ويتذكر العديد من المراقبين انه وحين أشيع قبل أشهر مجرد إشاعة أن الصين تقدم منحة للمؤتمر الوطني لبناء داره على أحدث طراز كيف قامت الدنيا ولم تقعد إلا حين نفت السفارة الصينية فى الخرطوم بقدر غير قليل من الدهشة الخبر جملة وتفصيلاً وذلك ببساطة لأنه لم يحدث.
ولكن الأمر الغريب أن ذات الذين رفعوا عقيرتهم بالحديث العالي عن تلك المنحة المزعومة عادوا الآن ليلتزموا الصمت بل ويقبلوا وهم فرحين إهداءات هولندا لهم لسيارات فارهة! والأكثر غرابة أن من بين الذين تسلّموا سياراتهم الفارهة ماركة (برادو) قادة حزبيين من أحزاب كانت ولا تزال تباهي بالظهور بمظهر التقشف والبساطة و (نضال الطبقة العاملة).
فكما ثبت فإن من بين المحظوظات (هالة عبد الحليم) والأكثر إثارة للغرابة أن (التوقيت) كان قاتلاً ففي ذات لحظة تسليمهم السيارات كانت أرتال من المواطنين السودانيين تكابد أزمة السيول والفيضانات فى أماكن عديدة من السودان.
وثالثة الأثافي أن من بين (المحظوظين) بهذه السيارات (ذات الدفع الرباعي) قادة أحزاب وساسة ما تركوا عبارة من عبارات النقد إلا ووجهوها للحكومة السودانية وهي تواجه أزمة السيول والفيضانات! فبدا الأمر مزدوج الغرابة والحزن، أن تأتي الشيء ونقيضه فى آن واحد. أن تهتف بيدك اليسرى الحمراء، وتتسلم (المنحة الفارهة) بيدك اليمنى حامداً شاكراً!
إن مقصدنا من هذا الأمر ليس بهدف أن نبخس الناس أشيائهم، إذ من حق قادة الأحزاب الصغيرة التى لم توفق فى حكم السودان ولا دخول مجلس تشريعي محلي فيه أن تستمتع ببعض بريق المنصب السياسي، ففي ذلك تسرية وتعزية لهم عن ما فاتهم من (كسب) وما لحق بهم من خسارة، ولكن في ذات الوقت فإن أحداً من هؤلاء لا يمكننا اعتباره مبدئياً، فالمبدئية فارقتهم فى الواقع ليس فقط من لحظة تسلمهم للمنحة الفارهة، (النادرة) ولكن منذ أن ألفوا العطايا الدولارية الشديدة الخضرة التى ما فتئت تأتيهم بإنتظام منذ سنوات.
وإن كان هناك من نقطة أخيرة فإننا لا ننتظر من أمثال هؤلاء أن يكونوا رسلاً أو ملائكة ولكن على الأقل أن يكفوا عن رمي الآخرين بدائهم والانسلال منهم!
سودان سفاري
[/JUSTIFY]