غير أن مراقبين هنا في الخرطوم يستبعدون إمكانية انتقاء الحاجة لوسيط بين الخرطوم وجوبا بسبب أن القضايا العلقة من الصعوبة بمكان ويحتاج حلها لوسطاء دوليين ومن الالتحاد الأفريقي وربما سنوات أخري من التوترات علي الحدود قبل الاتفاق علي أي ملف.
خذ مثلاً ملف منطقة أبيي فقد أعلنت حكومة جنوب السودان منذ شهور خلت عزمها علي إجراء استفتاء آحادي لتحديد تبعية المنطقة الأمر الذي قاد لموجة من الغضب في أوساط قبيلة المسيرية التي سارعت لرفض أي خطوة أحادية تحدد مصير المنطقة الغنية بالنفط في المقابل رفضت الحكومة أي خطوة لأجراء استفتاء من جانب حكومة جوبا لا يشمل سكان المنطقة من قبائل المسيرية وغيرهم من السكان المحليين وفق تعريف بروتوكول أبيي في اتفاقية السلام الشامل 2005م.
واشنطن ولندن رفضتا أي تحرك آحادي من حكومتي السودان من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة ودفع رئيس آلية التفاوض رفيعة المستوي بين السودان والجنوب باعتراضات قوبة تؤكد رفض الاتحاد لأي استفتاء أحادي من قبل دولة جنوب السودان ورأي ثامبو أمبيكي أن الأولوية الآن لقيام المؤسسات التشريعية والإدارية في أبيي التي سيدعها الاتحاد من أجل تعزيز فرص الاستقرار في المنطقة.
في السياق أعلنت الحكومة البريطانية معارضتها لأي تحرك في أبيي مشددة علي أن أي خطوة يتعين أن تكون بـ موافقة الخرطوم وجوبا وحسب سفير المملكة المتحدة لدي الأمم المتحدة مارك ليال فان الحكومة البريطانية تؤيد اقتراح الاتحاد الأفريقي الذي نص إجراء استفتاء في أبيي في شهر أكتوبر القادم وحصر مقترح الاتحاد حق التصويت فقط في أولئك الذين يقيمون بشكل دائم في المنطقة غير أن الخرطوم تعارض بشدة أجراء أي استفتاء آحادي الجانب مؤكداً بأنها لن تعترض بأي خطوة في هذا الاتجاه.
لكن ماذا عن واشنطن اللاعب الأكثر فاعلية في ملف العلاقات بين الخرطوم وجوبا فقد سمت أدارة الرئيس اوباما رسمياً دونالد بوث مبعوثاً خاصاً للإدارة لدولتي السودان لكن الخرطوم علي غير العادة استقبلت مبعوث واشنطن بالكثير من الاتهامات فيما يتعلق بجدية الإدارة في التعاطي الايجابي مع ملفات السودان وحذر علي كرتي وزير الخارجية في لهجة بدأت غير مألوفة واشنطن بأن الحكومة في الخرطوم لن تتعاون مع المبعوث الأمريكي الجديد إذا لم يهتم بالعلاقات الثنائية وقال كرتي أن واشنطن أكبر معيق للعلاقات بين جوبا والخرطوم ودعا كرتي الإدارة الأمريكية للعمل بنية خالصة أو أن تترك البلدين يتفاوضان في ملفاتهما وخلافاتهما بشكل منفرد ويري مراقبون أن زيارة سلفاكير الأخيرة للسودان أعطت الخرطوم بارقة أمل في إمكانية تجاوز الخلافات بدوافع ذاتية بمعزل عن أي وساطة ولكن هل سيكون ذلك ممكناً وما هي الضمانات التي يمكن للخرطوم الركون إليها وهي تبتدر شهر عسل جديد مع الجار الجنوبي الأكثر أثارة للمشاكل غير ان الأوضاع في جوبا ليست كما في السابق وتتوفر لسلفاكير الآن فرص اكبر لتحسين العلاقات مع جارة الشمالي لإبعاده العناصر المناوئة للتقارب مع الخرطوم كاباقان أموم ودينق ألور.
تقارب دولتي السودان سيكون اتفاقاً علي تدفق النفط شمالاً وعائدات هنا وهناك ولكن ملفات الخلاف حول مسألة أبيي ستكون أكثر صعوبة حتي لو أدعت الخرطوم غير ذلك فجوبا لن تفرط في مصالحها النفطية في المنطقة حتي لو قاد ذلك لعودة البلدين للمربع الأول.
صحيفة الوفاق
كمال أمين