يقول فيصل في مقاله بالأمس: (لا زلت أؤيد، الحراك الجماهيري للإطاحة بمحمد مرسي وحكم مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين. لكنني تحفّظت على تدخل الجيش، وفي ظني أنه أعاق الحراك الجماهيري المتصاعد وقطع عليه طريق التطور الطبيعي). فيصل على كيفو يؤيد من يؤيد، إلا أنني أربأ به أن يردد شعارات الغوغاء المهرجين من الإعلاميين المصريين من شاكلة ( يسقط حكم المرشد). يبدو أنّ مشاهدة القنوات المصرية بكثافة أثرت على تصوراته، أنصحه بالإقلاع عنها فوراً فهي أشد ضرراً من الشيشة.
لقد استغربت من فيصل تحفظه على تدخل الجيش في السياسة ولم أفهم تصنيفه لما جرى في مصر في الثالث من يوليو الماضي هل هو انقلاب أم ثورة؟ فإذا كانت ثورة فلماذا لا يتدخل الجيش لحمايتها خاصةً أنّ تجربتنا السودانية في أكتوبر وأبريل دلت بإمكانية تدخل الجيش إذا حدثت ثورة فيصبح لا معنى للتحفظ هنا أو أنه انقلاب عديييل ومن هنا لا مجال للتحفظ بل الإدانة لأنه انقلاب أجهض الديمقراطية التي يؤمن بها فيصل.!!!. إلاّ أنّ عجبي تصاعد بشكل جنوني حين وصلت هذه الجملة من المقال: (وقد كان على هذا الحراك الذي قاده تحالف مدني واسع أن يواجه الجماعة في الشارع، ولا يترك ذلك للسلطة والأجهزة الأمنية والعسكرية). كيف يمكن أن يواجه التحالف المدني (جبهة الإنقاذ) الجماعة في الشارع؟!. بالحشود.. بالقتل والترويع أم بصندوق الانتخابات؟. صندوق الانتخابات سقطت فيه جبهة الإنقاذ والفلول خمس مرات في عامين ولهذا لم يتبقَ غير اتخاذ الحشود في الميادين مبرراً لدعوة العسكر للعودة للشارع السياسي ليتحوّل مناصرو جبهة الإنقاذ لبلطجية يختبئون خلف بيادق العسكر!!.
لا أظن أن فيصل الناصري العتيق باستطاعته إدانة الانقلابات، فعبد الناصر لم يصعد لسدة الحكم على صندوق انتخابات. لا أفهم أن تكون ناصرياً وتتحفظ على تدخل الجيش في السياسة أو تعترض على القتل والذبح دون أن تدين تاريخ الناصرية الدموي وتتبرأ منه كلياً. لا أفهم كيف يمكن أن يكون الإنسان ناصرياً وديمقراطياً في ذات الوقت!! أم أنكم ديمقراطيون على كيفكم فإذا جاءت الديمقراطية بكم لسدة الحكم فخير وبركة، أما إذا جاءت بالإسلاميين ستكفرون سريعاً بصندوق الانتخابات وتحشدون الحشود في الشوارع لتهرعون بعدها للعسكر لتمارسون أبشع أنوع القتل والذبح كما فعل أصدقاؤكم العلمانيون اللا ديمقراطيون بالإسلاميين، بل بالشعب المصري في مسجد الفتح أمس القريب؟!!
عجبني في فيصل قوله: (نحن يا أستاذ عادل نخطئ ونصيب لأننا بشر، نحاسب أنفسنا ما وسعتنا الطاقة البشرية ونأخذها بالشدة حتى تستقيم في مواقفها واعتقاداتها، وقد تأخذنا العاطفة والهوى عن طريق الحق، فنلتمس إصلاحاً وتصويباً أينما وجدناه أخذناه، لا ندعي لأنفسنا هدى فوق مستوى البشر ولا صواباً مطلقاً، ولا قداسة لمعتقدات وأفكار، فكلها اجتهادات بشرية قابلة للتعديل والتطوير). حسناً فيصل كلام رائع أقبله فبلا شك كلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.. ولكن قل لي يا أستاذ أليس في تجاربنا الذاتية والحزبية من الدروس ما يكفي لنستخلص منها حكمة واحدة تسعفنا لأن نكون مباشرةً ضد الانقلابات والسحل والقتل والمعتقلات؟. كان على فيصل كديمقراطي أن يغسل يديه من انقلاب السيسي فوراً ويقف في صف الإسلاميين المنتخبين كما فعل أحرار العالم كله، لأنّ خبرته كناصري تسعفه وإلاّ ستصبح التجربة والخبرة الإنسانية هباءً منثوراً وبلا جدوى.
الخرطوم:عادل الباز:رئيس تحرير الرأي العام