دارفور .. قطار السلام يستأنف رحلته ..!!

[JUSTIFY]تصالحات قبلية عديدة أكدها وزير الدولة برئاسة الجمهورية السودانية الدكتور أمين حسن عمر، وقال انها ستنطلق قريبا بمبادرة من رئيس الجمهورية وفق استراتيجية شاملة لتحقيق السلام والاستقرار فى دارفور.

وفى الأثناء ذاتها وصل الخرطوم وفد المقدمة لحركة العدل والمساواة الموقعة على وثيقة الدوحة والتى انشقت عن قيادة جبريل ، لبحث تنفيذ مصفوفة الاتفاق مع الحكومة والتى تشتمل على الترتيبات السياسية والامنية، فيما خلصت الاجتماعات التشاورية فى أروشا بدولة تنزانيا فى الفترة «22 – 27» أغسطس والتى تشارك فيها الحكومة السودانية ووفود من حركتي العدل والمساواة جناح جبريل ابراهيم وحركة تحرير السودان جناح مناوى من حركات دارفور الرافضة لاتفاق الدوحة بدعوة من الوسيط المشترك للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة محمد بن شمباس رئيس بعثة اليوناميد في دارفور ، وبمساعدة الاتحاد الافريقي ، الأمم المتحدة ، الاتحاد الاوروبي ، الجامعة العربية وسفراء بريطانيا وكندا والنرويج والولايات المتحدة الاميركية وتنزانيا كمراقبين ، خرج الاجتماع ببيان مشترك تمسكت فيه الحركات المسلحة بتحالف الجبهة الثورية منبرا سياسيا مشتركا بغية الوصول الى تسوية سياسية في دارفور وفق وثيقة الدوحة مع وضع الحل الشامل لمشاكل السودان فى الاعتبار والالتزام بوحدة السودان مع مراعاة البعد الديني والتنوع الثقافي ، وأكد الاجتماع ان ذات المشاورات بين هذه الحركات والمجتمع الدولى سيتم تداولها خلال ستين يوما للمزيد من النتائج .

الخطوات مجتمعة كما وصفها الخبير الدولى الدكتور حسين كرشوم تؤكد عمليا فصل مشكلة دارفور عن قضية المنطقتين والتى حدد لها منبر أديس أبابا حسب القرار الأممى «2046» ، وتؤكد ابعاد الحركة الشعبية «قطاع الشمال» عن تحالف الجبهة الثورية فيما رفض الوسيط بن شمباس مشاركتها فى أروشا ولو بصفة مراقب، قائلا ان اجتماعات أروشا خاصة بمناقشة وثيقة الدوحة ،الا ان ما ستواجهه العملية السلمية من تحديات كما ذهب اليه مراقبون رفض عبد الواحد نور الجلوس فى اي منبر تفاوضى حتى الآن لاحلال السلام فى دارفور ، الا ان نور ذاته رفض المشاركة فى أروشا بسبب الدعوة التى وجهت اليه كاحدى حركات دارفور وليس تحالف الجبهة الثورية، فيما يعتبر المحلل السياسى صلاح الدومه ان ما توصل اليه اتفاق أروشا لا يحل القضية فى دارفور بل سيؤدى لتمويهها ،ويقول الدومه فى حديثه لـ«الصحافة» ان ذلك سيؤدى لمزيد من التشظى وسط هذه الحركات واضعافها بالتفكك فى ظل ضغوط المجتمع الدولى فى ظل الكثير من المتغيرات الاقليمية والدولية .

