يتعرف على الملياردير
> والصباح يشهد طابوراً من الخدم يحملون كل أنواع الفواكه.
> والرجل يقول
: لا.. لا.. إنما اشتهيت أمس تفاحة ساخنة أقضمها دون غسل .. الآن ذهبت شهيتي
> والحكاية نفهمها نحن.. ممن كان في العيلفون القديمة ينزع الجرجير من الأرض ويغسله في الجدول ويحشو به فمه.. وله أروع مذاق.
> والمذاق هذا ما يعيده إلينا هو ديوان محمد حامد آدم
> ويعيد ما نظل نفهم من الكتابة الحقيقية
> وشاعر يغيب عنا اسمه.. يكتب بالأسلوب هذا
> ونقرأ مرثيته لأخيه الحبيب.. ونجده ينفلت في انطلاقة من يجمز وينقز من الوجع ويقول حي وووب.
> وهو عندها يقطع القلب لأنه في صرخته ما كان يشعر بوجود أحد.. ولا يهمه من غاب ولا من حضر. وهو في قصيدته «هل هو حميد»؟ منكباً يكتب كأن لا تهمه قافية ولا ثاغية ولا راغية.. والبيت في البيت والقافية في العجز والصراخ وهو يدس وجهه بين ثدي أمه الموجوعة و… و…
> وهكذا جاءت أروع قصيدة نقرأها
> مثلها كان محمد حامد ينفلت وهو يقطع القصيدة ليحكي حكاية ويقطع الحكاية ليغني «ويا بلوم.. يا بلوم» والأغنية هذه تنطلق في ذاكرتك الآن باللحن الرائع.. والديوان يطلق صراعًا غريباً في نفسك.. فالأشعار أكثرها.. سمعته غناء.. والألحان القوية في ذاكرتك تزحم موسيقا الشعر الذاتية في الديوان.
> والديوان الذي نلوذ به من حنظل الأخبار يجعلنا نبحث عن الشاعر محمد حامد آدم لنقتله .. ثأراً للعمل الرائع هذا الذي يصدره في طبعة مهملة.
> وأبو النجم العجلي حين يسألونه لماذا لا يتأنق يقول
: أنا أبو النجم.. وشعري شعري.
> لكن «أبو النجم» كان عنده على الأقل ناقة يركبها.
> ومحمد حامد .. ولا سخلة.[/JUSTIFY]
إسحق أحمد فضل الله
صحيفة الإنتباهة