** وهما في فيافي الهجرة، ثاني اثنين والله معهما، يصيبهما العطش، ويأتي الصديق أبوبكر بقدح لبن ويناوله الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام قائلا: اشرب يا رسول الله، ثم يقف الصديق متأملا والحبيب يشرب، ولاحقا يصف الصديق المشهد للصحابة قائلا: فشرب النبي صلى الله عليه، حتى ارتويت، تأملوا الحب والوفاء أيها الأفاضل في (حتى ارتويت)، إذ يشرب المصطفى صلى الله عليه وسلم ويرتوي صديقه أبوبكر رضي الله عنه بذاك الشراب، بحيث لا يشعر بالعطش حين يرتوي الرسول صلى الله عليه وسلم،والصديق ذاته يأتي يوم فتح مكة بوالده أبي قحافة إلى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ليعلن إسلامه وليبايعه، فيخاطبه الرسول صلى الله عليه وسلم مشفقا: (هلا تركت الشيخ في بيته، فذهبنا إليه)، فيرد أبوبكر: ( لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله)، ويسلم أبو قحافة ويبكي ابنه أبوبكر الصديق، فيسأله الصحابة: هذا يوم فرحة، فأبوك أسلم ونجا من النار، فما الذي يبكيك؟ فيرد الصديق رضي الله عنه: لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي الآن ليس أبي، ولكن أبو طالب، لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر، فتأملوا الحب والوفاء، يفرح للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من فرحته لأبيه!
** وهذا ثوبان الذي كان يخدم المصطفى عليه الصلاة والسلام يبكي ذات يوم حين عاد رسول الله إلى المنزل بعد غياب يوم كامل، يبكي ويستقبله قائلا: أوحشتني يا رسول الله، فيسأله المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أهذا يبكيك؟) فيقول ثوبان متوجسا وباكيا: لا يارسول الله، ولكن تذكرت مكانك في الجنة ومكاني، فتذكرت الوحشة،هذا خادمه، عليه السلام، يرافقه في الدنيا ويتوجس من أن يفارقه في الآخرة، بحيث يتذكر أن للنبي مقاما في الجنة وله مقام آخر، فينزل جبريل عليه السلام بقول الله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)، فيطمئن قلب ثوبان، وكل أخيار وأحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم،ويوم أحد، يصطف جيش الصحابة رضوان الله عليهم، فينظر إليهم قائدهم عليه الصلاة والسلام، ويرى أن سواد بن عزبة ليس بالصف، بل يتقدم قليلا، فيخاطبه الحبيب عليه الصلاة والسلام (استو يا سواد)، ويرد سواد: نعم يا رسول الله، ثم يقف لا مباليا في مكانه ولا يستوي، فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم وينغزه بسواكه قائلا: (استو يا سواد)، فيقول سواد: أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق فأقدني، فيكشف له المصطفى صلى الله عليه وسلم عن بطنه الشريفة ويقول مخاطبا سواد: (اقتص يا سواد)، فينكب سواد على بطنه الشريفة ويقبلها، ويقول: هذا ما أردت، ثم يقول فرحا: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة، فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، ويقاتل سواد ويستشهد ولا يبالي بوقع السهام والنبال والرماح على جسده، إذ لم يمس جلده غير جلد حبيب الله صلى الله عليه وسلم قبل تلك السهام والنبال والرماح، هكذا كان حبهم، رضوان الله عليهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنتوسل إليك يا الله، أن تكرمنا بحب رسولك الكريم عليه الصلاة والسلام وحب صحابته رضوان الله عليهم، وأن تجمعنا بهم، بحيث لا تصيبنا وحشة كما وحشة ثوبان في ذاك اليوم، ونسألك يا الله، بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، ألا تخرجنا من هذه الدنيا إلا وأنت راض عنا![/JUSTIFY]
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]