على صعيد متصل تبدو الاوضاع الأمنية والاجتماعية ذاتها فى دارفور قد تطورت ووصلت لمرحلة من المأساة وفى أسوأ حالاتها ليست بفعل الحركات المسلحة التى تحارب الحكومة هناك للوصول الى سدة الحكم فى الخرطوم لوحدها ، ولكن أيضا بسبب الانشطار الأميبى لهذه الحركات المسلحة لأكثر من «50» حركة والتناحر فيما بينها ،وكذلك بسبب الاقتتال الذى أصبح يدور بين مكونات دارفور المجتمعية والأهلية بسبب الحواكير وغيرها من جهة أخرى ، حتى وصل الحال لاوضاع مقلقة للجميع كادت ان تذهب بالسودان بلا عودة ، الا ان الاوضاع ذاتها شكلت ازعاجا لدى قيادة الدولة ولكنها كما اتسمت بقدر من الأمل والتفاؤل لدى البعض ،اتسمت أيضا بقدر آخر من البؤس والانشفاق والتشاؤم لدى أهل دارفور بسبب صراع قياداتها فيما بينهم ليس على مستوى التيارات السياسية المختلفة فحسب بل حتى فى داخل بطن البيت الواحد حسب مسؤولين حكوميين .

فيما شكل وصول وفد مقدمة حركة العدل والمساواة الموقعة على وثيقة الدوحة الخرطوم بقيادة التوم سليمان رئيس الوفد ونائبه نهارعثمان نهار وصبرى بخيت الضو مقررا و«32» من قيادات الحركة بارقة أمل وبؤرة ضوء فى نفق السلام المظلم ، فيما أكدت ذات القيادات ان مهمة الوفد تأتى فى اطار الترتيب لزيارة رئيس الحركة بخيت عبد الكريم دبجو للخرطوم خلال «3 – 4» أسابيع عقب انتخابه خلفا لقائدها محمد بشر بالاضافة الى الترتيب لجداول تنفيذ الاتفاق وعقد لقاءات مع بعض الاحزاب وممثلى البعثات الدبلوماسية ومجموعة من مناصرى الحركة فى اطار سعى الحركة لان تتحول الي حزب سياسي ،وتؤكد الحركة بانها قد تجاوزت محنتها وكفكفت دموعها وطوت صفحة تلك الأحزان المؤلمة التى دفعت فيها مهرا غاليا راح ضحيته قائدها محمد بشر ونائبه اركو ضحية و«28» من قياداتها مابين أسير وقتيل و«9» من الاصابات البالغة المختلفة ، رغم ما ألم بها من مرارات وأحداث مؤسفة رواها نهار باعتباره شاهدا وأحد الناجين من الحادثة قائلا ان الوفد كان قد وصل تشاد ومكونا من «60» عضوا سار الوفد قاصدا الحدود السودانية مناطق تواجد قواتهم فى «5» سيارات تم تأجيرها تجاريا من تشاد وكل ما يمتلكونه من تسليح «3» قطع كلاشنكوف وانضم اليهم مسؤول الأمن فى الطينة التشادية بسيارته الخاصة ، فجأة داهمتهم «60» سيارة مسلحة بمدافع وراجمات ودوشكات وآربجيهات ورشاشات مختلفة وهم فى فترة استراحة «40» كيلومتر داخل تشاد حسب نهار فأطلقت مجموعة جبريل الارهابية حسب نهار نيرانا مكثفة عليهم أدت لمقتل قائد الحركة ونائبه وحراسهم ومسؤول الأمن التشادى وآخرين واقتادوا الأسرى ،الا ان وصول وفد المقدمة وتأكيده على ان الحركة تسعى لان تتحول لحزب سياسى يعتبر فى حد ذاته مؤشرا ايجابيا يؤكد ان الوقت قد آن لطى صفحة الحرب .

