هذه الصور كانت مألوفة في السابق عند أغلبية الشعب السوداني، ولكن اختلف الواقع الآن حيث أصبح عددٌ كبيرٌ من الشباب يعملون على تربية الكلاب المستوردة من أجل الإتجار بها وصارت لها أهمية عالية، الذي أدهشنى أكثر أن تجارة الكلاب تعدّّت أغراضها السابقة، وأصبحت تباع بمبالغ كبيرة جداً وبعد شرائها يقوم الشخص الذي اشتراها وينفق في تغذيتها إنفاق من لا يخشى الفقر، فكان ان انتشرت كتجارة رائجة وسط عدد كبير من الشباب واصبحت موضة يتفاخر بها الشباب فيما بينهم، ولا تندهش إن رأيت شخصاً يقوم باصطحاب كلبه (مربوطاً) بسلسل معين ويلمس في شعر كلبه ويتبختر في مشيته فرحاً بهذا الكلب، وكنت أتصور أنّ هذه الموضة عند أولاد (الذوات)، ولكن ذات يوم كنت امتطي (ركشة) في طريقي الى منطقة الصالحة مروراً بشارع (الكسارات) لاحظت أنّ هنالك شاباً في مقتبل العمر لم يتجاوز عمره العشرين، ينظف في كلبه بالماء والصابون وجوارالشاب مجموعة من أدوات التجميل من (البودرة والديتول) وأشياء لم أعرفها فطلبت من صاحب الركشة أن يتوقف حتى أرى ماذا يفعل هذا الشاب ونزلت وألقيت عليه التحية فرد عليّ السلام بصورة توحي لك بانه مشغولٌ لرد التحية ويضع في أذنه (سماعات) ويشغل (مزيكا) غربية ويغسل في كلبه ولم يعرنِي انتباهاً، فقلت له عن إذنك يا شاب ممكن ترفع رأسك وتطلع السماعات حتى أتحدث معك فأجابني (معليش) أنا مشغولٌ وهذا الكلب ليس للبيع لسه في طور التسمين، وبعد ان أخبرته بأنني لا أريد أن أشتري هذا الكلب وقلت له ان الكلب أعجبني فأريد معرفة بعض الأشياء عنه حتى افكر في شراء مثله وأعطاني معلومات عن الكلاب. فقال ان هذا الكلب اشتراه من صديق بمبلغ (1200) جنيه وهو الآن يعمل على تربيته وتسمينه حتى يبيعه بمبلغ (2000) جنيه، فاقترب مني شاب رفض الافصاح عن اسمه عندما رآني ادون في هذه المعلومات فقال مفتخراً انّ الكلب يأكل ما يعادل الـ (6) بيضات في الوجبة الواحدة وربع لحمة في الفطور وفي النهار (اندومي) ثلاثة أكياس وفي العشاء يشرب حليباً مع الكيك نقوم (بفتها) حتى يكون مرتاحاً في النوم ونقوم بالكشف عليه بواسطة طبيب بيطري، واضاف تكلفة الوجبة الواحدة حوالي (35) جنيهاً، فقلت في نفسي لو ان هذا الشاب قام بدفع هذه المبلغ الى شخص محتاج سوف يكون خيراً له في دينه ودنياه أو قام بتوفيرها لنفسه مثل ما يقولون (القرش الأبيض لليوم الأسود) كان أفضل له، وقصة هذا الشاب مع كلبه لم تكتمل بعد، فأصبح يسرد مستلزمات الكلب الذي يجد تقييماً أكثر من الإنسان في بلادي. وزاد: إنّ هذا الكلب لديه طريقة معينة في النوم ويتضايق من الكلاب العادية لذلك نوفر له غرفة بعيدة عن الكلاب البلدية لانها تنقل إليه الأمراض، وينوم في مرتبة اسفنح ولابد ان يغطي بصورة جيدة لان البرد الشديد يمرضه اضافة الى الشمس لان درجة الحرارة تؤثر عليه ويحتاج الى حمام على الاقل في اليوم مرتين وبعد الحمام يفوط ونزيل الماء من جسده بواسطة (بشكير) ويمسح بدهان ويرش على جسمه بدره خاصة نقوم بشرائها من الصيدلية، بعد ذلك ودعته وانصرفت، فأخذت احدث نفسي مثل الشخص المجنون واحترت من كلام هذا الشاب الذي يعتني بكلبه أكثر من نفسه فقال لي إنه واحد من العشرات او المئات في الخرطوم من الشباب الذين صاروا يهتمون بتربية الكلاب والتجارة.
الخرطوم: علاء الدين موسى :الرأي العام