واشتهر الزي المكون من «الجلابية» البيضاء والعمة بالزي السوداني في عمومه، على أن البعض أدخلوا عليه «الملفحة» أو الشال في عهود لاحقة وابتعد أهل السودان عن استعمال «الطربوش» التركي أو البنطلون والبدلة كزي قومي على أنهم استعملوا الملابس الأفرنجية «يونيفورم» للعمل الرسمي في المدارس والمكاتب متشبهين في ذلك أو مطيعين لرؤسائهم في هيكل الدولة القائم أيام الاستعمار البريطاني.
ومن المؤكد أن «الملفحة» و«العمة» التي تأخذ نفس اللون الأبيض وتحمل نفس النقوش قد دخلت بعد الإنقاذ وصارت هي الأخرى زياً قومياً مميِّزاً للسودانيين بين مواطني الدول الأخرى.
ومؤخراً جداً ظهر الرئيس البشير بـ«الصديري» الخاص بأهل شرق السودان ومناطق الوسط كجزء من الزي القومي مضافاً إلى الجلابية البيضاء والعمَّة على الرغم من تبادل «العباية» مع الصديري في بعض المناسبات.. ولعل أشهر اللبسات للسيد الرئيس تلك التي ظهر بها عند زيارته للدوحة مباشرة في أعقاب صدور قرار المحكمة الجنائية بيوم أو يومين، وكان اعتقاد البعض أن الرئيس قد لا يتمكن من إنفاذ الزيارة بسبب قرار أوكامبو أو بسبب خوف الدول المضيفة من استقباله.
على كل حال كانت هذه المقدمة ضرورية لأحكي عن تجربتي الشخصية مع العمة والجلابية و«الصديري» عند زيارتي لبعض العواصم الأجنبية والعواصم الخليجية والتي فوجئت بأن الكثيرين من الذين أدخل عليهم سواء في المعارض التي نقيمها أو المتاجر التي ندخلها ينادونني بالصوت العالي قائلين «عمر البشير يا زول».. وفي هذا النداء الكثير من الإطراء للسودانيين لتميُّزهم بهذا الزي من ناحية، والذي يذكِّر كثيراً من أهل الدول العربية بمواقف السودان «الصلبة» من ناحية والمواقف الشخصيَّة للرئيس البشير القويَّة من ناحية أخرى.. وبالطبع كان من أكثر الجنسيات نداءً بمقولة «عمر البشير يا زول» لكل سوداني، إخواننا الأتراك واليمنيون والتوانسة والجزائريون.
وبيني وبينكم فقد أطربني هذا النداء وجعلني «أدخل في الدور» وأمارس نوعاً من «الشوفينية» المكتسبة. ويبقى أن نقول إن الزي القومي لا بد أن يظل حاضراً عند حكامنا من المسؤولين والوزراء خاصة عندما يذهبون لزيارة الدول «الشقيقة» أو حتى الدول «الشقية». فالزي القومي يعبِّر عن الأصالة والانتماء والحفاظ على التراث ولن يكون الوزير الذي يرتدي البدلة و«الكرافتة» أكثر أناقة من الذي يرتدي الزي القومي.. وقد سمعت إحدى السيدات وهي تطري على أحد المسؤولين عندما رأته يلبس الجلابية والعمة وهو صغير السن «نسبياً» فقالت «يا حلاتو». ثم إننا لا نرى ما يمنع من «الاتفاق» على أن يكون الزي القومي هو ما يجب أن يرتديه كبار المسؤولين وهم يقومون بالزيارات للدول الأجنبية أو يعقدون المؤتمرات الدولية. وعلى الأقل فإن من يرتدي الزي القومي سيجد عبارات الإعجاب والإشادة من مواطني بعض الدول العربية بعد الربيع العربي وقد يسمع إلى من يناديه قائلاً: «عمر البشير يا زول؟!» وهذا قد يكفي لأن يجعله «يقدل» هذا إذا لم يعرض «صقريَّة».. مع ملاحظة أنه لن يستمع إلى أي اطراء من منسوبي جمهوريَّة مصر العربيَّة لأنَّهم مع الأسف قد خرجوا من منظومة الربيع العربي ودخلوا مرة أخرى في «كستبانة» عهود الظلام وقهر البلطجيَّة والشبِّيحة وودعوا الديمقراطيَّة التي لم يتذوقوها إلا خلال ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً مع الرئيس مرسي عادوا بعدها إلى عهد فرعون وهامان وانتظاراً لمنقذ في قامة سيدنا موسى على أمل أن يتمكَّن من إغراق فرعون ورهطه في البحر.
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]