هنالك ثلاثة احتمالات، إما أن الشعبي يعتقد أن خصومته السياسية المعقدة مع الوطني تستلزم فى هذه المرحلة وجود (سفيه سياسي) يلقي القول على عواهنه، ولسانه محاط بالأشواك السامة نكاية فى خصمه وهذا احتمال وراد لكون أن كمال عمر (لم يكن من قبل شيئاً مذكورا) وكان هو السبب الأساسي لخروج أكثر من 20 قيادي من الشعبي والتحاقهم بالوطني.
والاحتمال الثاني أن يكون الشعبي -بذكاء الترابي المعهود- جعل من كمال عمر (غطاء) لعمل سياسي آخر، بحيث ينشغل الناس بما يقوله كمال عمر ويعتقدون أنه رأى الحزب الرسمي فى حين أن رجل فى دهاء الترابي يعمل على طريق آخر وليس أدل على ذلك من التقارب الذي بدأ يدب منذ لقاء النائب الأول للرئيس على عثمان محمد طه بالدكتور على الحاج القيادي البارز فى الشعبي فى ألمانيا قبل أشهر وبذل كمال عمر جهداً خرافياً لإسباغ (صفة اجتماعية) على اللقاء!
الاحتمال الثالث أن كمال عمر الذي يُقال -سراً وجهراً على السواء- أنه صنيعة شيوعية تم زرعها بعناية فى الشعبي، والأمر لم يفت على الشعبي ولكنه -عقاباً له- تركه يهرِّف بما لا يعرف كما الببغاء! وهذا دليله عدم تعوُّد الشعبي على التنابذ بالألقاب وعدم الفجور فى الخصومة فى حين أن الحزب لم يساءل يوماً كمال عمر عن أخطائه الإستراتيجية فى هذا الصدد وخسران الحزب لعدد من الأحزاب جراء تصريحات أمينه السياسي.
وفى كل الأحوال الثلاثة المشار إليها، فإن الأزمة تظل أزمة كمال عمر حتى ولو بدت كأزمة حزب معارض، ذلك لأن ظاهرة كمال عمر ظاهرة سياسية غريبة فالأحزاب السياسية تعمل وفق احتمالات بعضها راجح وبعضها محتمل ولكن الطريقة التى يعمل بها كمال عمر تبدو وكأنها طريقة رجل فى يده شفرة مهمة لتغيير النظام وأن التغيير سيقع بعد ثوان.
رجل يتحدث بلسان أطول من قامته ويعمل على ترسيخ كراهية ليست معهودة فى العمل السياسي فى السودان ولديه افتتان خاص باليسار، افتتان يتجاوز كونه افتتان حزب معارض دخل فى تحالف مع اليسار. هنالك (شيء ما) ما بين الرجل واليسار سوف تتكفل الأيام وحدها دون شك بإظهاره عاجلاً أم آجلاً!
سودان سفاري