الجبهة الثورية.. السعي لإبقاء الحركات خارج السلام

[JUSTIFY]لفت انتباهي خبر مفاده ان خلافاً نشب بين قيادات الجبهة الثورية وصل حد الملاسنات والاتهامات الصريحة الخلاف سببه اختفاء 40 مليون دولار من بنك جبال النوبة بجوبا يخص الجبهة الثورية وكان الاتهام موجهاً صراحة لشخص عبد العزيز الحلو اتهمته القيادات بالجبهة باختلاس المبلغ فما كان من الحلو إلا ان منح قيادات دارفور في حركة العدل والمساواة رتباً اعلي رشوة حتي يداروا فضيحته ولكن هذا الأمر آثار حفيظة أبناء النوبة ففروا مغاضبين الي كمبالا.

هذا الخبر يمكن ان نقراه من عدة جوانب أولاً ان مبدأ الاختلاس ليس مستغرباً لدي قيادات الجبهة الثورية فكثيراً ما نشبت خلافات تطورت الي توترات داخل الجبهة بسبب اتهام قياداتها باختلاس مبالغ وعادة تكون ضخمة فمن قبل اتهم ياسر عرمان باستيلائه علي مبالغ كبيرة من الدولارات منحتها الإدارة الأمريكية للجبهة الثورية عبر دولة الجنوب واذكر ان هذا الحدث أوقع خلافاً كبيراً بين قيادات الجبهة الثورية كاد يضع حداً لتواصل العلاقة بين الحركة الشعبية وقطاع الشمال لولا تدخل بعض الأطراف وتبع ذلك خلافات أخري علي ذات النمط..

علي الرغم من ان خلافات الاختلاسات متجذرة داخل الحركة الشعبية طالت أمينها العام باقان اموم وأظن ان الكثيرين يذكرون ذاك الحدث الذي كان بطله باقان باخلا سه مبلغاً ضخماً من الدولارات كانت قد ساهمت به الولايات المتحدة الأمريكية لبناء دولة الجنوب بعيد الانفصال وظلت تداعيات ذاك الحدث مستمرة وقتاً طويلاً حيث طالبت الإدارة الأمريكية بالتحقيق في اختفاء المبلغ هذا فيما يخص المبالغ التي ترد من الخارج أما الاختلاسات الداخلية فلا يسع المجال لحصرها وأشهرها ما قام به وزير مالية الجنوب كوستي مانيبي ووزير مجلس الوزراء دينق الور حيث اصدر سلفا كير رئيس حكومة الجنوب قراراً بإعفائهما ورفع الحصانة عنهما لتورطهما باختلاس مبالغ من المال.

ثانيا فإن مآلات الحدث اختلاس الحلو يتوقع ان تترتب عليه تبعات أخري فما أقدم عليه الحلو بترفيع قيادات بحركة العدل والمساواة الذي أثار غضبه قيادات جبال النوبة سيفاقم الأزمة بشكل اكبر فالقيادات التي غضبت من فعلة الحلو لن تترك الأمر يمر مرور الكرام خاصة وإنها اتجهت صوب كمبالا التي تنطلق منها عادة شرارة التمرد فربما تمردت هذه القيادات وأعلنت عن انشقاقها وخرجت عن طوع الحلو والجبهة الثورية وهذا ديدن الحركات المسلحة التي ظلت تنقسم وتتشظي لكثرة خلافاتها واختلافاتها التي هي في الأصل الحرص علي الوصول الي الأهداف الشخصية بما يعني ان تمرد الحركات ليس لأجل قضية المواطن الدارفوري كما تدعي تلك الحركات بل لأغراض ذاتية يكشفها الواقع وتدعمها الحقائق.

ثالثاً ان رجل الدعم الذي يأتي الي الجبهة الثورية فيما يبدو تتقاسمه قياداتها الشاهد في ذلك كثرة الصراعات التي تحدث بين الفينة والأخرى بسبب اختفاء بعض المبالغ ويلاحظ ان المبالغ التي تختفي هي مبالغ كبيرة وفي الغالب تتسرب الي جيوب القيادات النافذة مما يثير الحنق والغضب وسط العناصر الضعيفة أو المستضعفة لذا ففي كثير من الأحيان تختار طريق الانشقاق فتنضم الي فصيل آخر أو تهرب الي معقل التمرد لتجد دعماً آخر وتكون حركة منفردة حينما يقوي عودها.

وهكذا تظل قضية دارفور تدور حول فلك المصالح الذاتية للحركات المسلحة وقياداتها التي لا ترغب في وضع حلول جذرية لها طالما إنها تقبض الدولارات.

وبعضها يعيش في ارقي الفنادق خارج السودان ولكن فيما يبدو ان نهاية هذا العبث ستكون قريبة طالما ان الدولة وعلي ارفع مستوياتها تعكف الآن علي إعداد إستراتيجية شاملة لحسم قضية دارفور والتعامل مع الصراعات القبلية والوضع الأمني بدارفور ويبدو ان الأيام القادمات ستشهد مصالحات قبلية وستبذل جهود كبيرة لاستقرار الإقليم الذي أنهكته صراعات بني جلدته فهم من أشعلوها حتى كادت تحرق الإقليم بأكمله حينما سعوا لتدويل القضية فالتقطتها الدول الغربية التي لها أجندات لتقسيم السودان وأغدقت الدعم السخي لمن لديهم أغراض دنيئة فأصبحت قضية دارفور اخطر القضايا التي رمت علي السودان..

أتوقع ان الإستراتيجية التي يعكف الرئيس نفسه علي وضعها ستكون نهاية حتمية لازمة دارفور فقد بدأت بالفعل عقد الأزمة فما يؤجج القضية هي المشكلات القبلية واليت تستند إليها الحركات المسلحة وتستخدمها في تأزيم المشكلة أيضاً هناك مساعي لضم الحركات المسلحة لركب السلام واليت يرعاها رئيس بعثة اليونميد محمد بن شبماس وربما تسفر الأسابيع القادمة عن نتائج ايجابية لهذه الجهود التي لا تبعد عنها الوساطة القطرية وهي لم الوا جهداً لحث الحركات المسلحة للانضمام الي منبر الدوحة التفاوضي..

ربما يكون وصول وفد حركة العدل والمساواة للخرطوم بغرض بحث كيفية تنفيذ مصفوفة الاتفاق واحدة من ثمرات هذه الجهود بجانب ان الحركات الأخرى أبدت اهتمامها لخطوة رئيس بعثة اليونميد ومساعيها لإحلال السلام بدارفور ويبقي الأهم منذ ذلك ان تلتزم هذه الحركات بما اعلنته وان تأتي للسلام بعقل وقلب مفتوحين بعيداً عن تكتيكات الحرب والغدر والخيانة حتي لا يتكرر سيناريو قتل القيادات الموقعة علي السلام… عودة الحركات الي السلام سيفقد الجبهة الثورية مبالغ طائلة من الدولارات لذلك ربما تسعي لإطالة بقاء الحركات خارج حلبة السلام..

صحيفة الرأي العام
د. سامية علي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version