وتبدو للبعض وكأن حلكة السأم تطول كل شيء، فصار كل شيء يتحول إلى ضده!!
النضال القديم المدَّعى للنخب العلمانيَّة وخاصَّة في مصر، تحول إلى ارتزاق رخيص وغدت جسارة السياسيين البهلوانيين على خشبة الملهى التافه، محض كذبة واختلاق.. وأدوار أقرب للتعرِّي على طريقة الإستربتيز.. ومغنيات علب الليل الحقيرة!
فهل جثا الصدق في عرصات النفاق، وبات الرجال الرجال.. قطيع نياق..!!
كل الساحات الفكرية وحرارة السياسة وسخونتها وضاءة احتراب العقول، تحولت في الزمن الصهيوني الأمريكي الجديد، كسَيف من ورق يُشهر أمام ألسنة اللهب..! ضاع كل شيء لا ثوابت ولا قيم ولا وطنية ولا مروءة ولا رجولة..!! ألم تر كيف غدت بلادنا ووطننا الكبير من المحيط إلى الخليج، في زمن العلامات الكبيرة والغباء وأشباه الرجال والنخب العلمانية المتزلفة، تخرج من دائرة التاريخ لتعود إلى ركن قصي مظلم بارد في قاع الزمن..!! ثم تستنسخ براعتها في التلوُّن والتزلف لتعود من قماماتها من جديد…
انفرطت سبائك الفضة في طين الوحول، وركضت شمس الفكرة والمعرفة لا لتختبئ خلف ظلام الأفول.. إنما لتستعد لهول المعركة الكبرى في جولاتها القادمة والنصال تتكسر على نصال.!!
عادت جراء العلمانية تلعق حذاء حسني مبارك ونظامه، لقد أخرجوه من السجن بالأمس، بعد مسرحية الانقلاب العسكري وضرب التيار الإسلامي الذي صنع الثورة المصرية في 25 يناير، واستهزاء بالشعب المصري الذي نكّل به النظام المباركي المقيت وأخرج الانقلابيون ألسنتهم يسخرون من الشعب المصري الذي صدَّق المسرحيَّة، وظنَّ أنه في 25 يناير كانت هناك ثورة..
«ت» في صراع الحضارات وغلواء التصادم، لم تجد أمريكا وهي تحاول تنميط العالم وصبغه بصبغتها، إلا بعض الجنادل والجنادب، ليكونوا بيارقها في معركتها على أرضنا العربية، وهي معركة تغيير المفاهيم وتغبيشها وتسميم العقول وتشويشها.. ومصر اليوم هي مختبر جديد لهذا المخطَّط الخبيث..بعد حقبة من الجولات المائزة خلال عقود، كادت فيها فراشات الخداع الملونة يتسابقن ويحترقن على نار المعركة الحامية بين الإسلام والعلمانية وأزهقت فيها الأخيرة في أدنى الشرق وأقصاه وأوسطه وبان للناس والعالمين أن كلمة الله باقية وظاهرة سواء كانت عبر صندوق العجائب المسمى بصندوق الاقتراع أو عبر حناجر الثوار وقبضاتهم المقذوفة في الهواء أوعبر فوهات البنادق والمدافع..
لم تجد معابد اللادينية السياسية غير أن تخيط مفتوق الدمى من جديد وتصدر نهجها وأفكارها وعنفها ودكتاتورياتها وجيوشها المارقة، ترياقاً للصحو والفجر الجديد الذي أطل..
«ت» في وطننا العربي الكبير… وبلادنا هذه التي جمرتها الحرائق وجملتها الصعاب، نرى الدمامل التي طفحت على جلدنا السياسي والثقافي من جديد، ظهرت كالطفح البثوري تتناصر وتتنادى كأعشاش الزنابير..قام التيار العلماني المستنصر بالعسكر من جدثه وتمطَّى كليل امرئ القيس، لكنه هذه المرة سرت في عروقه وشرايينه دماء المفاهيم الأمريكية والصهيونية والبلازما الدولارية، فتحوّلت صفائحه الدموية إلى تركيبة شائهة من الاختلالات، وهو يتدثر بغلالة اليانكي السميكة محاولاً أن يطفئ نور الله، ولا يدري أصحاب هذا الضلال أن الله متمٌّ نوره ولو كره الكافرون..
هذا الانعطاف الهائل نراه في مصر اليوم بعد أن أعادوا مبارك إلى شواطئ عافيته وأجلسوه على مقربة من عرشه الزائل..
