عبير زين : طاش ما طاش!

مهلاً أعزائي، فإنني سأُخيبُ ظنَّكم ولن أكتب عن المسلسل التلفزيوني السعودي الذي حظى بمشاهدة عالية ووصل بأجزائه في رمضان قبل المُنصرم إلى (19) جزء و توقف رمضان هذا العام بعد إختلاف بطلاهُ، ولكنني سأكتب عن مسلسلٍ آخر وسينارو واقعي حقيقي أكثر تشويقاً، سيناريو عن (طيش) من نوعٍ آخر و عن طلقة (طائشة) هددت أمن وسلامة الزميل الصحفي بصحيفة الأهرام اليوم عثمان شبونة و كادت لولا لطفُ من الله ورحمته أن تستقِر في مكان آخر وربما أودت بحياة طفله الرضيع الذي كان ينعم بحضن والدته في سلام تام.

أُصيبَ الكثير من جيران وزملاء الزميل شبونه بالذعر، ليس قلقاً على زميلهم وجارهم (المحبوب جداً) فقط، بل خوفاً على مستقبل أولادهم في هذا البلد الذي أكثر ما يميزه ويفضله عن غيره إحساس الأمن الذي يرفل فيه الجميع فلا أحد يخوّن أحد ولا أحد يعتدي على أحد والكلُ هنا يعيشون في سلام وأمن وطمأنينه، وقد كنا نعلم (قبل هذه الحادثة) أن لإستخدام الذخيرة الحية ضوابط وشروط ومحاذير قاسية جداً حتى تلك الرُصاصات التي تطلق في الأفراح تضامناً مع زغاريد الفرح كانت محكومة بضوابط حفاظاً على سلامة وأمن المواطنين، أما أن يكون أحدنا جالساً في داره آمناً مطمئناً فتأتى (طلقة) تؤكد التحقيقات الأولية أنها مقذوفة من سِلاح رشاش! فهذا الذُعرُ بعينه.

ليست القضية قضية طلقة (طائشة) أخطأت هدفها و أصابت منزل صحفي (مُشاكس)، بل القضية قضية زعزعة إستقرار مواطن آمن، قضية تبخر أبسط المتطلبات التي تدعو للبقاء واحداً تلو الآخر، ففي ظل الظروف الإقتصادية والسياسية والمشاكل الإجتماعية التي يُعاني منها السودان لم يتبق لنا فيه إلا خيطُ رفيع من الأمن الذى (كُنا) ننعم به ونحمد الله عليه، ومثل هذه الحوادث تقطع هذا الخيط ولا تترك لنا أمل في واقعنا المؤلم، لذا فالتحقيق الفورى فى هذه القضية حقُ لكل مواطن يهمه سلامة أبناءه وأمنهم، لئلا يأتي يوم يتجول فيه الإنتحاريون وهم يرتدون أحزمةً ناسفة أو تتمشى سيارات مُفخخة وسط الخرطوم الآمنة فتضحى بغدادُ أُخرى!

لطالما كنت ضد تمليك أدوات التخريب كالأسلحة والذخيرة و المتفجرات و ضد تسهيل إمتلاكها وضد إستخدامها حتى لأفراد الأمن إلا عند أضيق الحدود، ولو أصابت تلك الطلقة منزلاً غير منزل الزميل شبونة لكتبتُ عنها أيضاً ولكن قدرها وقدرى أن تُصيب منزلاً لصحفي مشهور (سليط القلم) وتصبح (طلقة مشهورة) مما حذى بالأفكار وصحبها ودفع بها زجاً بإتجاه أن تكون هذه الطلقة (بائنة بينونة كُبرى)، وهذا الإحتمال وإن كان مُستبعد جداً ظناً حسناً مِنا فى أننا نعيش في دولة تُحافظ على حقوق مواطنها التي من أبسطها أن تحميه وتحافظ على أمنه أياً كانت هويته أو موقعه من إعراب جُملتها حتى و إنْ كان ممنوعاً من الصرف حسب قواعد لغتها وهذا ظننا الحسن الذى نرجو أن لا يثبت عكسه!

همسة:
الف حمدالله على سلامة للزميل عثمان شبونة و أسرته، ونتمنى ألا تتكرر مثل هذه الحوادث و أن يتم التحقيق فيها و إتخاذ إجراءات صارمة حتى ننام جميعاً في بيوتنا جميعاُ آمنين.

همسات – عبير زين

Exit mobile version