[JUSTIFY]
قال تقرير نشره موقع «بروكينق انستيتيوشن» أمس تحت عنوان: «هل جنوب السودان على حافة الانهيار»؟ إن دولة الجنوب تسير في الاتجاه الخاطىء منذ انفصالها عن الخرطوم قبل عامين، وإن التفاؤل الذي صاحب ميلاد الدولة الجديدة قد تضاءل شيئاً فشيئاً بعد أن انزلقت جوبا إلى مستنقع الفشل الآسن بسبب الصراع العرقي والصراع على السلطة والفساد الممسك بتلابيب الحزب الحاكم، هذا بجانب القضايا العالقة مع الدولة الأم السودان، الأمر الذي أهدر الكثير من فرص النمو الاقتصادي الواعد حيث تعيش الدولة أوضاعاً اقتصادية مزرية مع ارتفاع مستويات التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية. وفي خطوة أحادية أعلن رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت إقالة كامل حكومته في 23 يوليو الماضي بما في ذلك نائبة الدكتور رياك مشار، وفي الحادي والثلاثين من نفس الشهر شكل حكومة شملت عدداً محدوداً من الوزراء السابقين. وزير النفط السابق استيفن داو ووزير الثروة الحيوانية والسمكية، كما عين سلفا كير وزراء جدداً مثل وزير الدفاع وشؤون قدامى المحاربين ووزير الأمن بمكتب الرئيس ووزير العدل ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي إضافة إلى آخرين، حيث أن الوزراء المقالين هم من أهم الشخصيات في الحزب التي لعبت أدواراً مفصلية في الاستفتاء الذي أفضى فيما بعد إلى الانفصال في العام 2011م. وينظر المراقبون السياسيون للحكومة الجديدة على أنها خطوة إستراتيجية قام بها سلفا كير من أجل تهدئة المناخ السياسي العاصف داخل الحزب الحاكم، والصراع من أجل السلطة الذي بدا جلياً في الصراع بين الرئيس ونائبة الدكتور رياك مشار، حيث أن الصراع داخل الحزب قد تمحور حول من يجب أن يرأس الحزب ويديره، الأمر الذي عرقل الأداء الحكومي داخل مؤسسات الدولة، كما أن الصراع وسط جنرالات الحزب قد أدى إلى تفجر الأوضاع بالبلاد وإذكاء نيران الاقتتال بين المتمردين الذين يقودهم جنرال سابق في الجيش الشعبي والجيش الشعبي أسفرت عن مقتل ونزوح أكثر من «100» ألف مواطن. وتوقع التقرير حدوث عواقب وخيمة بسبب إقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة، قائلاً حتى لو كان الرئيس يتصرف بحسن نية وأن نواياه الإصلاحية صادقة عندما أقال بعض أعضاء مجلس الوزراء وشكَّل الحكومة الجديدة فإن مثل هذه الإجراءات على مستوى السلطة التنفيذية قد تكون لها عواقب وخيمة على البلاد، حيث أن التعسف في استعمال السلطة عادة ما يقود إلى انقلاب عسكري وخاصة عندما يشعر الشعب أنه غير ممثل بنسب عادلة في الحكومة التي تدير شؤونه، وعليه فإن لم يكن هنالك تغيير حقيقي في أجهزة الحكم ومؤسسات الدولة التي تصنع القرارات بالتراضي، فإن صراعات عرقية وانقلابات عسكرية عادة ما تكون وشيكة الوقوع وهو ما يهدد استقرار الإقليم ويشكل تحدياً لدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
ويختتم التقرير القول بإن دولة الجنوب تسير في طريق وعر عندما نأخذ في الاعتبار طبيعة البلاد الهشة، حيث من المفترض أن تعكف الدولة على مؤسسات قوية تقوم على الفصل بين السلطات وتعزيز الشفافية، وإن تعيينات الشخصيات في المناصب العليا يجب أن يمحص من قبل كيانات مستقلة إضافة إلى ذلك هناك حاجة ماسة للحد من صلاحيات رئيس الجمهورية منعاً لاتخاذ القرارات على أسس عرقية، كما على القوى التي دعمت الانفصال العمل على بناء مؤسسات قوية وبرامج مكثفة لبناء القدرات. وعلى ضوء معطيات الوضع الراهن يبدو مستقبل دولة الجنوب مظلماً، وعليه فإنه إذا لم يعمل المجتمع الدولي على مساعدة الدولة الجديدة على بناء مؤسسات قوية ومساعدتها على النهوض اقتصادياً واجتماعياً فإن قصة هذه الدولة الوليدة ستتحول سريعاً لمأساة إفريقية جديدة.
صحيفة الإنتباهة
إنصاف العوض
[/JUSTIFY]