التشكيل الوزاري الوشيك.. سعة القاعدة وضيق دائرة الشورى

[JUSTIFY]اقترب إعلان التشكيل الوزاري.. وبات إعلانه قريباً بعد مشاورات الرئيس مع قيادات حزبه النافذة وشيوخ الحركة الإسلامية وكبار ضباط القوات المسلحة والشرطة، عطفاً على لقاءات الرئيس بكل من السيدين «الصادق المهدي» و»محمد عثمان الميرغني» في محاولة لإشراك الأول في السلطة وسعي الثاني- أي «الميرغني»- لزيادة حصته من الحقائب الوزارية مركزياً وولائياً، وتعثر مشاركة السيد «الصادق المهدي» في الجهاز التنفيذي، ولكنه اقترب وحزبه أكثر من المؤتمر الوطني سياسياً حول قضايا الدستور والسلام والعلاقات الخارجية.. وطبقاً لمصادر خاصة وضعت أمام السيد رئيس الجمهورية حزمة ملفات عن أداء وزراء حكومته سياسياً وتنفيذياً واجتماعياً، بعد أن كلف الرئيس بعضاً ممن يثق في نزاهتهم وحيادهم ومهنيتهم لتقديم تقارير مفصلية دقيقة عن أداء الوزراء والولاة، ووكلاء الوزارات ومديري الهيئات والمصالح الحكومية.. وصرف النظر كلياً عن اتجاه برز في وقت سابق بتعديل الدستور الرئاسي عبر أمر مؤقت باستحداث منصب رئيس لمجلس الوزراء، وقد تبنى الإمام «الصادق المهدي» الدعوة لهذا الخيار، إلا أن المؤتمر الوطني لم يبد حماساً للعودة إلى تجربة توزيع السلطة ما بين تنفيذية وسياسية، وأبقى على النظام الرئاسي الحالي مع تفويض الرئيس نائبه الأول لإدارة ملف الجهاز التنفيذي.
وتدور في مجالس من يدعون أنفسهم بالعالمين بـ(بواطن) الأمر والمقربين من مراكز صناعة القرار، إرهاصات وتكهنات بما يتوقع أن تسفر عنه التعديلات القادمة من انصراف وجوه قديمة عن الجهاز التنفيذي وقدوم أخرى.

ومن أبرز ملامح التشكيل المرتقب أن السيد الفريق أول «عبد الرحيم محمد حسين» وزير الدفاع سيعزز موقعه ويتم ترفيعه إلى منصب مساعد الرئيس في القصر الرئاسي.. وإسناد الملف الأمني والعسكري له بعد أن نجحت تجربة إسناد الملفات لمساعدي الرئيس ونوابه خلال الفترة الماضية، حيث كلف الرئيس مساعده الأول د. «نافع علي نافع» بملف العلاقات الخارجية، والنائب الأول «علي عثمان محمد طه» بملف الشؤون التنفيذية، ود. «الحاج آدم يوسف» بملف العلاقات السياسية، واحتفظ الرئيس في الفترة السابقة بالإشراف المباشر على ملف الأمن والدفاع.. ومغادرة الفريق «عبد الرحيم» لوزارة الدفاع تفتح الباب لتعيين أحد القيادات العسكرية في الموقع، بعد أن بات في حكم المؤكد أن يحتفظ الرئيس «البشير» بـ(كاتم أسراره) وأقرب القيادات إليه الفريق «بكري حسن صالح» الذي يمثل واحداً من الوزراء المتفق داخل الجهاز التنفيذي على حسن أدائهم.. وبقاء الفريق «بكري حسن صالح» في منصب الوزير الأول بالقصر، وترفيع الأستاذ «عماد سيد أحمد» إلى منصب وزير الدولة بالقصر وجعله ناطقاً رسمياً باسم رئاسة الجمهورية، واحتفاظ الفريق «طه عثمان طه» بمنصب وزير الدولة ومدير مكتب الرئيس.. ووزيرا الدولة «إدريس محمد عبد القادر» ود. «أمين حسن عمر» سيشملهما التغيير.. الأول يعود للخارجية سفيراً، والثاني لوزارة الإعلام والثقافة.
ولن يطال التغيير طبقاً للمعلومات التي رشحت مساعدي الرئيس الآخرين، ابني السيدين «جعفر الميرغني» و»عبد الرحمن الصادق»، وترددت أخبار عن إسناد وزرة الخارجية إلى دكتور «نافع علي نافع».

