الأزيار : نغمة صداها أرويني أرويني

بالرغم من ظهور المبردات إلا أن الأزيار لا زالت تتمتع بمكانتها وخاصة في‮ ‬المناطق الريفية والتي‮ ‬مازالت تحتفظ بها كإرث قديم تتناقل من الأجداد وفوق ذلك فهي‮ ‬صحية ‮٠٠١‬٪‮ ‬كما‮ ‬يوصي‮ ‬بها الأطباء وتناول مائها كدواء لكثير من الأمراض وخاصة نقاع‮ ‬الزير الذي‮ ‬يمثل صفاء الماء بعينه‮. ‬
ولكن أن للأزيار خاصية في‮ ‬إعادة خواص الماء إلى طبيعتها الأولى‮.‬
‮( ‬الوطن‮) ‬تستطلع آراء حول الأزيار حيث تباين الآراء حولها‮.. ‬
‮❊ ‬إنعدام وجودها في‮ ‬الأحياء الراقية‮ ‬
‮ ‬الرشيد آدم‮- ‬إعلامي‮ ‬
الأزيار لم‮ ‬يعد لها وجود في‮ ‬كثير من المنازل وخاصة الأحياء الراقية بالرغم من انها طبيعية في‮ ‬حفظ المياه ويرجع اختفاء الأزيار لعدة أسباب منها‮ ‬انتشار الثلاجات والمبردات بصورة كبيرة،‮ ‬وكذلك أوضاع البيوت من حيث البناء حيث أصبح البناء الحديث لا‮ ‬يمكن من وضع مزيرة أو زير داخل المنزل وكذلك أوضاع الأسرة،‮ ‬واختلف الوضع فكانت الأسر الكبيرة تضع الأزيار في‮ ‬البيت الكبير وتبني‮ ‬لها عريشة أو راكوبة ولكن أصبحت الأسر الآن صغيرة واستغنت عن الأزيار‮. ‬
‮❊ ‬تروي‮ ‬الظمأ
‮ ‬الحاجة رقية محمد أحمد تقول إن الأزيار هي‮ ‬إرث سوداني‮ ‬أصيل وهي‮ ‬متوارثة من الأجداد ومياه الزير هي‮ ‬الوحيدة التي‮ ‬تروي‮ ‬الظمأ‮ ‬،‮ ‬فوق ذلك نقية وصحية‮ ‬،‮ ‬ولكن كثير من الأسر انصرفت عن هذه العادة السودانية وحتى‮ »‬سبيل‮« ‬في‮ ‬الشارع أصبح من المبردات وخاصة في‮ ‬العمارات والأحياء الراقية،‮ ‬ولكن الأزيار تظل هي‮ ‬مصدرالدواء الوحيد من بين كل هذه المبردات‮. ‬
‮❊ ‬رأي‮ ‬علماء الإجتماع‮ ‬
يقول الأستاذ محمد احمد عبدالحميد جاويش خبير تنمية المجتمعات،‮ ‬تشير الحفريات للاسرة الفرعونية في‮ ‬مصر قبل الميلاد إلى وجود عدد كبير من الأواني‮ ‬الفخارية مما‮ ‬يؤكد أن صناعة القلل حرفة فرعونية قديمة في‮ ‬وادي‮ ‬النيل،‮ ‬ولكن الراجح انها إزدهرت وانتشرت إبان الدولة الفاطمية إلى جانب صناعات وحرف أخرى مثل‮ ‬الفوانيس والنبال والسهام‮.‬
‮ ‬والأزيار في‮ ‬السودان ووادي‮ ‬النيل لها عدة أسماء ومنها الصغير والكبير ويوضع الصغير دائماً‮ ‬في‮ ‬مكان عالي‮ ‬من الشباك ليمر النسيم عليه ويكون الماء بذلك أكثر لطفاً‮ ‬وصفاءً،‮ ‬واشتهر الصعيد المصري‮ ‬في‮ ‬منطقة قنا بصناعة‮ ‬الفخار والقلل والتي‮ ‬تسمى عدنا بـ(القناوي‮) ‬والحكمة في‮ ‬ذلك أن طينة النيل ذات خصوبة عالية ومتجددة ونظيفة لا تحمل أدراناً‮ ‬إلى جانب إنها شديدة التماسك والسبك ولذا اشتهرت هذه الحرف على امتداد‮ ‬الشريط النيلي‮ ‬في‮ ‬مصر والسودان وغيرها‮. ‬
