القنصل العام لجمهورية السودان ببيروت مروة كمال حمد في حوار فوق العادة

[ALIGN=JUSTIFY]على الرغم من الطقس الماطر والمناخ الشتوي المخيَّم على سماء بيروت الجميلة، كان صعباً على صحفي قدم للمشاركة في منتدى حول حرية الصحافة العربية، كان صعباً عليه تفويت فرصة الجلوس لسعادة القنصل العام لجمهورية السودان ببيروت دون انتهاز تلك الفرصة لطرح مجموعة من الاسئلة والاستفهامات الساخنة على سعادة القنصل، خصوصاً ما يتعلق منها بشؤون الجالية السودانية بلبنان ومشاكل الهجرة ودور السفارة في المتابعة والمعالجة والسعي لتصحيح المفاهيم والاوضاع وتمكين (العاطلين) و(التائهين) من الشباب السوداني من العودة لبلادهم والاسهام في تنميتها واعمارها والتمتع بدفئها وظلالها..
«الوطن» حملت اوراقها وجلست لحضرة الاستاذة مروة كمال حمد القنصل بسفارة جمهورية السودان بلبنان وخرجت منها بالحصيلة التالية:

* بداية من هي مروة؟
– امرأة سودانية من بنات محلية الكاملين، تقيم بالخرطوم، سكرتير أول بوزارة الخارجية السودانية، جئت للعمل بلبنان قبل حوالى ثلاث سنوات ونصف.
* تستغل السفارة مبنى مستأجراً بالطابق السابع وهي سفارة عريقة.. ألم تفكروا في امتلاك عقار وتشييده ليكون مقراً دائماً للسفارة؟
– هذا المبنى الذي نستأجره مناسب جداً من حيث الموقع والمساحة ويستوعب نشاطنا بصورة مريحة، لكن على الرغم من ذلك فإن لدينا خطوات جادة لامتلاك قطعة ارض على شاطئ البحر وتشييدها ونتوقع لذلك ان يتم خلال خمس سنوات إن شاء الله.
* كم عدد العاملين بالسفارة؟
– السيد السفير والسيد المستشار والسيد الملحق الفني وشخصي، بالاضافة لثلاثة اداريين وسبعة من العمالة المحلية.
* كم يبلغ عدد الجالية السودانية بلبنان؟
– من الصعب تقديم احصاء دقيق نسبة للنسبة العالية المتجددة يومياً من الداخلين عبر التسلل والتهريب.. لكن يمكنني ان اقول لك وحسب آخر الاحصائيات ان عدد الجالية يقارب الاربعة آلاف مواطن.
* ما هي تصنيفاتهم من حيث العمر، الجنس، المهنة؟
– من حيث العمر فمعظمهم من الشباب مواليد اواخر السبعينيات واوائل الثمانينات، من حيث الجنس فالغالبية رجال ولاتتجاوز نسبة النساء الـ 7% ومعظمهن امهات وبناتهن (مع ازواجهن)، اما من حيث المهن فالغالبية عمال او (عطالة) يبحثون عن عمل او فرصة للهجرة إلى اوروبا، وهناك قليلون يتولون وظائف مميزة في منظمات دولية واقليمية.
* لماذا تتركز المهن في الوظائف العمالية؟ هل لذلك علاقة بمستوى التعليم والشهادات التي يحملونها؟
– أبداً، كثيرون منهم جامعيون ولديهم خبرات في الكمبيوتر واللغات الاجنبية، لكن الامر يعود اولاً للقانون اللبناني الذي لا يسمح لاي اجنبي بالعمل في غير المهن العمالية حيث الاولوية في الوظائف للبنانيين، كما يعود الامر إلى أن الكثيرين من ابنائنا يقيمون بطريقة غير شرعية وبالتالي تواجههم صعوبات في العمل.
* ما هي نوعية الاعمال التي يمتهنونها؟
– معظمهم نواطير – اي غفراء، وبعضهم عمال نفايات ونظافة وبعضهم سائقين وافضلهم الذين يحصلون على مهنة طباخ؟
* هل توفر لهم هذه المهن دخلاً جيداً؟
– أبداً أبداً، في الغالب فإن الواحد منهم قد يجد بالكاد ما يوفر له استحقاق السكن والاعاشة، افضلهم والمحظوظون منهم من يحصلون على ثلاثمائة او ثلاثمائة وخمسين دولاراً شهرياً..