«قوش» بعيداً.. و»محمود» باقٍ التكهنات التي أشارت إلى عودة الفريق «صلاح قوش» في التشكيل القادم للجهاز التنفيذي تبدو صدقيتها ضعيفة، فالفريق «قوش» انصرف لأنشطته التجارية، ولكن الرئيس «البشير» بعد لقاءاته المتعددة به في الفترة الأخيرة بات مقتنعاً بأن الرجل ظُلم، وأن قدراته وإمكانياته وصلاته الواسعة أولى بها الدولة والحزب لا لذاته.. ولا يختلف اثنان في القدرات الاستثنائية لـ»صلاح قوش» وواقعيته.. لكن عودته للجهاز التنفيذي في التشكيل الوزاري الوشيك إعلانه مستبعدة في الوقت الراهن، وكذلك الحال اللواء «ود إبراهيم».. والمفاجأة الكبيرة في التشكيل القادم تتمثل في احتفاظ السيد «علي محمود» وزير المالية بموقعه الحالي بعد أن ظن الجميع، وزراء وصحافيين ومراقبين وبرلمانيين، أن عواصف الاقتصاد ستعصف به بعيداً عن الموقع.. وأسباب بقاء «علي محمود» وزيراً للمالية انتهاجه لسياسة دقيقة جداً في تمليك وإحاطة الرئيس والنائب الأول بأدق تفاصيل الوضع الاقتصادي، وتخصيص الوزير لموارد مالية للطوارئ العاجلة بعلم الرئيس ونائبه الأول أنقذت الحكومة في ساعات (الضيق) مثل تحرير (أبو كرشولا) والسيول والأمطار الأخيرة، ومساندة المؤسسة العسكرية لوزير المالية الذي لم يدخر مالاً وإلا وجعل أولوية الصرف للأمن والدفاع عن الوطن، والضوابط الصارمة التي اتخذها في تجفيف المال عن المشروعات التي لا تحظى بأولوية.. وفي فترة ماضية تم ترشيح الدكتور «عبد الرحمن ضرار» وزير الدولة بالمالية السابق لمنصب الوزير ورفض طلب إعفائه حتى يتولى موقع مدير مصرف الساحل والصحراء الذي كان يديره محافظ بنك السودان الحالي «محمد خير الزبير».. وبصورة مفاجئة وافقت القيادة العليا في الدولة للوزير «ضرار» على الذهاب إلى سبيله وتعيين د. «محمد يوسف» وزير دولة والإبقاء على السيد «علي محمود».. وقد رشح لخلافته في المالية د. «حسن أحمد طه» الوكيل الأسبق ود. «الفاتح علي صديق» وزير الدولة بالمالية السابق.. وبات في حكم المؤكد مغادرة وزير التجارة «عثمان عمر الشريف» من تلقاء الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي ربما دفع بالسيد «الفاتح تاج السر» لمنصب وزير التجارة الخارجية، واختيار «أسامة عطا المنان» وزيراً للرياضة، على أن تعود وزارة الإرشاد والأوقاف للمؤتمر الوطني.