فالشيوعي العربي اليوم ليس هو ذاك الثوري البسيط والمناضل الذي يبس على عظامه جلده، وهو حلم بالمشاعية المطلقة ودولة البسطاء والمعدمين بعد امتخاض الذهن والفعل بجدلية مادية عاصفة، إنما الشيوعي الآن، هو ذلك الذي يرتاد المرتع الصهيوني والسفارات الغربية في ليل العواصم العربية البهيم ويقبض الثمن، ثمن التقارير والمقالات والبرامج والشتائم والتآمر والعنف والتحريض وشرب دم المسلمين والأحرار في كل بوصة من بلاده، وهو يلوك أمنيات السفر إلى عالم مُتخيَّل لا دين فيه ولا أخلاق ولا ضمير ولا حرية ولا سلام.. ودونكم مصر وما فيها.
العلماني واليساري العربي، هذا الأيدولوجي الصغير المتقزِّم الذي بهرته التماعات الزيف الغربي وبريقه الطاغي وأقنعة الحياة التي تخفي وراءها غلظة ومضاضة الواقع.. لقد تعشّق هذا الأيدولوجي التائه «على وزن اليهودي التائه» بقلبه المريض كل هذه التُّرهات وخاض به الإعجاب بعقيدته الأمريكية الجديدة إلى درجة أن تحول لمجرد كلب صيد مجتهد..!!
«ج» وترسمت لكلاب الصيد الأمريكية من علمانيين و أيدولوجيين وطلقاء اليسار وعباده والفنانات والراقصات وأهل التعري والعهر الفني والسياسي، ترسم كل هؤلاء، دروب الحياة الجديدة، فزاوجوا ما بين الأيدولوجيا البائدة ولحظات الحياة السعيدة على الأرصفة والتسفار اللذيذ ورغيد العيش في الكنف الأمريكي المترف ، فصاروا جميعاً كما نراهم الآن، الأشد على وطنهم الجريح الكسير الفؤاد، وصاروا هم أصحاب السنان الأكثر وخزاً وطعناً في تراثهم وثقافة بلدهم واستقلاله وكرامته وكبريائه.. ودون الناس ما جرى من إلغاء لمواد الدستور المصري التي كانت تحفظ لمصر عقيدتها وثقافتها ودينها وتراثها وتاريخها وأصالتها ، تريد النخب العلمانية بوضع دستور جديد لأرض الكنانة يحولها لجيفة لا دينية باردة وهامدة…ولم يتسنَّ لبرغوث أن امتص دم ضحيته، كما هو حال براغيث السياسة الأمريكية الملتصقين في جسد الحياة العامة، فها هم يروجون لكل ما هو شائن، ويشوهون محاسن أوطانهم ويتآمرون ضدها، ويتبرعون بالمعلومات لأقلام المخابرات من أجل حفنة من الدولارات أو تذكرة سفر مأفونة لعاصمة غربية وجولة على ملاهي الشراب والبغاء..
«ح» فلينظر كل مواطن أصيل إلى ما تصنعه هذه الفقاعات السياسية المزركشة بلون العلم الأمريكي والصهيوني في بلادنا، فقد تحولوا لصورة مقاربة لمروِّجي المخدرات، يروجون للعلمانية واللادينية السياسية للنمط الحضاري الأمريكي وهو في أدنى حالات سقوطه وانحداره الأخلاقي، يتبنَّون لغة ومفردات ومنتجات العقل السياسي الأمريكي ويرددونها كالببغاوات، وينامون على وسادات الحلم النافق كما يشاؤون.. وهم يحلمون بوطن تابع ذليل وبحياة تقف على حافة الاستحمار.. كل بعض أمكنة التراجعات في عالمنا العربي المختطَف اليوم تجد فيه كلاب الصيد الأمريكية متأهبة للنّباح والنهش والعضّ، لكن بلا فائدة.. »ح« في مثل هذه الحالة، لا بد من مواجهة وحملة شاملة للأصوات النباحة في طرقات السياسة العربية والدوريات والصحف والفضائيات التي تصدر كل صباح، فالحلم بعودة بلادنا العربية بعد ربيعها الظافر مرة أخرى للحظيرة، بدأ بعطسة حادة في واشنطون تحولت لأنفلونزا في بعض العواصم العربية أصابت وهيّجت كلاب الصيد لتلعب دوراً خطيراً في محاولاتها تدجين اي بلد عربي وترويضه والهجمة عليه.. وإعادته إلى قيوده وأصفاده.. يرزح تحت جنازير الدبابات كما في الحالة المصرية اليوم..كل المستور والمطمور عن هؤلاء بات مكشوفاً، لكنهم قطعاً بلا تأثير لأنهم أشرعة بلا رياح.
صحيفة الإنتباهة
الصادق الرزيقي