* سعادة القنصل: تحدثتم عن التسلل والتهريب.. هلا تفضلتم بالتفصيل في هذا الامر؟
– أغلبية السودانيين هنا يأتون عبر التسلل غير الشرعي من سوريا او تسليم انفسهم لمهربين يتولون ادخالهم للبنان وتوصيلهم لبيروت..!.
* ما الدافع والمشجع في تقديركم على المجازفة بالحضور عبر التسلل او التهريب للبقاء هنا بلا عمل أو بعمل لايوفر دخلاً مناسباً؟
– معظم الذين يجازفون ويأتون لايعلمون هذا الواقع ولا يصدقونه الا حين يعيشونه ويقع الفأس على الرأس، هناك بعض الشبكات والسماسرة تُزيَّن لهم ذلك وتصور لهم ان العمل سهل وان الهجرة لاوروبا ممكنة وسهلة..!.
* وهل هناك بالفعل فرصة للهجرة إلى اوروبا؟
– أبداً، هناك نسبة محدودة تستطيع بصعوبة الوصول لتركيا او اليونان عبر المراكب، لكن معظمهم يغرق او يتم اغراقه بواسطة البحارة او يصل فيحتجز هناك بسبب الدخول غير الشرعي..!.
* ما هي الاجراءات المتخذة لمواجهة حركة التسلل والتهريب الى لبنان؟
– السلطات اللبنانية تتعامل بجدية مع هذا الملف وتمتلئ سجونها بالموقوفين بسبب (كسر الاقامة) او التسلل او غيره..!.
* كم يبلغ عدد المحتجزين أو المسجونين من المواطنين السودانيين حالياً؟
– حوالى (150) جميعهم من الرجال، موزعين على سجون (جزين) باقصى الجنوب، و(البترون) لكن معظمهم بالسجن المركزي وهو سجن (روميا) الواقع فوق الجبل.
* فوق الجبل؟ ألا يسبب ذلك مشكلة؟
– هو سجن كبير وموزع لاقسام وليست فيه مشاكل باستثناء مشكلة الرطوبة العالية جداً في فصل الشتاء وهو الامر الذي يؤثر على بعض المساجين الذين يواجهون مشاكل في القلب او الجهاز التنفسي.
* هل تزورون تلك السجون كسفارة وتتفقدونها باستمرار للاطمئنان على مواطنيكم؟
– نعم نقوم بزيارات متفرقة على حسب الحاجة، وبالنسبة لسجن (روميا) فقد تفقدت فيه الاجراءات مؤخراً بعد احتجاز عدد من منسوبي (حركة فتح الاسلام) بداخله لكن عموماً نحن موصولون بالسجناء من مواطنينا.
* ما هي الاسباب الرئيسية للسجن؟
– كسر الاقامة والدخول خلسة (التسلل) لكن الحمدلله ليس لدينا سجناء كثيرون في قضايا اخلاقية أو سرقة أو مخدرات اللهم إلا حالات قليلة جداً، الجالية هنا سمعتها جيدة رغم كل ما تقدم ذكره.
* أليس للسجن بسبب كسر الاقامة او التسلل مدة محددة؟
– السجن يكون لمدة شهر اضافة لغرامة مائة الف ليرة (حوالى 67 دولار امريكي) وفي حالة عدم الدفع يبقى الشخص عشرة ايام اخرى (اليوم بعشرة آلاف ليرة).
* وماذا بعد انقضاء مدة الحجز؟
– هم يشترطون للافراج عن الشخص أن تكون له تذكرة أو قيمتها، ولأن الاغلبية لا يملكون قيمة التذكرة فإنهم يبقون سبعة أو ثمانية أشهر حتى يدبروا أمرهم أو يوفر لهم زملاؤهم تذكرة أو يجددوا لهم كفيلاً لبنانياً لعمل تسوية واستلامهم للعمل معه!
* وما دوركم انتم كسفارة؟
– نحن كانت لنا مجهودات مع حكومة بلادنا وقد سبق أن تم تأمين طائرات عقب الحرب اللبنانية الاسرائيلية حيث تم ترحيل حوالى اربعة آلاف من الجالية (مقيمين او غيرهم) وسبق للسودان تأمين رحلات للخرطوم وبذلنا مجهوداً مقدراً مع منظمة الهجرة الدولية لترحيل الراغبين إلا انهم اعتذروا اول هذا العام بسبب اعتذار رئاستهم في جنيف لعدم توفر تمويل، قابلنا السيد حسن السبع وزير الداخلية اللبناني السابق فوعد بتوفير طائرة لكن ذلك لم ينفذ بسبب الميزانية، وسبق للاخوة في لبنان أن نفذوا سفريتين بالخطوط اليمنية عاد على متنها حوالى (117) مواطناً سودانياً لبلادهم.
* هل لديكم علاقة تنسيق مباشرة ويومية مع السلطات اللبنانية بخصوص المساجين والمحتجزين؟
– نعم، وخاصة مع سلطات الامن العام الذين يُحول لهم جميع المساجين والمحتجزين (قيد الترحيل) وعلاقتنا معهم سالكة ومباشرة وجيدة وكذلك علاقتنا حية مع الامن الداخلي.
* كيف تتعاملون مع الذين يفقدون جوازاتهم او تنتهي مدتها؟
– بالمناسبة، الذين يأتون من سوريا عبر التهريب يدفعون للمهجرين حوالى الـ (200) دولار على الشخص الواحد او بالعدم يعطونهم جوازاتهم!
* يعطونهم جوازاتهم؟ كيف ولماذا؟
– يعطونها لهم كأجر فيقوم اولئك ببيعها او تزويرها وتلك قصة طويلة ومأساة محزنة.. اولئك الذين يفرطون في جوازاتهم لايفكرون في المآلات وإلى اين ستذهب جوازاتهم ولا يقدرون خطورة ما سيتحملونه من مسؤولية جراء ذلك التصرف الساذج.
* إذن لديكم حالات تزوير؟
– نعم، حالات كثيرة، تزوير للجوازات، تزوير للاختام، نزع للصور واستبدالها، وهناك حالة اخرى اشد خطورة واعظم أثراً..!.
* أي حالة؟
– الذين يبعدون من لبنان (خروج نهائي) فيعودون بجوازات جديدة واسماء مختلفة ولست ادري كيف يتسنى لهم ذلك..! وهؤلاء تواجهنا مشاكل اجتماعية عصية بشأنهم خاصة في حالات الوفاة والفقدان حيث لا نعثر لهم على أهل نسبة لان الاسماء التي تحملها الوثائق غير حقيقية وبالتالي لايتعرف أهلهم عليهم.
* هل لديكم حالات سودانيين اعتقلوا أو احتجزوا للمشاركة في اعمال سياسية أو حربية؟
– أبداً، هناك مجموعة كانت قد احتجزت بواسطة المقاومة اللبنانية ايام الحرب والاشتباه فيهم لكن تم اخلاء سبيلهم.. كل السودانيين هنا يبحثون عن معايش وارزاق ولا شأن لهم بهذه المسائل.
* هل هناك كشَّات تُنفَّذ على السودانيين ببيروت؟
– نعم وباستمرار ولا ينجو منها إلا من يحمل هوية معتمدة.
* هل رصدتم حالات قتل أو جرائم وسط السودانيين هنا؟
– لا، لكن اثناء التهريب من سوريا إلى لبنان لدينا حالة مواطن قضي جوعاً وعطشاً بسبب فقده لكل امواله، وهناك حالة مواطن آخر سقط من الجبل وكسر رقبته.
* مع كل الذي ذكرتموه لم نلحظ وجود لضابط جوازات في طاقم سفارتكم؟
– والله نحن نعاني كثيراً جداً من ذلك، بيروت محطة كبيرة ومهمة والجالية كبيرة ومشاكلها متنوعة، نحن حالياً نعتمد على مأموريات متقطعة من ضابط الجوازات بسفارتنا بدمشق ونتمنى سرعة وصول ضابط الجوازات المخصص لبيروت والذي نتوقع وصوله في مطلع العام الجديد أو بعده بقليل.
* خلال الفترة الماضية هل كانت لديكم أي حالات احتجاز لسودانيات بالسجون اللبنانية؟
– كانت لدينا حالتان، حالة لسودانية والدتها سريلانكية اختفى والدها، وحالة سودانية من اصل اريتري متزوجة من احد ابناء الجنوب، وكلا الحالتين بسبب اجراءات الاقامة بعد اختفاء الوالدين.
* بمناسبة السريلانكية: هل لديكم حالات زواج سودانيين من لبنانيات أو اجنبيات؟
– ليست هناك حالات تذكر لزيجات لبنانية سودانية.. لكن هناك حالات كثيرة جداً لزواج السودانيين من اثيوبيات وفلبينيات وسيرلانكيات، ودوافع الزواج في الغالب مادية حيث يعتقد كل طرف ان الآخر سيعينه على مواجهة مصاعب الحياة والمعاش.
* هل هناك أي آثار سالبة لتلك الزيجات؟
– لم تظهر بعد.. لكن ومع بروز حالات تفكك مثل تلك الزيجات واختفاء الازواج يتوقع ظهور آثار اخلاقية سالبة يتحمل مسؤوليتها السودانيون وترتبط بسمعتهم.
* ماذا عن الأمن العام في العاصمة اللبنانية والانطباع العام للشارع اللبناني حول السودانيين؟
– العاصمة آمنة وتوجد بعض حالات التهديد والنهب في الاحياء الشعبية والاطراف، والشعب اللبناني مضياف وودود ومرحاب، هناك لبنانية تلاحقني كثيراً حتى اساعدها في عودة سوداني كان يعمل معها وغادر اثناء الحرب لما لمسته من نزاهته وشجاعته واخلاصه.
* ماذا عن التعليم لابناء الجالية؟
– التعليم هنا غالي جداً، واي سوداني لديه ابناء في سن التعليم في الغالب سيعيدهم للسودان لأن التعليم هناك رخيص جداً مقارنة بالتعليم هنا.
* يقال إن لديكم نادي سوداني عريق هنا؟
– نعم، لدينا نادي عريق منذ عام 1967م، وتتولى أمره الجالية التي يترأسها الحاج حافظ رئيس النادي، والنادي رغم عدم تفعيله حالياً إلا أنه يظل مكاناً للمناشط والاجتماعات والمناسبات الاجتماعية والرسمية.. وهو بالمناسبة النادي الوحيد لجالية عربية ببيروت.
* جئنا للبنان على متن طيران الـ (MBI) البريطاني وكثيرون من المسافرين يتحدثون عن معاناتهم من السفر والوصول لبيروت عبر القاهرة أو عبر عمان، ما هي مجهوداتكم لاحياء الطيران المباشر مع الخرطوم؟
– كنا حريصين على سفريات سودانير والخطوط اليمنية المباشرة التي توقفت ونأمل عودتها، بل ونسعى لاحياء وإعادة طيران الشرق الاوسط.. وهناك مسائل ادارية وفنية تعترض هذا الطريق ونسعى لمعالجتها.. الخطوط اليمنية كانت الافيد والاهم لحسن تعاملها ومعقولية اسعارها.
* وماذا عن حركة الاستثمار والتجارة بين البلدين؟
– مزدهرة ومتطورة لكنها لم تتجاوز بعد حدود المشاريع الخاصة المتوسطة.
* هل هناك سياح سودانيون؟
– ليس بالمعنى الدقيق، هناك وفود رسمية وهناك عائلات تاتي للعلاج أو قضاء العطلة حيث يستمتعون هنا بالمناخ الرائع والشواطئ البديعة والترحاب العربي اللبناني ويشترون العطور والحلويات الشرقية، وبيروت بها سلع نادرة وجيدة وغالية.
* كم عدد اللبنانيين الذين ينالون تأشيرات دخول للبلاد في العام؟
– حوالى (2000) تقريباً.
* بالمناسبة: ألا تخافون اصوات الرصاص المتواصلة؟
(اثناء الحوار انطلقت مجموعة من القذائف)
– أبداً، تعودنا على ذلك، هنا حتى الاطفال لا يخافون، ومعظم لعب الاطفال مدافع ودبابات وقاذفات.
* هل لديكم ما تودون اضافته بخصوص الهجرة؟
– السلطات السودانية فرضت أَمنية حوالى (2000) دولار على كل من يريد الحصول على تأشيرة دخول لسوريا.. لكن هذا الاجراء أُفرغ من مقصده وهدفه، حيث ظهرت بعض المجموعات التي توفر لكل مسافر هذا المبلغ مقابل عمولة مع استلام المبلغ منه فور وصوله لدمشق، ونتمنى أن تتخذ المزيد من الاجراءات الشاملة المدروسة المحكمة حتى لا يذهب المزيد من شبابنا للمجهول.
* لم نسألكم عن الهجرة والتسلل الى دولة الكيان الصهيوني؟
– هذا غير متاح هنا، هذا يحدث تركيزاً على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة.
* كلمة أخيرة؟
– شكراً لكم وشكراً لصحيفة «الوطن» التي أعلم اهتمامها بقضايا الناس واتمنى لكم زيارات أخرى لمدينة بيروت.[/ALIGN] صحيفة الوطن

Exit mobile version