واتفقت كل القيادات العليا في الدولة على حسن أداء وزير المعادن «كمال عبد اللطيف»، ووزير الطاقة د. «عوض أحمد الجاز»، ليخرج القطاع الاقتصادي عن التعديلات الوزارية القادمة باحتفاظ الوزراء الثلاثة بمواقعهم عطفاً على محافظ البنك المركزي.. إلا أن وزير الصناعة د. «عبد الوهاب عثمان» بات أقرب لمغادرة موقعه برغبته، وأقرب المرشحين لتولي المنصب الدكتور «بدر الدين محمود» نائب محافظ البنك المركزي.. ويرشح بعض النافذين في المؤتمر الوطني د. «عبد الوهاب عثمان» لمنصب والي الجزيرة خلفاً لـ»الزبير بشير طه» الذي شغلته مشاغل الجهاد على تفاصيل الأداء اليومي.

الداخلية والأمن ومجلس الوزراء إذا غادر «علي كرتي» الخارجية، فإن أقرب كرسي ينتظره بشارع النيل منصب وزير الداخلية، بعد استبعاد ما رشح من معلومات في وقت سابق عن ترشيحه لمنصب مدير عام جهاز الأمن الوطني.. فالفريق «محمد عطا المولى» له خبرات وعلاقات واسعة في أفريقيا، واكتسب خبرات خلال سنوات ما بعد إعفاء «قوش»، عطفاً على دوره في العلاقات الخارجية وصلاته الواسعة بمديري أجهزة الأمن في أفريقيا، وعربياً يعدّ «عطا المولى» من الوجوه التي تحظى باحترام وثقة العرب، وشهدت حقبته تطوراً في أداء الجهاز داخلياً وخارجياً، ويحظى بثقة الرئيس ونوابه.. ومع إقبال البلاد على التسويات المرتقبة مع حاملي السلاح من متمردي جبال النوبة والنيل الأزرق، والتحسن الكبير في العلاقة مع جنوب السودان.. كل هذه المؤشرات ستبقي على الفريق «محمد عطا المولى» في منصبه، فيما بات المهندس «إبراهيم محمود حامد» وزير الداخلية مرشحاً لمغادرة الداخلية والعودة إلى ملف الشؤون الإنسانية بخبراته وتخصصاته.. وقد اكتشفت الحكومة مؤخراً خطأ تقديراتها بحل وزارة الشؤون الإنسانية، وبعودة الوزارة ربما يذهب د. «سليمان عبد الرحمن» المفوض الحالي للشؤون الإنسانية إلى منصب وزير الدولة.
ولكن التغيير الكبير المنتظر ربما طال وزارة شؤون مجلس الوزراء بترفيع الدكتور «محمد مختار» من وزير دولة إلى منصب وزير شؤون مجلس الوزراء، حيث يغادر السلطان «أحمد سعد عمر» إلى وزارة الخارجية وزيراً للدولة، إلى جانبه الدكتور «بكري سعيد» لينتقل وزير الدولة «صلاح ونسي» إلى وزارة شؤون مجلس الوزراء.

وتتفق القيادة السياسية على كفاءة وحسن أداء وزير العدل مولانا «محمد بشارة دوسة» ليبقى لفترة قادمة، إلا أن الاتجاه الغالب في دوائر صناع القرار تعيين وزير دولة لتخفيف الأعباء من على كاهل الرجل، ويتردد اسما «عمر أحمد» المدعي العام الحالي، و»سراج الدين حامد يوسف» السفير بالخارجية.
وإذا كان «دوسة» و»بكري» و»عوض الجاز» أبرز الوزراء المحتفظين بمواقعهم، فإن الأستاذة «سعاد عبد الرازق» وزيرة التربية ربما غادرت موقعها الحالي، وكذلك وزير الصحة «بحر إدريس أبو قردة»، ووزيرة العمل «إشراقة سيد محمود» المرشحة لمنصب وزير دولة بالتربية والتعليم.
وقالت المصادر إن قيادات من شباب المؤتمر الوطني ستصعد إلى مناصب وزارية في التعديل القادم أبرزها «عمار باشري» أمين المنظمات، و»عبد المنعم السني» أمين الشباب، و»حسب الله صالح» من شرق السودان، ود. «عبيد الله محمد عبيد الله».. وترددت معلومات عن ترفيع د. «عيسى بشرى» وزير العلوم والتقانة إلى منصب مستشار لرئيس الجمهورية في القصر الرئاسي.
واستبعد من التشكيل القادم د. «غازي صلاح الدين» الناشط في المعارضة الداخلية للحزب، الذي يتبنى اتجاهات ليبرالية واختار طوعاً التغريد خارج المؤسسات، الشيء الذي جعل عودته لواجهة الجهاز التنفيذي متعذرة جداً.
ومع التغيرات السياسية في العلاقة مع حكومة الجنوب، تعززت فرص صعود نجوم صنعت (نيفاشا) كالأستاذ «سيد الخطيب»، ود. «مطرف صديق النميري» ود. «يحيى حسين» الذي ترددت معلومات عن ترشيحه وزيراً للتعاون الدولي بعد أن تعود الوزارة للحياة ومعها الشؤون الإنسانية.