الا ان تلك الدموع التى تغلبت على نهار وانسكبت مدرارا يأمل لها أهل دارفور ان تكون آخر دموع تسكب فى أتون الحرب التى كانت نتيجتها فرار أكثر من «2» مليون نازح واحتماؤهم داخل أكثر من «مائة» معسكر ، اكد رئيس الوفد التوم سليمان محمد، جدية حركة العدل والمساواة لتنفيذ اتفاق الدوحة قائلا ان الاتفاقية ماضية بجدية الحكومة والحركة وانها تعبر عن ارادة اهل دارفور، مؤكدا بان الحركة انتهجت نهجا جديدا للسلام يساعد بطريقة علمية على تأمين مسارات العودة الطوعية من المعسكرات وحسم المتفلتين لتمهيد الطريق لسلام عادل وشامل، مبينا ان الوثيقة تناولت الملف الاقتصادى والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء والقضايا الحيوية التى يمكن ان تدفع العملية السلمية الى الامام ، فيما أكد وزير الدولة دخول اتفاق السلام الموقع حيز التنفيذ بوصول وفد المقدمة، عازيا البطء لتلك الأحداث المؤسفة التى أدت لاغتيال عدد من قادة الحركة على أيدي أعداء السلام حسب وصفه،وأكد عمر، ان وثيقة الدوحة هي القاعدة الأساسية لكل اتفاقيات السلام التي تحفظ حقوق أهل دارفور، فيما اوضح صبرى من جانبه ان الحركة دعت لقيام المحكمة الخاصة التى شكلت فى الدوحة لاداء دورها فى قضية العدالة والمصالحات، داعيا الى دعم الادارات الاهلية لاداء دورها، ومضيفا ان الاتفاقية تناولت ملف حقوق الانسان والملف السياسى وملف الترتيبات الامنية، مؤكدا أيضا ان الاتفاقية ستساعد فى تحقيق الاستقرار بتنسيق وتعاون مع الحكومة من اجل تحقيق سلام دارفور، وان الترتيبات الامنية أساس نجاح أي اتفاق .

ولكن هل فعلا ان وثيقة الدوحة تستطيع ان تستوعب تطلعات الحركات التى لا زالت ترفض التوقيع عليها ؟ اكد صبرى الضو بخيت عضو الوفد ان وثيقة الدوحة تعتبر اساسا جيدا واطارا جامعا لحل قضية دارفور لانها خاطبت كل القضايا الاساسية المتعلقة بالنزاع فى دارفور ، فيما أكد نهار من جانبه انهم فى الحركة ليسوا متمسكين بمنصب او جاه بل انهم على استعداد للتضحية من أجل السلام ،الا ان ابراهيم مادبو القيادى بالتحرير والعدالة أكد استعدادهم للتخلى عن مواقعهم لصالح العملية السلمية ،الا ان ذات العبارات والتأكيدات أطلقها من قبل رئيس السلطة الاقليمية الدكتور التجانى السيسي والسلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين رئيس المجلس التشريعى للسلطة .

فيما تقول قيادات سياسية من دارفور فى حديثها لـ«الصحافة» انها تأمل لان يكون الاتفاق الأخيرعلى قومية قضايا الحكم والدستور والسلام والذى تمخض من خلال لقاء جمع بين رئيس الجمهورية المشير البشير وامام الانصار الصادق المهدى آخر رئيس مجلس وزراء الديمقراطية فى السودان بارقة أمل لحلحلة قضايا السودان ، وان تكون كذلك ختام فعاليات أروشا ووصول وفد مقدمة العدل والمساواة الموقعة الانطلاقة الفعلية لتنفيذ وثيقة الدوحة للسلام فى دارفور،وان تكون الأحداث المسلحة الأخيرة مجهولة الهوية بشرق دارفور والتى أدت لمقتل واحتجاز «8» من موظفى اللجنة الدولية للصليب الاحمر،وأحداث سرف عمرة بولاية شمال دارفور آخر شرارة وآخر الأحداث بدارفور لتنطلق التصالحات ويسود الأمن والاستقرار المنطقة وتكون البداية الفعلية لتحرك قطار السلام فى دارفور.

نقلا عن صحيفة الصحافة
ابراهيم عربى

[/JUSTIFY]
Exit mobile version