رتبنا لحوار مع د. الجاز، وجاء القرار بالموافقة سريعاً من جانبه.. التقيناه في وزارته وفي المكان الذي يخصصه دائماً لإجراء الحوارات، وقبل أن ندير جهاز التسجيل طلب معرفة الأسئلة فأطلعناه أن الحوار ذو شقين، الأول يتعلق بالنفط وتدفق بترول الجنوب عبر أنابيب الشمال، وجانب آخر يتعلق بالسياسة، ولكنه أمن على الجانب الأول باعتباره يدخل في دائرة اختصاصه، أما الجانب السياسي فقال إن هناك من هم أقدر على الإجابة عن الأسئلة التي طرحنا جانباً منها، ولكنه وافق على الحديث في كل ما يتعلق بالنفط بين الشمال والجنوب، وكم وصل إنتاج الشمال مقارنة مع الفترة الماضية، وهل زيارة رئيس حكومة الجنوب “سلفا كير” لها علاقة بعملية النفط وما هي الشركات العاملة الآن مع نفط الشمال، وما هي المربعات الجديدة التي تم اكتشافها عقب انفصال الجنوب، وكيف تتم معالجة مشكلة أزمة البترول والغاز التي بدأت تظهر على السطح.. هذا بالإضافة إلى العديد من الأسئلة.. فلنترك القارئ مع الجزء الأول من حوارنا مع الدكتور “عوض أحمد الجاز” وزير النفط الذي حضرته الأستاذة “شادية عربي” مسؤول الإعلام بالوزارة.
} بالنسبة لشح الجازولين هناك إحساس عام بوجود أزمة؟
– وين المشكلة؟ إحساس الإعلاميين دا…
} مقاطعة.. ليس مجرد إحساس أنا أتحدث عن مشاهدات واقعية من المواقف؟
– هل في مشاهداتك وجدت شخصاً في محطة أراد أن يعبئ سيارته ولم يجد جازولين، بل أقول أي محل فيه زراعة قمنا بتوفير احتياجه كاملاً، وقلت لكم المخزون أحسن من أي وقت.
} إذن هناك مشكلة في جهة ما؟
– من هنا أقول لكم إن الإعلام يجب أن يكون شريكاً وليس ناقلاً، لأن من ينقل يكتب أي كلام، ولأهمية البترول وضرورته وأثره نرجو أن يكون الإعلامي شريكاً من خلال استماعه للكلام، ومن ثم التحري عنه، وبعد ذلك يكتب، وهذا سينفعنا وينفع مصداقية الإعلام ويعين الناس على الأداء الأفضل.
} هل للحكومة علم بكل ما يتم في هذا المجال؟
– هذا الموضوع تقوم به الحكومة، وهي تعلم استهلاك البلد سواء كان في وقت الزراعة أو في الأوقات الأخرى، والدولة بما لديها من مخزون بترول سواء كان على مستوى الجازولين أو البنزين أو غاز الطائرات وضعها مريح والحمد الله، وإذا كانت هناك مشكلة محددة لسبب محدد لا ينبغي أن ندين كل الدنيا بأن هناك أزمة، لأن مثل هذا الكلام يستفيد منه صاحب الغرض الذي يريد أن يقول هناك أزمة ليربح أو يرفع الأسعار.
} هناك حديث عن اقتراب إعلان رفع الدعم عن المحروقات بعد إجازته في الأجهزة التنظيمية للحزب الحاكم وربما التنفيذية.. ما قولكم؟
– أية جهة لديها اختصاص محدد، فإدارة المال وميزانيتها تحت إدارة وزارة المالية، لكن أؤكد أن الدولة تقدم دعماً كبيراً، مثلا أنبوبة الغاز المستوردة من الخارج تكلف حوالي (90) ألف جنيه حسب الأسعار العالمية، وهناك فرق بين سعرها في الخارج والسعر المحلي. لذلك المواطن يجب أن يعلم أن الدولة تقدم له دعماً كبيراً.
} والبنزين؟
– كذلك الحال بالنسبة للبنزين، هناك فرق بين سعر جالون البنزين في الخارج وسعر الدولة، الإعلامي لديه فرصة للتحري عن الأسعار حتى لا يسمع من طرف واحد، ويعتقد أن الدولة تقوم بإخفاء بعض المعلومات، والمعلومات متوفرة.. (شوفوا الأسعار عندنا كم وفي جوارنا كم).
