سيد قطب رائد البعث الإسلامي وموقد جذوة الصَّحوة الإسلاميَّة المباركة التي تفجَّرت عقب استشهاده تصديقاً لنبوءته حين تحدَّث عن كيف تدبُّ الحياة في الكلمات الباردة فتُحيلها إلى نار متَّقدة تشتعل لتضيء الدنيا حينما تمهر بالدماء الغالية التي ينفخ الله العزيز فيها من مَدَدِه الروحي فتصبح براكين متفجِّرة من القوة القاهرة التي لا تحدُّها حدود ولا يكبح جماحَها كابح.
حينما قتل عبد الناصر الشهيد سيِّد قطب بعد أن رفض وثيقة الاسترحام التي قُدِّمت إليه ليوقِّعها انتشر كتابُه المدهش (معالم في الطريق) كما النار في الهشيم بل بأقوى من ذلك حتى تبارت دُور النشر المسيحيَّة في طباعته لكي تُلبِّي حاجة السوق المتعطِّش لكلماته التي تخترق القلوب وتفعل بها الأفاعيل.
في اليوم التالي لاستشهاد سيد قطب وُلد لشقيقتي الكبرى (زينب) ابنُها سيد قطب الجديد.. كنتُ حينها طالباً (فدككْتُ) محاضراتي وجلستُ أقرأ لوالدي ولعمي (جدَّي الوليد الجديد لأمِّه وأبيه) من كتاب (معالم في الطريق) حتى أقنعتهما بعد أن أقنعت شقيقتي وزوجها بسهولة فكان أن سُمِّي سيد قطب الذي يعمل اليوم طبيباً في مستشفى الشرطة!! قبلها بعامَين رُزقت شقيقتي زينب بطفل سُمِّي بمحمد الأمين تيمنًا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكنتُ حينها متيَّماً بفريق الهلال وبلاعبه الفذ (جكسا) فأطلقتُ على المولود لقب جكسا الذي يحمله (المهندس محمد الأمين) حتى اليوم لدرجة أنَّه لا يلتفت إذا نُودي باسمه الحقيقي!!
حدث الانتقال (الفكري) خلال السنتَين اللتين فصلتا بين مولد جكسا وسيد قطب الجديد.. فقد كان عجيباً بحق أن أجهل ما يعنيه أن أُغيِّر اسم الرسول الكريم باسم جكسا بالرغم من أنِّي كنت متديناً لكنه تديُّن منقوص!!
عزائي أنَّ التغيير يحدث هكذا ربما بدون مقدِّمات.. فعندما قرأتُ بعض كتب سيد قطب (الأديب) لم أصدِّق أنَّ من كتب (أشواك) و(طفل من القرية) في شبابه بكل ما فيهما من اهتمامات هزيلة تشغل التافهين من علمانيي مصر وفاسقيها اليوم من أمثال علاء الأسواني هو من كتب (في ظلال القرآن) و(معالم في الطريق) و(المستقبل لهذا الدين)!!
بعد عام من استشهاد سيد قطب انعقد في نفس اليوم (29/8/1967م) مؤتمر القمَّة العربيَّة في الخرطوم الذي جمع الملك فيصل وعبد الناصر والملوك والرؤساء العرب!! قبل أقل من عام من استشهاد سيد قطب حلَّت بمصر أكبر هزيمة من العدو الصهيوني واجتمع زعماء العرب والمهزوم عبد الناصر في الخرطوم!!
في نفس اليوم الذي استشهد فيه سيد قطب (29/8) يُعتقل د. محمد البلتاجي رمز الثورة المصريَّة اليوم الذي سيكون إن شاء الله له دور كبير في مستقبل مصر فما أشبه الليلة بالبارحة!!
أخشى ما أخشاه أن يُعيد التاريخ نفسه ويحلّ بمصر ما حلَّ بها عام (1967م) من عقاب جرّاء فعلتها النكراء في تلك الأيام النحِسات التي قُتل فيها سيد وصحبُه الكرام فقد كان ما حدث في ميدان رابعة قبل أقل من شهر وما حدث قبلها وبعدها وحتى اليوم شنيعاً ربما لم تشهده مصر في تاريخها الطويل فقد كان فرعون موسى يقتل أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم أما فرعون مصر اليوم وعلمانيوها وجوقة إعلامها الفاجر فإنهم يقتلون رجال مصر ونساءها وأطفالها.
اللهمَّ الطف بمصر وبشعبها وانصر الحق والشرعيَّة واخذل الانقلابيين ومن شايعهم.[/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة