في الدول التي تهتم بابن آدم، يجرون الدراسات والمسوحات لمعرفة أحواله، وتأثير مختلف الأشياء عليه، واكتشفوا ان متوسط عمر المرأة يزيد على متوسط عمر الرجل، بما يتراوح بين ست وعشر سنوات، (وهنا سيهتف الرجال بالمقولة الكسيحة: النساء يقصرن أعمار الرجال)، ويعزو فريق طبي في جامعة بنسلفانيا الامريكية ذلك – في جانب منه – إلى ان المرأة تنام ساعات اطول من الرجل،.. طبعا «على طول» سيتبادر إلى ذهن الرجل انه ينام اقل، لأن المراة تحرق اعصابه فيظل يعد النجوم، ويخطط ليريها النجوم في عز ظهر اليوم التالي، ولكن الفريق الطبي يقول ان سبب ذلك هو ان المراة تكون مجهدة اكثر من الرجل، ولأن الله حباها بخاصية تعويض الجهد الذي تبذله اثناء الحمل وبعد الولادة بالنوم السريع المنتظم، ولكنني موقن ان النتائج التي توصل اليها الباحثون اولئك، لا تنطبق على نسائنا اللاتي تكون الواحدة منهن مطالبة بأن تكون ساهرة يقظانة، حين يعود الفحل من صولاته وجولاته في الهزيع الاخير من الليل، او بأن تبقى يقظانة حتى يغادر ضيوفه ثقيلو الدم بيتها في الثانية صباحا، لتضمن ان الاكل الذي سيطفحونه سيبقى دافئا كي «يهري مطرح ما يسري»، وأكاد اجزم ان نحو 99 في المائة من الرجال العرب لا يهمهم في كثير او قليل ان يكون لديهم طفل حديث الولادة يصحو على كيفه، ويبكي من غير سبب،.. بمعنى انهم لا يساعدون زوجاتهم في هدهدة الأطفال او إطعامهم او تزويدهم بمانعات التسيب المسمى بالبامبرز، بل يبلغ انعدام الحساسية عند بعض الرجال انهم يهجرون غرفة الزوجية عندما تكون الزوجة تعنى برضيع.
ولأنني أستمتع بالعناية بعيالي وهم في المهد، ولا أجد حرجا في اطعامهم او تغيير ملابسهم الملوثة بمواد مقرفة حتى امام الضيوف، فإن زوجتي «مسّختها» في بعض الاحيان، بأن ترمي بمعظم الحمل عليّ، لتمارس هوايتها المفضلة وهي النوم المبكر، ولكن ما ان يكبر لنا طفل حتى تحس بالندم لانها تكتشف انه يكون اكثر تعلقا بي، وتحاول استدراجه اليها اكثر بأن تغني له بصوتها النشاز فيزداد التصاقا بي، صونا لحسه الموسيقي، وتتضايق كثيرا لان عيالي يعتادون منذ الصغر الجلوس إلى جواري في مائدة الطعام، لأنني في مراحل مبكرة من اعمارهم، أكسر كل البروتوكولات وقواعد الاتيكيت على المائدة لتشجيعهم على الاكل.. مثلا، باجراء المسابقات في أكل الفول او تناول الشوربة بالشوكة… ولا أفعل ذلك لأنني رجل «عصري» ومتحضر، ولكن لأنني – ولله الحمد – لا أعتقد ان كوني رجلا يجردني من واجبات الأبوة والأحاسيس الإنسانية.. أهتم بصغاري كأب وأهتم براحة أمهم لأنها «أم ومن نسل آدم» وأمانة في عنقي بقدر ما أنا أمانة في عنقها (كلما طلبت مني ان اشتري لها سلسلا ذهبيا ترتديه حول عنقها أقول لها: عيب أنا أمانة في رقبتك وما يصير تجعليني والسلسل في مقام واحد!!).
على كل حال حلال على المرأة ان تنام ساعات اطول من الرجل طالما انها «تملأ مركزها» جيدا وتقوم بواجباتها و….. الزيادة! ولو أثبتت الدراسات الطبية أنها تعيش مدة أطول مما يعيشها الرجل فلحكمة يعلمها الله، وربما يدركها بعضنا وهي أن مكانة الأم في نفوس الأبناء أعلى من مكانة الأب، فحتى لو كان الأب هو العائل الوحيد للأسرة، فإن الحنان والحب الذي تقدمه الأم أعلى قيمة من المال.. انظر خيارات أطفال المطلقين من الوالدين عندما تبدأ مشاكل الحضانة: تسعون في المائة من عيال المطلقين يفضلون البقاء مع الأم، مهما كانت الرشاوى التي يعرضها عليهم الأب.[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]