و”البودا بودا” عبارة عن دراجة نارية، هندية الصنع فى أغلب الأحوال، يقودها عادة شاب لا يتجاوز عمره 20 عاما، يتنقل بخفة وسرعة من حى إلى آخر، لتوصيل المواطنين والموظفين إلى أعمالهم، ونسبة كبيرة من السائقين هم من الأوغنديين.
وبرر وزير داخلية جنوب السودان “اليو ايانج أنى” قراره، الذى صدر منتصف الشهر الماضى، بأنه يرمى إلى الحد من جرائم السلب والنهب التى تستخدم فيها تلك الدراجات فى ظل تقارير عن أن معظم الجرائم يرتكبها أجانب باستخدام الدراجات، نافيا أى استهداف للأوغنديين فى بلاده.
ووفقا لنقابة سائقى “البودا بودا” فإن عدد أعضائها نحو 5000 شخص، أقل من نصفهم من الأجانب، ويحظى الأوغنديون بالعدد الأكبر (1600 سائق) فى قيادة “البودا بودا”، فضلا عن آخرين من إريتريا وأثيوبيا.
وبدأت قوات الشرطة بالفعل فى تنفيذ القرار، وقد وجدت الخطوة ترحيبا كبيرا فى أوساط المواطنين الجنوبيين، ويتهم الجنوبيون بعض الأجانب العاملين فى جوبا ومناطق أخرى بارتكاب جرائم سرقة باستخدام الدراجات.
وقال “نسوموغا جون”، الأمين العام للجالية الأوغندية بجوبا، لوكالة الأناضول “تلقينا مئات الشكاوى من رعايانا الذين يعملون فى قيادة الدراجات، بعضهم قالوا إن دراجاتهم قد تم حجزها بينما تعرض بعضهم للضرب والاعتداء”.
كما اتهم من وصفهم بـ”المجرمين” باستغلال القرار الوزارى لنهب سائقى “البودا بودا” من الأوغنديين. وأضاف أن السفارة الأوغندية كانت قد طلبت من السلطات منح السائقين مهلة ثلاثة أشهر لتوفيق أوضاعهم لأن معظمهم قاموا بشراء تلك الدراجات بقروض من البنوك، لكن السلطات لم تستجب.
وفى المقابل أثار القرار ردود فعل سلبية فى العاصمة الأوغندية كمبالا، حيث بدأ المواطنون الجنوبيون الذين يعيشون فى كمبالا، بغرض الدراسة فى الغالب، يشكون من تعرضهم لمضايقات، من دون وقوع إصابات.
وقال المتحدث باسم الشرطة الأوغندية “باتريك اونيانغو”، فى تصريحات لموقع “سودان تربيون” أمس الخميس: “هناك بعض المعلومات وردت إلينا بأن هناك عناصر إجرامية تخطط لمهاجمة مواطنى جنوب السودان المقيمين فى أوغندا وتدمير ممتلكاتهم وإيقاف نشاطهم التجارى”، مشيرا فى الوقت نفسه إلى عدم تسجيل أى هجوم على مواطنى جنوب السودان.
وكان عدد كبير من سائقى “البودا بودا” الأوغنديين قد غادروا بصورة جماعية الى كمبالا مستخدمين الطريق البرى على ظهور دراجاتهم لمسافة (1200) كم، مما أثار غضب الأوغنديين الذى اعتبروا القرار بمثابة طرد من جنوب السودان.
ودعت سفارة جنوب السودان بأوغندا، فى بيان لها أمس الجمعة، مواطنيها بأوغندا بالتزام “الهدوء والإبلاغ الفورى عن أى مضايقات يتعرضون لها للشرطة”.
ورغم تلك التوترات التى شابت العلاقة بين البلدين عقب القرار، لكنها لم تصل مرحلة القطيعة الدبلوماسية، حيث تنظر كمبالا إلى جوبا كأكبر سوق استهلاكى للبضائع والمنتجات الغذائية، إلى جانب العديد من الروابط والتحالفات السياسية منذ الحرب الأهلية مع السودان والتى انتهت بتوقيع اتفاقية السلام الشامل فى 2005 قبل إعلان استقلال الجنوب فى العام 2011.
وينظر العديد من المحللين فى جوبا إلى أن المسألة لا تبدو سوى أزمة عابرة سرعان ما سيتم تداركها، وقريبا ستعود العلاقات إلى سابق عهدها بين الجارتين.
جوبا (الأناضول)+اليوم السابع