ولكن، وأقول صدقاً، إن أعظم تلك الرزايا والمحن صعود نجم المدعو كمال عمر، الذي تقلد الأمانة السياسية بالمؤتمر الشعبي برضا الشيخ الترابي ومباركته، بل وثنائه عليه! وهو أمر عجيب لجهة كفاءة عين الشيخ في انتقاء الرجال وتشخيص قدراتهم، فهناك ما نري حينما ينزوي رجال بقامة أبن عمر محمد أحمد والمحبوب عبد السلام ومن في كفاءتهما ونباهة نظرهما وفصاحة قولهما، ليصعد كمال عمر فوق أعناق الرجال ولا شهادة!
أمس الأول انتهز صاحبنا فرصته في مخاطبة المؤتمر العام لحزب البعث، فما مارس إلا عرضاً جديداً من (الاسكتشات) السمجة التي ظل يدفع بها حين كل منشط.
ففي حين توقع الجميع أن يقدم ممثلي الشعبي والشيخ الترابي مرافعة نيرة عن حال البلاد والتطورات الإقليمية، فإذا به ينصرف إلى حديث مضحك كأنما أراد به التزجية عن الحاضرين، من شاكلة استفساره للحكومة والمؤتمر الوطني عن أموال حزب البعث المصادرة، وهو الاستفسار الذي لست أدري لماذا صمت عنه الرجل في العشرية الأولي، يوم أن كان يمكن له أن يسأل مباشرة شيخه هذا إن كان هو ممن يملكون خاصية النفاذ إلى دائرة أهل الحل والعقد في الحركة الإسلامية، ولو كان الرجل فعلاً جاداً ويعني ما يقول لشهد حينها بالظلم على حزب الرفاق، ولعدت شجاعة تحسب وترفع لها القبعات.
وعلى هذا، أنظر إلى ترهاته بطلب حل (المؤتمر الوطني)، وهو رجاء بغير مناسبة، ونداء في غير موضعه، مما يعزز عندي فرضية أن الأداء السياسي لـ كمال عمر يقوم على التهريج و (طق الحنك) وادعاء الظرف، وهي طرائق أداء لا تليق بالنسب لحزب يقوده رجل في قامة الدكتور حسن الترابي، يحتشد بأهل الوعي والمعرفة والوطنية الخالصة من أوضار التهريج والبحث عن غاية منتهاها الحصول على تصفيق بعض المتابعين للمناشط السياسية، الذين يضنون على المعارضة بالأصوات في صناديق الانتخابات، ولكن لا بأس من منحها (صفقة) وتبسم من بابا الصدفة!!
المؤتمر الشعبي حزب كبير، يمتلك طاقات على الفعل الإيجابي والمعارضة الراشدة، ويرجو منه الناس والوطن أداء يتجاوز هذه الصبيانية الفجة، التي جعلت الحزب مثل بقية القوى والتنظيمات التي لا تجيد سوى (الجخ)، رغم أن الشعبي حينما يرد الأمر إلى كباره ورموزه الحقيقيين يتجلي ويظهر معدنه الأصيل، وقد شهدنا في الموقف من أحداث مصر أن الترابي حينما يريد أن يكون كبيراً بفعل، وقد احترمت الرجل والله وأكبرت فيه هذه الشجاعة في زمان التزم فيه الجميع (التقية) لتجنب إعلان المواقف الواضحة ممار يجري هناك.
المجهر السياسي
محمد حامد جمعة