في تصريح لصحيفة (آخر لحظة) الغراء الصادرة يوم الخميس الماضي قال السيد صديق يوسف عضو مركزية الحزب الشيوعي إنه من الأهمية بمكان أن تلتزم الخرطوم وجوبا باتفاق وقف العدائيات وحل القضايا العالقة بعيدا عن لغة الحرب. وفي ذات السياق قال السيد محمد ضياء الدين الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي بأهمية قطع الطريق على المخطط الأمريكي الرامي لإشعال حرب بين الشمال والجنوب بهدف طرد الصين من إفريقيا. واقترح ضياء الدين عقد مؤتمر مائدة مستديرة لجميع القوى السياسية في الشمال والجنوب لحل القضايا العالقة بين البلدين.
لاشك أن مثل هذه التصريحات المنسوبة للمعارضة تمثل تطورا إيجابيا في نظرة المعارضة للمشكل السوداني، فالنظر لما يجري بين دولتي الجنوب والشمال على أنه انعكاس للصراع الأمريكي الصيني في القارة الإفريقية والذي أسماه السيد الصادق من قبل بالحرب الباردة الجديدة ينم عن فهم متطور ويستحق أن تؤجل من أجله الخلافات بين الحكومة والمعارضة، فمراعاة الإستراتيجيات الدولية التي لن ترجم الفرقاء المحليين جميعا أمر يمثل غاية بعد النظر . كما أن الدعوة للابتعاد عن شبح الحرب بين البلدين من جانب المعارضة أمر جدير بالاهتمام.
موقف المعارضة أعلاه ذكرنا بأيام اليسار القديم، ذلك اليسار المتربص بالمخططات الإمبريالية في المنطقة فقد شهدنا في الآونة الأخيرة أن اليسار في المنطقة العربية بدل وغير ترتيب أولوياته، فعوضا عن مقاومة الإمبريالية العالمية جعل الإطاحة بـ(الرجعيات) المحلية هو البند الأول ولا يستنكف في أن يتعاون مع الإمبريالية العالمية من أجل إسقاط الأنظمة المحلية، لا بل تخلى اليسار عن فكرة الصراع الطبقي وجعل تفسيره للتاريخ يقوم على الصراع بين قوى الاستنارة الديمقراطية والعلمانية وبين القوى الداعية لشكل من أشكال العلاقة بين الدين والدولة، ولعل هذا ما شكا منه الأستاذ محمد إبراهيم نقد عندما أبدى امتعاضه من توظيف المنظمات المدنية الغربية لكوادر حزبه.
في تصريح المعارضة أعلاه تحول كبير وعودة لليسار لنهجه القويم والقديم، فعلى الحكومة أن تقابله بتطوير موقفها هي الأخرى وتنظر للمعارضة كافة واليسارية خاصة نظرة موضوعية ولا تبخسها موقفها الوطني فقد تلاقت معها في عدم توريط بلدي السودان في حرب لخدمة المخطط الأمريكي العالمي كما التقت معها في الموقف من الصين ليس لأن للصين استثمارات في السودان وعلاقات متميزة مع سودان الإنقاذ الوطني، لا بل لأن بقاء الصين في إفريقيا أمر في غاية الأهمية بالنسبة للصين ولإفريقيا لأن انفراد الغرب بالساحة الإفريقية ستكون له عواقب وخيمة على كل القارة.
على حكومة الخرطوم أن توقف تصعير خدها وتكبرها على المعارضة وأن تعمل من أجل لم الشمل الوطني في مائدة مستديرة أو غيرها. عليها أن تقدم الأجندة الوطنية على الأجندة الحزبية فإذا ما تبلور موقف المعارضة أعلاه في موقف معلن ومفصل تكون المعارضة قد خطت خطوة كبيرة نحو الوفاق الوطني والدور والباقي على الحكومة.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]