أورنيك ( 8 ) سياسي !!

[JUSTIFY]كان أمراً غريباً -من الوجهة القانونية والسياسية- أن يستدعي أجنبياً مواطناً من رعايا دولة أخرى بأمر منه ويستجيب المواطن للاستدعاء ويجهل الكل ما دار بين الاثنين !

إستدعاء الرئيس الجنوبي سلفا كير ميارديت لياسر عرمان الأسبوع قبل الماضي كان على وجه الخصوص المثال الأغرب من بين أمثلة عديدة تعيشها السوح السياسية لغرابتها. ولعل أول مكمن الغرابة أن الرئيس الجنوبي -وهو واثق مما يفعل- وجّه أمراً لياسر عرمان للحضور لمقابلته فى جوبا. عرمان من جانبه -وهو يثق فى رئيسه لبى النداء بسرعة!

قد يقول قائل إن الأمر يصب فى مصلحة السودان إذ ربما أراد الرئيس الجنوبي فى سياق ترتيبه لبيته الداخلي إجراء ترتيبات فى ذات البيت ولكن هذه المرة (من الخارج) أي على الحوائط الخارجية والسور وحديقة الشارع.

المؤسف فى هذه القصة المحزنة أن مواطناً سودانياً تجاوز وازعه الوطني وأصبح (خادماً) لدولة أجنبية يستجيب لما تقرره وتأمر به، والأكثر حزناً أن شاب مثل عرمان لديه ما لديه من الخضوع ليقبل (تعليمات) صادرة عن رئيس دولة أجنبية حتى ولو كانت هذه التعليمات تتمثل فى رفع يد جوبا عن دعم عرمان ورفاقه. إذ من المؤكد أن عرمان الذى رضخ من قبل -رغم صفة العناد المعروفة عنه- لقرار الرئيس كير بالانسحاب من الترشيح لرئاسة الجمهورية فى العام 2010، قابل للرضوخ لإملاءات جديدة، فسيادة عرمان الوطنية يستمدها من جوبا بدلاً عن الخرطوم!
مؤدى هذا الواقع أن عرمان ليست لديه لا هو ولا رفاقه فى قطاع الشمال أو الثورية قضايا وطنية سودانية حقيقية مطروحة.

عرمان ورفاقه يأتمرون بأمر الرئيس كير. والغريب هنا أن الرئيس كير الذي (فاجأهم) من قبل بالانعطاف يميناً وهو يلقي بالإشارة يساراً حين دفع مواطنيه نحو الانفصال وأعملَ معوله فى هدم السودان الجديد، ما يزال يمارس سطوته عليهم، إذ لم يكف الخداع الذى مارسه عليهم وها هو يمارس عليهم سطوة من نوع فريد.

الأمر الثاني الأكثر مدعاة للأسف أن الرئيس كير إذا كان عازماً على رفع يده عن القطاع فالأمر لا يحتاج لاستدعاء (مواطن سوداني) معارض ليقوم بالمهمة السهلة. باستطاعة الرئيس كير الذى أقال حكومة بكاملها فيها من فيها من غلاة القادة المسنودين بقائل مؤثرة، أن يفعل ذات الشيء فى مواجهة القطاع دون الحاجة لاستدعاء أو تشاور أو اجتماع مغلق.

الأمر الثالث فيما يبدو أن الرئيس كير (يثق) في أن عرمان لديه (موهبة القيام بالمهام القذرة) فكل قائد يعرف قدرات ومواهب مرؤوسيه، فقد أختاره دون عقار والحلو ليتشاور معه حتى يقوم عرمان بما هو مطلوب، وليس سراً فى هذا الصدد أن الرئيس كير بخلفيته الاستخبارية ربما أراد إيقاع الفتنة بين قادة الثورية والقطاع بحيث يكون حديثه مع عرمان قابلاً للتأويل وإثارة القلق لدى بقية الرفاق، ففي ذلك المزيد من إحكام السيطرة على القطاع والثورية طالما أن الخيوط بيد الرئيس سلفا.

وعلى ذلك فإن من المؤكد أن عرمان من جانبه سعد باللقاء المخصوص فهو على الأقل يتيح له الاحتفاظ بأسرار تقلق بقية رفاقه، وأما الرئيس كير فهو سعد باللقاء لأنه أحكم السيطرة على الجميع، ففي الواقع فإن الرئيس كير أراد منح عرمان (أورنيك 8 سياسي) لمداواة جراح المبعدين أمثال مشار ودينق ألور وأموم، فهم مصابين فى حادث جلل ارتجت له أرجاء جوبا على أن ينجح عرمان فى التعامل مع القضية بالطريقة المطلوبة.

سودان سفاري

[/JUSTIFY] ع.ش
Exit mobile version