وفي الصراعات بين الدولة والمتمردين تكون وساطات الصلح بإشراف طرف ثالث، لكن حينما تكون الخصومات والخلافات بين رجال الدولة والمسؤولين، فإن قائد الصلح ينبغي أن يكون هو السيد رئيس الجمهورية، فهو رئيس الحكومة التي من أعضائها (الوالي) و(المستشار). لا بد إذن أن توضع مآخذ الشيخ هلال على الأستاذ كبر بين يدي رئيس الجمهورية ومعها مرافعة السيد الوالي، حتى يطوى ملف الخصومة هذا، في الدنيا والآخرة بإذن الله. والقرآن الكريم يقول: (ونزعنا ما في قلوبهم من غلٍ إخواناً على سُرُر متقابلين). وولايات دارفور لا تحتمل مزيداً من المشكلات، وإذا كانت مشكلاتها نابعة من ظاهرة النهب المسلح، والتمرد، وأن الحكومة تبذل قصارى جهدها لإعادة الأمن والاستقرار، فعليها إذن أن تمنع بالحكمة والموعظة الحسنة والتخطيط السياسي الذكي صراعات المسؤولين الكبار بالدولة، فهم أعضاء في حكومة واحدة، والمفترض فيهم (حل المشكلات الأمنية) وليس إضافة مشكلات جديدة إليها. فهلاَّ تحركت رئاسة الجمهورية نحو الإصلاح بين المسؤولين في الدولة؟! هل سنشاهد قريباً في الإعلام الأستاذ كبر والشيخ هلال يجلسان يمين وشمال الرئيس أو نائبه الأوّل ليرسموا ثلاثتهم مشهد صلح بين مسؤولين في الدولة؟! هذا ما نتمنّاه فالصلح خير (والآخرة خير وأبقى). وحتى ولو لم يأتِ مؤخراً موضوع هذا (الشريط).. فإن ما بين الرجلين المسؤولين في الدولة يحتاج أيضاً لمشروع الصلح بينهما. وعلينا أن ننتبه إلى أن الأعداء تسعدهم العداوات بين المسؤولين في الدولة الواحدة ليستثمروا فيه لصالح تحقيق أطماعهم التي لا تتحقق في ظل تعايش سلمي واستقرار وسلام اجتماعي. وإذا كانت القوى الأجنبية هي التي تدعم المتمردين لتكون البلاد مشتعلة بالحروب، فإن هؤلاء المتمردين حينما يجدون المسؤولين في الدولة متخاصمين بهذه الصورة التي عبر عنها شريط الڤيديو لن يشعروا بتأنيب الضمير من تمردهم واعتداءاتهم بل سيتحفزون بشعارات تخليص وتحرير الوطن من خصومات المسؤولين باعتبارها صراع أفيال تتضرر منه الحشائش. وسيقول المتمردون إن الدولة السودانية غير مؤهلة لقيادة السلام في البلاد إذا كان الخصام يقوم بين مسؤوليها الكبار. أما المجتمع الدولي فسيسارع إلى اتهام الحكومة بأنها غير مؤهلة لحماية السلام الاجتماعي وأنها تحتاج إلى مزيد من القوات الأجنبية ما دام أن بين مسؤوليها وهم في مناصب حساسة تكون مثل هذه الخصومة والإساءات والتهديد.
صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا