وتجد حكومة الخرطوم تأييداً منقطع النظير من كل المجتمع السوداني الذي أعلن رفضه لمقررات اتفاقية نيفاشا التي جاءت عكس توقعات المؤمنين بوحدة المصير. ويقول في هذا الخبير في القانون الدولي الدكتور شيخ الدين شدو لـ«الإنتباهة» إنه ليس لدى دينكا نوك ولا لحكومة الجنوب حق قانوني في أن الاستفتاء يمكن أن يقوم بقبيلة دينكا نوك فقط دون بقية القبائل السودانية التي تقيم في المنطقة، لافتاً إلى أن المنطقة وعرة وتم فيها تداخل قبلي كثيف من مختلف القبائل السودانية، إضافة إلى قبائل المسيرية الرحل ودينكا نوك. وقال إن الكثير من الجهات قامت بإغفال قرار التحكيم في أبيي حيث إن المشكلة أساساً كانت في الحدود «1956م – 1906م»، وإنه تم الاتفاق على أن تكون هناك عشرة كيلومترات بعيدة من التمرد حتى تضمن سلامة وعدم الاحتكاك بين الدولتين. وقال إن الخروقات في ذلك دائماً تُرتكب من قبل الجنوبيين وإن المسيرية من حقهم التمسك بحقهم في المنطقة في الوقت الذي أعلنوا فيه أنهم لن يتخلوا عنها ومستمسكون بشماليتها، ويضيف شدو، إنه بحسب قرار الجنوبيين أنفسهم الذين تدفعهم دولة الجنوب دفعًا للتربص بأبيي يعترفون بأن أبيي منطقة تتبع لشمال السودان. ويقول في ما إذا كانت نتائج الاستفتاء بدون قبيلة المسيرية ملزمةً لحكومة السودان أم لا، أن نتائجه غير ملزمة من ناحية دولية، وذلك لأن نتائجه بالصورة الراهنة معروفة، غير أن المجتمع الدولي نفسه لا يعترف بنتائج اسفتاء قام من طرف واحد وهناك أطراف أخرى يحق لها المشاركة فيه، فالمسيرية جزء أصيل في الاستفتاء إضافة إلى أنه ــ الاستفتاء ــ نفسه يحتاج للمزيد من الخطوات كالطعن وحق الاستئناف وغيره من خطوات التحكيم المعروفة وفقاً لمقررات مفوضيته المكونة وفق لائحة تمت إجازتها مسبقاً لهذا الغرض.
ولكن الموقف الجديد للاتحاد الإفريقي والذي أعلنه مندوب الاتحاد لدى لجنة الإشراف بوشوكو مقاتلي فقد أكد أنه قد بحث موضوع أبيي مع مبعوث الاتحاد الإفريقي ثامبو أمبيكي وقال إن أمبيكي أكد له عدم دعمهم لأي استفتاء يقوم من طرف واحد في أبيي، وقال إن ذلك أمر باطل لا تسنده القوانين، خاصة أن المرجعيات الأساسية بمنطقة أبيي لا تخرج من بروتكول المنطقة واتفاقية الترتيبات الأمنية مؤكداً سعي الاتحاد الإفريقي لجلوس الطرفين إلى طاولة الحوار عبر اجتماعات لجنة الأجوك. ورغم أن الحديث الذي قاله مبعوث االاتحاد الإفريقي يُعتبر موقفًا مرحباً به من قبل حكومة الخرطوم التي تبحث عن حلول للقضية المتشعبة إلا أن ما قاله الخير الفهيم رئيس إدارية المنطقة يُعتبر قفزًا بالزانة على ما ورد من مقترحات لحلحلة أزمة أبيي من قبل الدوائر الختلفة، وقال الفهيم إن أزمة أبيي لا تحل إلا عبر القوانين والتشريعات الدستورية البرلمانية التي أجازها البرلمان السوداني وأن التفكير في أي حل آخر يُعتبر خرقاً واضحًا لا تقبل به دولة السودان ولا لجنة الإشراف. ليضع بذلك الحل الوسط الذي أورده المبعوث الإفريقي نفسه رغم أن الكثيرين يرونه حلاً وسطاً لحل القضية خاصة أنه وضع حداً لكل تدخلات نقوك ومحاولة فرض هيمنتهم وأسلوبهم على المنطقة وتحديد هويتها بالصورة التي يرونها لا التي يجب أن يتفق بشأنها أهل المصلحة في البلدين.
ويتفق شدو الخبير في القانون الدولي مع ما أكده الفهيم، وقال إن الأفضل لمشكلة أبيي من ناحية الحلول أن تتبع الأطراف ما يسمى «بالتوفيق» وهو موجود في القانون ومعترف به مستبعداً اللجوء إلى التحكيم لحل الإشكالية القائمة بين الطرفين في تبعية المنطقة، ويضيف أن الأنسب للحل هو التوفيق بحسب رأيه لأنه يقوم على التنازلات بينما التحكيم يقوم على الشروط، وقال إن أبيي بوصفها الراهن قنبلة موقوتة، لأن المسيرية لا يتنازلون عن حقهم؛ وقال إن حل المشكلة يكمن في الالتزام بالقرار وإن الجنوب ككل ليس فيه قانون، وإن قواته متمردة لا تعترف بالمحاكم، لذلك فإنه نادى بوساطة طرف محايد لحل الإشكالات القائمة بشأن أبيي بين الطرفين والتي بدورها تستلزم أيضاً تنازلات الطرفين، فيما أكد أن التشريعات البرلمانية التي أجازها البرلمان فيها حل لقضية المنطقة وهي أيضاً تقوم على التوافق بين جميع الأطراف.
في الوقت نفسه يرى الخبير الإستراتيجي الأمين الحسن في حديثه لـ«الإنتباهة» أن موقف الاتحاد الإفريقي موقف مؤيد تماماً لما ذهبت إليه الحكومة السودانية التي عملت على حل القضية من واقع رؤية عميقة ومتجذرة، وقال إن رؤية البرلمان أيضاً لا تختلف كثيراً عن ما جاء في مقررات ورؤى الإتحاد الإفريقي لحل الأزمة الذي يقوم بدوره على التوافق ولكن قال إن الحكومة السودانية أيضاً هي التي انتصرت جراء موافقة الرأي الدولي لها وأن قرار الاتحاد الإفريقي يعتبر قاطعاً لأنه الجهة التي يحتكم إليها الطرفان.
صحيفة الإنتباهة
عبد الله عبد الرحيم