} لكن الدولة ينبغي أن تدعم مواطنها؟
– الدولة توازن بين (سد الفرقات) الرسمية وبين إذا كان الدعم يمضي بطريقة عادلة، لأنه يستفيد منه الغني والفقير، ومن يدير دفة المال يوازن على أساس (أن يشيل القوي الضعيف والغني يشيل الفقير)، وهذا جزء من إدارة المال، فلابد أن تتم المعالجة وفق مقدرات الناس وحاجتهم.
} هناك معلومات تتحدث عن أن وزارة النفط قامت عملياً برفع الدعم عن بعض الشركات الأجنبية والمحلية التابعة لها؟
– كل الشركات تعبئ عرباتها الآن بالسعر الموجود في الطلمبات (جائز ناس المالية قدروا أن يبيعوا لبعض الشركات الأجنبية الشغالة بالعملة حرة بي كدا) لكن الدولة لم تغير سعرها.
} قيل كلما حدث قصور في الميزانية اتجهتم إلى رفع الدعم عن المحروقات باعتبار أنه أكثر استهلاكاً كما أنه مادة ناضبة؟
– من الأفضل سماع الحقائق من أهل الشأن، لأنه لا توجد علاقة بين رفع الدعم ونضوب البترول، فالحديث عن أن البترول مادة ناضبة أعتقد هذه قضية فنية، أما الحديث عن رفع الدعم فأعتقد أنكم ستجدون فرصة لتسألوا أهل الشأن والجهات المختصة.
} هناك شواهد بترولية في منطقة شندي.. إلى أين وصلت جهودكم؟
– هذه المنطقة تشمل مربعي (9 و11) وتعمل فيهما المجموعة البرازيلية، وهناك شواهد من حيث التراتيب، لكننا محتاجون إلى تقنية حتى نصل إلى المسألة التجارية.
} ماذا عن منطقة شمال الجزيرة (أبو جن)؟
– هذه كلها داخلة في مربع (9)، وجوارها مربع (10).
} ما تقييمك للوضع إذا اتخذ جنوب السودان خيار إنشاء خط بديل؟
– هذا شأنهم.. كل إنسان في دولته يفعل ما يريد، لكن نسأل الله أن تمضي العلاقات إلى الأمام. وتكلفة الخط ليست بالأمر السهل، لكن القرار سيكون قرار الدولة، إذا شاءوا تطبيق الاتفاقية معنا فمرحباً، وإذا أرادوا بناء شيء وحدهم سيكون هذا قرارهم، (فأنت لا يمكن أن تقول لشخص ما تعمل حاجة في بلدك) لكن إذا أردت عمل شيء فلابد من دراسات.
} نود أن نعرف نصيب السودان من بترول الجنوب؟
– في مجملها (25) دولاراً للبرميل العابر من الجنوب، هذا ما حددته اتفاقية أديس أبابا.
} كم بلغ نصيب السودان حتى الآن؟
– السودان حصل على (25) دولاراً بعدد البراميل التي صُدرت.
} هناك حديث عن أن الحكومة بددت عائد البترول في مشاريع ليست من اهتمامات المواطن.. ما تعليقكم؟
– أنتم عاصرتم هذه الحكاية منذ البداية، وعارفين أحوال البلد أين كانت وأين هي اليوم ومافي شخص أعطاها (فلوس) مجان ولا هبة ولا منحة، وإنما استغلت مواردها وبنت بطريقتها سواءً في الطرق أو السدود أو المستشفيات أو الجامعات.. هذا لا يحتاج إلى مغالطات.. أنتم عايشتم هذا الأمر، لكن إذا كان هناك شخص لديه شواهد على إنسان استغل البترول لنفسه أو أعطاه لمحاسيبه، فهذا لن يخفى على أحد وسيكون معروفاً.
} ما ردكم على الحديث عن عدم تقديركم للأولويات؟
– الأولويات تأتي حسب الظرف الموجود، فأولويات الأمس ليست هي أولويات اليوم أو الغد. وبناءً على هذا، الناس مدركون للأولويات التي يمكن أن يتم فيها الاستثمار للمصلحة في المستقبل.