ونلاحظ أن صناعة الأزيار في‮ ‬السودان‮ ‬يدوية لم تعرف الآلة إلا بعد الاستقلال وأجمل أزيار السودان قاطبة في‮ ‬منطقة كسلا حيث القاش وتعرف أزيار كسلا بالشكل الجمالي‮ ‬المتميز‮ ‬إلى جانب السواد وأكثر قبائل‮ ‬السودان اعترافاً‮ ‬لهذه المهنة هي‮ ‬مجموعة قبائل الفلاتة‮ »‬بجوار النيل‮«‬،‮ ‬وهي‮ ‬صناعة موسمية لديهم عند إنحسار النيل إلى جانب صناعة الطوب وصيد الأسماك ومن المعلوم أن مصلحة السكة الحديد كانت الجهة الرسمية الوحيدة إلى جانب المدارس الثانوية والأساس التي‮ ‬تقوم بشراء الأزيار لأنها تتناسب الرحلات الطويلة والمناطق التي‮ ‬تبعد عن النيل،‮ ‬تستخدم‮ (‬القرب‮) ‬وترجع أهمية الأزيار في‮ ‬الآونة الأخيرة إلى انها أداة المعلمية الشعبية الوحيدة الرخيصة الثمن لتنقية مياه الشرب والطعام‮. ‬
وفي‮ ‬مجتمعاتنا الحضرية إزدهرت صناعة المياه المعدنية ومياه الصحة لهذا نقول إن من المضحك المبكي‮ ‬أن كثير من الأسر في‮ ‬الخرطوم‮ ‬يشترون‮ ‬يومياً‮ ‬مياه للاطفالهم بما‮ ‬يقارب ‮٠٢ ‬دولار وسعر الزير أقل من ‮٥ ‬دولار‮.‬
وكان بإمكان تنقية المياه في‮ ‬زير واحد في‮ ‬فترة ‮٥ ‬ساعات فقط‮.‬
وعلماء الكيمياء صحياً‮ ‬يقولون إن الزير والقلل النظيفة تقدم خدمة جليلة لصحة الانسان خاصة عندما تضعف آليات التنقية الحكومية ولهذا ظهرت اشكاليات الكلى والامعاء الدقيقة عندما‮ ‬غابت المياه الصافية‮. ‬لأن الأزيار تحد من توالد البكتريا الضارة والديدان في‮ ‬المياه‮ ‬غير النقية خاصة عندما تكون في‮ ‬موضع مواجهة‮ ‬الشمس الساطعة وذات‮ ‬غطاء شفاف إلى جانب ا لغسيل الاسبوعي‮ ‬للزير وكذلك لاحظ علماء الصحة العامة وطب المجتمع والأسرة ازدياد حالات الفشل الكلوي‮ ‬ومعدل عالي‮ ‬للاسهالات‮ ‬
وفي‮ ‬فترات الخريف الأسباب كثيرة‮ ‬غير أن أهمها صحة ونقاء ونظافة مياه الشرب‮. ‬
ولهذا من الضروري‮ ‬وجود الأزيار في‮ ‬المنز ل للتنقية قبل أن تكون ماءً‮ ‬بارداً‮ ‬
والدولة الآن تدفع فواتير ضخمة في‮ ‬شراء ماكنيات‮ ‬غسيل الكلى ومستلزمات العلاج وكان من السهل تفادي‮ ‬ذلك بالرجوع إلى تراثنا الشعبي‮ ‬في‮ ‬الحرف وخاصة عندما نعلم أن من السنة النبوية أن نشرب الماء بالقرع فتكمل بذلك التنقية‮. ‬
من المحررة‮: ‬
الحمد لله الذي‮ ‬جعل هذا الماء عذباً‮ ‬فراتاً‮ ‬ولم‮ ‬يجعله ملحاً‮ ‬أو جاجاً،‮ ‬وهذا هو دعاء الشرب‮.‬
تحقيق‮: ‬سهام حسن الطيب–الوطن
Exit mobile version