المهدي لم يجد ما يفعله حيال السيول والفيضانات التى اجتاحت أرجاء من السودان مؤخراً سوى أن يطلب من الحكومة إعلان السودان منطقة كوارث! ثم يمضي لا يلوي على شيء ناقداً موقف الحكومة السودانية مما حدث.
إذا صرفنا النظر عن معرفة الرجل أو عدم معرفته بمعايير إعلان منطقة ما منطقة كوارث كما هو معروف علمياً ومتعارف عليه دولياً؛ وأن ذلك رغم كل شيء لم يحدث فى السودان بعد فإن من الصعب أن نصرف النظر عن الكيفية التى تعاملت بها حكومة المهدي مع السيول والفيضانات الشهيرة فى العام 1988م.
ربما لانقضاء وقت طويل للغاية ما بين تلك الفيضانات والحالية نسي الرجل -ولكن التاريخ بالطبع لا ينسى- أن أداء حكومته كان واحداً من أهم عناصر انهيارها لاحقاً.
حكومة المهدي يومها لم تنجح حتى فى إعلان السودان منطقة كوارث، فقد كان جام غضب الناس قد انصب على أن حكومة المهدي فى ذلك الحين لم تتجاهل الحدث فحسب، ولكنها كانت غارقة الى أذنيها فى الصراعات الحزبية للدرجة التى اضطر فيها الجيش السوداني بعد ثلاثة أشهر فقط، أي فى فبراير 1989 لتقديم مذكرته الشهيرة!
لم ينجح المهدي فى ذلك الحدث الجلل فى زيارة المنكوبين بالحادثة الأليمة ولم تقم السلطات بفعل شيء يذكر، والأكثر سوءاً أن الرجل كان عمر حكومته عامين لم تشيّد خلالها شوارع أسفلت أو جسر أو حتى يوضع مجسم هيكلي للعاصمة وحدها دعك من بقية الولايات.
كان حرياً بالمهدي إزاء الأحداث الراهنة أن يلزم الصمت فالنقد يتطلب ناقداً أميناً ناصحاً مسلحاً بالخبرة، وحكومة المهدي الحزبية لم يعرف لها التاريخ انجازاً ولو يسيراً (مصنعاً للصابون)، طوال 3 أعوام مضت. ولعل أبلغ دليل على أن حكومة الصادق يومها لم تكن تفعل شيء أن الرجل -وكعادته فى تقديم المقترحات والأفكار- لم يقدم مقترحات أو أفكار لمواجهة الحدث؛ كل ما قدمه أنه طلب إعلان السودان منطقة كوارث وهو يرمي من وراء ذلك لأسباب سياسية واضحة حتى يتسنّى للمجتمع الدولي التدخل بالإغاثة المشروطة والإملاءات المعروفة.
إن رئيس حزب الأمة مولع باستثمار الأحداث مهما كانت، والأحداث الراهنة فى السودان كارثة طبيعية وليست (تقصيراً حكومياً) وإن كانت الحكومة نفسها تقر ببعض الأخطاء الهندسية لمنشآتها ولكن غالب أسباب الحدث أن غالب ساكني الأطراف يصرون على السكنى فى مجاري السيول وهي إشكالية ظلت تحاول الحكومة تفاديها دون جدوى.
سودان سفاري