} معروف أن الحكومة قبل ذلك ركزت على التنقيب عن البترول في الجنوب والمناطق غير الآمنة وذهب الجنوب ومعه جزء كبير من البترول.. هل غيرتم الآن هذه الإستراتيجية؟
– (مُش التركيز على آمنة وغير آمنة)، الحكومة تقدم المعلومات للمستثمر لأنه هو من يتحمل المسؤولية، فإذا دخل في أي مجال ولم يستطع الوصول إلى اكتشافات تجارية يتحمل مسؤولية ما قام بصرفه، لذلك الحكومة لا تقول له اذهب إلى هذا المكان، وإنما تيسر المعلومة وهو يأخذها ويحللها والخيار متروك له في أن يذهب إلى المنطقة الوعرة أو السهلة، وهو مسؤول عن المخاطر الأولى، لكن الدولة تريد الاستثمار في كل الأراضي، صحيح هناك مناطق قد تكون بها مشاكل أمنية لكن هناك ناس أنفقوا الجزء الأول بعمل المسوحات على أساس هناك بترول في هذه المنطقة، والإنسان أحياناً يغامر بنفسه أكثر مما يغامر بماله، والخيار للمستثمر وليس الدولة.
} لكن لم يكن هناك توازن في التنقيب إلى أن فوجئت الدولة بالانفصال وذهبت معه كمية كبيرة من البترول؟
– الدولة كانت تعمل على أساس أن البلد موحدة، وكان الخيار الآخر مطروح للجنوبيين والدولة احترمت رأيهم.. لا أعتقد أن الدولة تفاجأت.
} على الأقل لم تكن هناك خطة إستراتيجية؟
– الدولة كان جزءاً من قرارها عدم إبقاء الناس بالبندقية للأبد، وإنما توقيع اتفاقية سلام، والناس إذا شاءوا أن يبقوا في دولة موحدة فمرحباً وإذا لم يشاءوا فليذهبوا من هذا الباب، والمبدأ كان ترجيح خيار الوحدة والسلام وبذل كل الجهود، لكن القرار كان من حق الطرف الثاني في أن يبقى معنا أو يذهب.
} ما هي الشركات الجديدة العاملة في البترول سراً أو علناً؟
– البترول ليس فيه (سر) حتى لا تقولوا “عوض الجاز” أخفى علينا شيئاً، لأن الشخص الذي يتقدم لهذا العمل تقدم له المعلومات ويسافر ويعمل (مافي زول بتغطى بطرفك عشان تقول شغال سراً)، لذلك الشركات الأمريكية منذ البداية كانت لديها رغبة شديدة وجاءت لكن خرجت بسبب سياسة بلدهم. فنحن لم نقاطع أمريكا لكن هي التي قاطعت السودان، وعلى كيفها، نحن من يأتنا وفق سياستنا وإرادتنا وعلاقاتنا مرحباً به، لذلك نحن لم نحظر جهة، لكن قانون المقاطعة الأمريكي كان السبب فيما حدث.
} هذا يعني أن الشركات لم تصلكم أصلاً؟
– نعم لم تأت بسبب أنها ممنوعة بالمقاطعة التي فرضتها حكومتهم.
} سيادة الوزير قبل ذلك قمتم بتحديد أسقف للإنتاج قلتم ستصلونها في نهاية العام الحالي؟
– نحن شغالين على ذلك، واتركيها حتى نصل نهاية العام.
} هل اقتربتم الآن من هذا السقف؟
– إن شاء الله.
} عدم ظهور “الجاز” في الإعلام المقروء دعا الناس للسؤال هل هذه المسألة خاصة بالسيد الوزير أم بطبيعة عمله؟
– لم يمر يوم من الأيام دون أن يظهر خبرنا أو صورتنا في الإعلام.
} خبر وليس لقاء؟
– في النهاية جهدنا معلوم لكم، لم نختف من الإعلام ووجودنا كذلك لا يعني أننا نريد الظهور في الإعلام، وإنما يعني أننا نريد قول المفيد لأهلنا من باب مسؤوليتنا.
