مـن يحكـم الجـنوب عـام 2015م ؟

[JUSTIFY]بإعلانه التشكيل الحكومي الجديد بدولة الجنوب، ووسط مخاوف كبيرة من وقوع مصادمات بين الائتلافات المختلفة، ينتظر الرئيس سلفا كير ميارديت مستقبلاً مظلماً حسبما ذكر لي قيادي رفيع المستوى بحكومة جوبا السابقة، وربما بتوقعاته تلك أراد إثبات حالة الغضب التي تعتريه عقب إقصائه وآخرين من دروب الحكم الوزارية بدولة الجنوب عقب حل الحكومة السابقة، لكن محدثي بات أكثر وضوحاً وهو يعلن في حديث معه عبر هاتف ثريا أمس أن الحكومة الجديدة ليست حكومة «شدائد» ولا خبرات لديها في العمل السياسي، وأخطر ما ذكره أن حكومة سلفا كير الجديدة لن تصمد طويلاً في وجه التقاربات السياسية المعارضة الجديدة والقديمة لسلفا كير، وعلى طريق آخر وضع كثير من جنرالات الجنوب وسياسييه القدامى أرجلهم على سكة النهاية بالنظام الحاكم في الجنوب، وأبعد مثل الوزير دينق ألور، بعد عشرات من السنين قضاها في ردهات الحكم إبان الحرب والسلم والانفصال بجوبا، وأقصى باقان أموم «ابن قرنق» السياسي من حكاية الحركة الشعبية «المشروع ــ النضال» وفضل الاعتكاف بجنوب إفريقيا، فيما تبددت أحلام مقربين من سلفا كير أمثال وزير الدفاع السابق جون كونك في العودة مجدداً للأضواء الحكومية في التشكيل الجديد، لكن سرعان ما قطع سلفا كير التيار الكهربائي أمام فرص عودة أضواء كونك لوزارة الدفاع، وأقحم وزيراً آخر «كوال ميانق» مفاجأة الحكومة الجديدة.

إبان الانفصال اختار سلفا كير حكومة وصفت عند المتابعين بالقوية، لكنها وصمت من الخرطوم بالمتشددة والعدائية، وقضى هؤلاء الوزراء السابقون حوالي العامين ليقوم سلفا كير تارة أخرى بإجراء تعديل وزاري كامل هذه الأيام، وعند المقارنة بين هذه وتلك القديمة لا تبدو هنا أي ملامح للتشابه غير أن كثيراً من البرامج لا تستطيع الحركة الشعبية التخلي عنها، وبالرغم من أن الحكومة الجديدة التي أعلنها سلفا كير قبل أيام تخلو من الشخصيات ذات الطابع التعاملي مع الخرطوم إلا بقدر ضئيل، إلا أنها تعكس رغبة سلفا كير في التقارب مع دول الجوار الإفريقي، بحكم أن تلك الشخصيات ذات علاقات تعاملية واسعة مع دول الجوار الإفريقي مثل كينيا ويوغندا، وربما رغب سلفا كير بذلك في التقارب أكثر مع يوغندا وكينيا من خلال تسمية أشخاص لديهم علاقات جيدة مع تلك الدول وأنظمتها السياسية والحزبية الاقتصادية والتجارية المختلفة.