شركاء قادمون وقدامى داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة السيد «محمد عثمان» بات في حكم المؤكد مغادرة «عثمان عمر الشريف»، وانتقال «الفاتح تاج السر» للتجارة الخارجية، وزيادة نصيب الاتحادي في كعكة السلطة بوزيري دولة، مما يقتضي تعيين «أسامة عطا المنان» وزيراً للشباب والرياضة، وربما غادر د. «جلال يوسف الدقير» القصر كمساعد للرئيس برغبته، ولكن الراجح أن يصعد شقيقه «محمد يوسف الدقير» إلى منصب المساعد، وفي الغالب للرئيس (كلمته) الفصل في اختيار مساعديه.. ويغادر د. «أحمد البلال» وزارة الإعلام لتعود للمؤتمر الوطني، بعد أن اكتشف خطأ تقديراته السابقة، على أن تذهب الثقافة للحزب الاتحادي الديمقراطي.. وأبرز المرشحين لها د. «البشير سهل جمعة».. ورفعت الحركة الشعبية بقيادة «دانيال كودي» صوتها عالياً في المفاوضات التي جرت مع الوطني بشأن زيادة نصيبها من السلطة الاتحادية.. وعين الحركة الشعبية على وزارة الصحة، التي ربما عادت إليها الدكتورة «تابيتا بطرس شوكاي»، ودخول «دانيال كودي أنجلو» رئيس الحركة الحكومة أيضاً في منصب الوزير.
وتعززت فرص بقاء الوزير «سراج حامد» ممثل الحركة الشعبية من النيل الأزرق في منصب وزير الدولة بالمعادن.. وكذلك الأستاذ «إبراهيم آدم» وزير الدولة بالتخطيط والرعاية الاجتماعية.. ويدخل القصر من الشركاء الجدد في منصب مستشار للرئيس أحد مرشحي حركة العدل والمساواة، وكذلك منصب الوزير بديوان الحكم الاتحادي الذي سيعود بوجهه السابق.. وبقاء الوزير «حسبو محمد عبد الرحمن» بات مشكوكاً فيه بعد أن رشح اللواء «عبد الله علي صافي النور» لمنصب وزير العلوم والتقانة.
وتبقى الترشيحات والتكهنات أقرب لحديث المجالس، بعد أن أحاط الرئيس التعديل القادم بسرية شديدة، وانحصرت دائرة العالمين ببواطن الأمور في دائرة ضيقة جداً.. إلا أن شيوخ الحركة الإسلامية بروفيسور «إبراهيم أحمد عمر» والبروفيسور «عبد الرحيم علي»، إضافة للفريق «بكري حسن صالح» والفريق «عبد الرحيم محمد حسين» ود. «عيسى بشرى» يمثلون دائرة قريبة جداً من تشكيل الحكومة القادمة!![/JUSTIFY]

يوسف عبد المنان
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version