} البترول كل يوم فيه جديد.. أليس كذلك؟
– (عشان تخرج للإعلام لابد أن تكون هناك حاجة مفيدة)، الحكي الذي لا ينبني عليه عمل ضياع للوقت، للإعلامي والمسؤول، لذلك أكرر أن الشركة بيننا لابد أن نتفق فيها على تقديم المفيد، وعملنا أفضل من يتحدث عنا لأنه من السهل الحديث عن الأماني، والقول أننا سنعمل ونبني، لكن العبرة هل أنت حقاً تقدم شيئا مفيداً أم لا.
} الناس يتحدثون عن ثراء الوزير “عوض الجاز”.. فما ردك؟
– أقول، الإنسان مهما عاش في هذه الدنيا النهاية معروفة، إلى التراب، وستجد الحساب العسير عند الذي لا يغش، وستجد الحسنات والسيئات مكتوبة، وأرجو أن نكون مستشعرين لذلك بأن الحكاية نهايتها التراب، بنيت لمن؟ للورّاث؟ للاختلاف حولها؟!
أنت محتاج تنجي نفسك في البداية، وهذا ما يجب أن نضعه نصب أعيننا مهما كنت من صحة وجاه وسلطان، النهاية التراب، وطبعاً المكايدة لم يسلم منها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قيل فيه ما قيل، ونحن لا نشبهه، وهذه طبائع البشر وأصلاً (من يريد أن يقول فيك بيقول)، وأرجو أن يكون الشخص ظاهراً ومكشوفاً للناس، والحمد الله أنا جئت إلى الحكومة من منزلي ولم أسكن في بيت حكومة، الشخص لا يريد أن يمتن على شخص آخر، نرجو أن نكون جئنا لخدمة شعبنا وبلدنا من هذا الباب.
} كذلك هناك رأي عام متفق عليه حول سيطرة (الشايقية) على وزارة النفط؟
– هذا الكلام قيل من قبل واضطررنا أن نذهب للبرلمان، وقلت وقتها أحسن نأتي بالرجال والنساء لكتابة قبائلهم لأن أسوأ حاجة أن يعمل الإنسان لمحاسيبه، والحمد الله كتبنا ووجدنا أقل الناس انتماءً إلى الوزارة من سميتهم (شايقية)، وبموجبها كانت النفط الوزارة الوحيدة التي كرمها البرلمان.
} برأيك ما مصدر هذا الاتهام؟
– هناك أناس استغلوا أشياء غير صحيحة، حيث كانت هناك مشاكل في مناطق البترول بين الدينكا والمسيرية والنوير، (ناس السُكيرتي قالوا عشان نقسم الحكاية بينكم أعملوا فورم) وأصحاب القلوب المريضة اعتقدوا أن هذا يتم للاستعانة به في تعيين الناس وأنا كنت وقتها عينت شخصين لمصفاة (الأبيض) و(أبو جابرة) والحمد لله كانا من المكان الذي جاء أهله ليتحدثوا بهذا الحديث.
} هل زرت أهالي دائرتك الذين غمرتهم مياه السيول؟
– زرت الدائرة من أولها إلى آخرها ووجدت أن هناك بعض الأماكن تأثرت بالسيول.
} أخيراً.. ماذا تريد أن تقول لشعبك إن كانت هناك بشارات؟
– نسأل الله أن نكون خداماً لأهلنا، ونرى بلدنا في رفعة ووفاق وأمن واستقرار، وسنبذل أقصى الجهد في مجال النفط بالعمل المتواصل ليل نهار فيما نستقبل من قادم الأيام من أجلهم، وأمنياتنا أن يعود النفط أفضل مما كان عليه بعون الله تعالى وإخلاص المخلصين والجهد والمثابرة، وإن شاء الله يكون النفط هو المورد الرئيسي لخزينة الدولة؟
} هل كتبت إبراء ذمة؟
– كتبناه منذ أول يوم جئنا فيه الحكومة وظللنا نجدده كل عام، وموجود لدى أهل الاختصاص.
} عندك كم بيت؟
– لدي بيت ويسكن معي أولادي وبناتي المتزوجات، وشيدته قبل دخولي الحكومة، والأبناء قاموا بعمل بعض الإضافات.
حوار: صلاح حبيب , فاطمة مبارك: صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]