ربيكا.. ضياع الهوية قالت ربيكا قرنق لمقربين منها إن سلفا كير بات أخيراً يسير على طريق إضاعة هوية الحركة الشعبية ورؤية مؤسسها د. جون قرنق. فربيكا التي عاشت أياماً مختلفة الولاء عقب وفاة زوجها في حادث الطائرة الشهير، الولاء هذا تدحرج بين جميع قيادات بالحركة بعينها وبين جميع قيادات قبيلة من الدينكا بعينها بغية التمسك بهوية الحركة أو كما تسمي هي ذلك، والمحافظة على رؤية د. جون قرنق. وظلت ربيكا طوال الفترة الماضية تحاول رسم حكاية السياسة في دولة الجنوب عبر تحركات تقودها بين تيارات قبلية ذات ثقل في الجنوب، واعتمدت في ذلك على مكانتها العالية في الأوساط الجنوبية، وقادت ربيكا مشاورات مع والي الوحدة المعزول تعبان دينق، والتقت كذلك الدكتور رياك مشار في أوقات مختلفة، كما قابلت عدداً من المثقفين الجنوبيين. وفي المقابل لم تقابل الرئيس سلفا كير على المستوى الرسمي كثيراً ومعظم ما تم من لقاءات كان في الإطار العام.
مجموعات «الجي» الثمانية ومع إعلان التشكيل الجديد استحوذت مجموعة الجي الخامسة على كثير من مقاليد إدارة البلاد وسط صراع شديد دار في أوقات سابقة بين المجموعات الثماني التي تشكل البعد السياسي بدولة الجنوب، وتشمل عدداً من التحالفات القبلية والإثنية والعرقية، وتعرف كذلك بمجموعات التحالف، مثل مجموعة باقان وألور ومجموعة سلفا كير ومجموعة مشار ومجموعة كوال ميانق الوزير المعين حالياً على رأس وزارة الدفاع. إضافة إلى مجموعة المثقفين المغتربين بأوروبا التي تدير عدداً من تلك المجموعات عبر دعمها بالمال والمعينات المختلفة مثل التواصل السياسي مع المنظمات والحكومات الغربية وغيرها من أشكال الدعومات المختلفة، لكن تنتظر هذه المجموعات عملية سباق مثير يبدأ عام 2015 الموعد المضروب للانتخابات هناك، وستشهد الساحة الجنوبية منافسة من العيار الثقيل أو مارثوناً طويلاً وشاقاً، الذي يصمد فيه ربما يكسب في ختامه كرسي الرئاسة. ائتلاف بور.. وحلف جنوبيي الوطني عقب المشادات الكلامية التي دارت بين الرئيس سلفا كير ونائبه د. رياك مشار من جهة، وبين الرئيس سلفا كير ومجموعة الجي «4» بقيادة باقان وألور، وما شاب ذلك من حديث حول الاتفاقيات مع الخرطوم وقضية أبيي، ظهر ائتلاف جديد على الساحة السياسية الجنوبية سُمي من البعض بـ «ائتلاف بور وجنوبيي الوطني» أي بمعنى أن بعض القيادات بالحركة الشعبية من منطقة بور دخلت في تحالف مباشر مع الجنوبيين الذين كانوا ينتمون سابقاً للمؤتمر الوطني، في الوقت الذي اعتمد فيه سلفا كير تماماً على الائتلاف الجديد في قيادة دفة الصراع مع المجموعات الأخرى ورأى أنها فرصة مناسبة للتقوي به لصرع منافسيه ومعارضيه. ويرى المهتم بالشؤون الجنوبية مالياه دينق أن الائتلاف نال حظوة كبيرة في التشكيل الجديد بقيادة كوال ميانق ورياك قاي وأغنيس لكودو وغيرها من الأسماء التي تم طرحها أخيراً في التشكيلة الحكومية. مشار.. سأعود! د.رياك مشار يعتبره بعض الجنوبيين من أكثر قيادات الحركة الشعبية المؤهلة لقيادة الدولة بعد ظروف صعبة عاشتها عقب الانفصال عن السودان. ويعتقد كثير من المقربين منه بأنه «رجل الخلاص» الذي ينتظره الجنوبيون للخروج من عنق الصعاب التي تحيط بالدولة.

مشار في وقت مبكر للغاية طرح برنامجاً انتخابياً كان مثار الحديث بالجنوب باعتبار أن الوقت غير ملائم لذلك نظراً إلى إمكانية انتقام سلفا كير منه وإبعاده عن كرسيه، بيد أن مشار نفسه حسم تلك التحليلات بالقول إنه لا ينظر لموقعه إنما لمصلحة بلاده، وبالإعلان عن البرنامج يكون قد أزاح الستار عن الرؤية الجديدة التي يجب أن تمضي بها الدولة قدماً في الوقت المقبل أو الآونة المقبلة.
البرنامج الانتخابي في مجمله كان رسالة شديدة اللهجة للرئيس سلفا كير وحوت اتهامات مبطنة لسلفا كير بالفشل في إدارة الجنوب، كما يرى كثير من المثقفين أن المرحلة الراهنة ليست مرحلة سلفا كير مع التقدير التام لقيادته السابقة إبان المرحلة الماضية.
دهاليز التشكيل قاد وزير الدفاع السابق جون كونك جزءاً غير يسير من الاتصالات التي تمت مع الوزراء الجدد، وقاد عملية خاصة من الاتصالات مع الأحزاب السياسية الجنوبية الأخرى بتفويض من سلفا كير، كما قاد سفير دولة الجنوب بالقاهرة عدداً من الاتصالات مع القوى الجنوبية المعارضة، وربما تشهد الأيام المقبلة ملخص تلك الاتصالات بمشاركة من العيار الثقيل لعدد من الأحزاب المعارضة بدولة الجنوب. وقاد كذلك وزير الإعلام برنابا بنجامين عدداً آخر من الاتصالات، ليمثل الثالوث السابق الحائط الأمين لسلفا كير في تشكيل حكومته الجديدة.

صحيفة الإنتباهة
هيثم عثمان

[/JUSTIFY]
Exit mobile version