ولكن لم يتحرك التحالف المعارض ولو على (كرسي متحرك) جراء حالة الكساح التى يعانيها وفى الوقت نفسه لم يستطع ان يمد لسانه بأكثر من أن يطلب من الحكومة إعلان السودان منطقة كوارث !
لقد كان من الممكن والسهل أن ينتهز تحالف المعارضة السانحة لكي يتحلل من ارتباطه بالثورية ويضع يده على يد الحكومة لمعاونة المتأثرين بالسيول والفيضانات إذ على الأقل سينتج عن هذا الموقف أمرين مهمين: الأمر الأول يشعر الوطني ان لديه منافسين جيدين وهذا فى تقديرنا يروق للوطني ليجيد مهاراته الفردية ولعبه على المسرح.
الأمر الثاني أن يشعر الناخب السوداني أنه لديه اختيارات على الأقل فى المستقبل وليس الآن فقط، وهو ما يجعله فى (حالة ارتياح) لوجود (كل اللاعبين) فى الملعب ولوجود فرصة للتشجيع المباح والحصول على نتيجة حتى ولو كانت تعادلاً دون أهدفا.
قوى التحالف ما تزال تنكر الاستحقاق الانتخابي الذى أُجريَ فى ابريل 2010 وتنكر نتائجه والأغرب من ذلك أنها لم تتعلم من درسه البليغ وما تزال تنكر أيضاً الاستحقاق المقبل والذي لا يفصلنا عنه سوى عام واحد ونيف!
عدم اعتراف قوى المعارضة بالاستحقاق السابق جعلها على قارعة الطريق فى حالة (تشرد سياسي) وباحثة عن حملة سلاح للقضاء على خصمها الوطني، أما عدم اعترافها بالاستحقاق المقبل فقد جعلها لا تنتهز السوانح (التى لا تتكرر) ولا تستغل الظروف والمعطيات التى من الممكن أن تفك ضيقها وتخرج من ضيق الأحلام والرومانسيات السياسية الى سعة الواقع والتعاطي الذكي معه.
لقد تسربت من بين يدي تحالف المعارضة آمالها العراض في قدوم الجبهة الثورية الى الخرطوم بقوة السلاح، فقد هزمت الثورية في بداية الطريق شر هزيمة. إحدى هذه الهزائم سفورها فى الخصومة بما فعلته فى أبو كرشولا وأعطت دليلاً دامغاً على أنها ليست مع أحد؛ والهزيمة الأخرى تجرعت كأسها المرير على يد الجيش السوداني.
تسربت أيضاً من بين يديّ المعارضة أحلام الأزمات (سيول، رفع دعم، الأزمة مع جوبا، أزمة دارفور) والسلسلة المطولة من خيوط الأحلام الوردية التى طالما حلمت بها وهي على الفراش تتقلب تنتظر الصباح ليتحقق لها ما حلمت به!
إن عدم مبالاة قوى المعارضة لا بما تقوم به الحكومة السودانية من محاولة للمّ الشمل الوطني والحوار غير المشروط، وما قد يحدث حين يمرّ العام المقبل وتصبح أمام انتخابات عامة جديدة وهي غير مستعدة لها ولكنها جاهزة باتهامات التزوير؛ كلها أمور فى الواقع لا تخصم فقط من الرصيد السياسي لهذه القوى المتداعية أصلاً ولكنها تخصم من الرصيد السياسي للسودان كله، كونه وعلى كثرة قواه السياسية لا يملك أحزاباً يُشار إليها بالبنان وإنما حتى ولو على أطراف البنان.
سودان سفاري
[/JUSTIFY]