المقــانص (أصبر) في سوق مايو

[JUSTIFY]بعد ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، أصبح عدد كبير من الناس يفكر في البحث عن وجبة أخرى يسد بها الرمق، لكن مواطنين وجدوا ضالتهم في وجبة المقانص بقايا أحشاء الدجاج والساقين تسمى بـ (أصبر)، الأمر الذي دفع الكادحين لإيجاد بدائل أقل تكلفةً لحلة الملاح خاصةً سكان المناطق الطرفية في العاصمة وجزء كبير من الشرائح الضعيفة في العاصمة المثلثة وأسواقها الطرفية.

ويعتبر سوق (مايو) جنوب الخرطوم من أكثر الأسواق التي تجد فيها أكلة المقانص إقبالاً من سكان المنطقة والأحياء المجاورة للسوق لانخفاض أسعارها مقارنةً باللحوم البيضاء والحمراء.

(الرأي العام) ذهبت الى سوق مايو جنوب الخرطوم للوقوف على هذه الأكلة وسر تسميتها بهذا الاسم.

سر التسمية

أرجل الدجاج في سوق مايو تشتهر عند سكانها بكلمة (أصبر) وعندما سألنا عن التسمية من أين أتت، قال بعض الباعة إن أرجل الدجاج لديها ثلاثة أصابع وعندما تريد أن توصلها الى (فمك) تلاحظ أنها تهددك اذا أكلتها تقول إليك أصبر في إشارة الى ان شخصين اذا اختلفا ويقوم الناس بحجزهما وتنفض المشكلة يقوم الشخص الذي يضمر الحقد في قلبه ويشير للآخر بثلاثة أصابع (أصبر عليّ شوية) بلاقيك في الفرقة، ومن هنا جاءت التسمية.

(أصبر) داخل البترينة

في الجزء الجنوبي الغربي من السوق يوجد عدد من الأشخاص الذين يقومون ببيع مقانص الدجاج (أصبر)، مشغولون ولا يستطيع احد من الباعة أن يتحدث إليك لأنهم في زحمة دائمة بسبب الإقبال الكثيف على سلعتهم.. وعندما أردت أن أتحدث مع بائع يقف بالقرب من البترينة الذي يشع منها نور أحمر مثل شعاع الشمس عندما تكون في كبد السماء، وبداخل البترينة توجد الوجبة الشهية، فظن البائع بأنني زبون أريد شراء وجبة (أصبر) فقال لي: يا ود الناس أصبر شوية أمشِّي الناس القدامي وأديك طلبك.. فتبسّمت بيني وبين نفسي فقلت له خير وتركته لأجد شخصاً آخر اسأله عن سر الزحمة على هذه «الوجبة».

إقبالٌ كبيرٌ

وأثناء تجوالنا في السوق وجدنا بعض التجار يقومون بعرض المقانص على الأرض في انتظار من يشتريها منهم، فوقفنا عند أحد التجار يدعى خالد أحمد بدأ حديثه قائلاً: المقانص تجد إقبالاً كبيراً ومتزايداً من قبل المواطنين لأنها تباع بأسعار زهيدة. وزاد: نحن نقوم بشرائها بالجملة من التجار «بالكوم» بجنيه ونصف ونقوم ببيعها للمواطن بجنيهين. وقال الحلة تحتاج من المواطن الى (6) جنيهات فقط لذلك تجد إقبالاً كبيراً، وأصبح لدينا زبائن نقوم بحجزها لهم قبل أن تنفد، لأن هنالك ارتفاعاً كبيراً في أسعار الدجاج، حيث وصل سعر الكيلو إلى (25) جنيهاً، وعن العائد المادي قال: نحن كتجار عائدنا بسيطٌ جداً ولكن المستفيد الأول منها أصحاب البترينات الذين يشووها ويبيعونها للزبائن.

لذيذة ومفيدة

بهذه العبارة بدأ الشاب سامي حديثه عن هذه «الوجبة»، وقال إنّه غالباً ما يأكلها في الأسبوع ثلاث مرات، وأضاف أنه يأتي من مكان العمل باكراً حتى يحصل على وجبة (أصبر) ويحتسي شوربتها لأنها تعطيه طاقة وحيوية. وزاد: إنها أجمل من الدجاج، لكن كثيراً من الناس لا يعرفون هذا السر وإذا عرفوا سوف يزاحموننا فيه وبعد ذلك تختفي من الأسواق، وقال إنه أصبح مدمناً لهذه الوجبة ولا يستطيع أن يمر عليه أسبوع دون أن يتناولها.

الحجز بالتلفون
وفي نهاية المطاف وجدنا أحد تجار وجبة (أصبر) وحدّثنا عن سر الأكلة الشهية، فقال إنهم كتجار يعملون على تزيينها بالبهارات حتى يكون شكلها سياحياً ولونها (أصفر فاتحاً جداً) وعندما تنظر إليها تعجبك من أول نظرة، وبعض الناس يأتون إليها من أماكن بعيدة بعد صلاة المغرب مُباشرةً، وأضاف اذا لم تحضر مبكراً فلن تجدها، لأنها دائماً ما تخلص سريعاً، وبعض الناس يقومون بالحجز بالتلفون خاصةً عندما عند هطول الأمطار. وزاد: (إن أرجل الدجاج «أصبر» عندها شوربة اذا تذوقتها تاني ما بتخليها، بس الظاهر أنت حظك كعب يا أستاذ جيت متأخر فضحك بصوت مرتفع فشكرته على هذه الإفادة، وطلبت منه أن يجهز وجبتي في المرة القادمة، فقال لي اضرب تلفون زي الزبائن).

صحيفة الرأي العام
علاء الدين موسى

[/JUSTIFY]
Exit mobile version