رغم التوفر المرضي لكثير من الأدوية الضرورية، إلا أنها في ذات الوقت تمثل استعصاماً عن متناول أيدي الكثير من المواطنين المرضى، والمشرفين على المرضى.. تنتشر هذه الأيام موجة من عدم الرضى وسط الجماهير للزيادات الملحوظة والمتفاوتة من صيدلية لأخرى، بشكل ينبيء عن عدم الرقابة والضبط لهذه الأدوية، والتي هي ضرورية واستراتيجية في حياتنا السودانية، التي لا يخلو فيها المواطن من مرض حاد، أو مزمن، وغياب هذه الرقابة تترك المجال مفتوحاً للتجارة في الدواء بصورة لا تتماشى مع القيم الإنسانية للتطبب، لأن الكثير من المرضى قد يجدون أنفسهم غير قادرين على مواصلة استخدام بعض الأدوية لعدم القدرة على الشراء، لذلك سلسلة من التبعات الصحية ترتكز على هذا القطع، خاصة في استخدام بعض المضادات الحيوية، والتي قد تترتب عليها مقاومة مسبب المرض للجرعة المنقوصة، بزيادة تغلبه للمعالجة جملة وتفصيلاً، وما بين كل تلك الحالة المزعجة نرى أن التعامل مع الدواء كسلعة تجارية مطلقة، ربما دفع بحالة الارتفاع وفقاً للقروض والرسوم والضرائب.. فهل استطاعت الدولة إيجاد وسيلة توازن بها ما بين الأسعار المعقولة التي تحفظ حقوق صناعة الدواء، وفي ذات الوقت تتيحها للمواطنين بأسعار تناسب أوضاعهم العامة، وتترك هامش ربح معقول للشركات والجهات المعنية والصيدليات.. وإن كنت عزيزي القاريء تمر بالقرب من شارع مستشفى الخرطوم أو الشعب، فإنك بلا شك تلاقي بعض المضطرين «للشحدة» يحملون روشتات المرضى، وأظنك حصيفاً بالقدر الذي يجعلك تميز بين المضطر وممتهن «الشحدة»، وكم من إحساس حزين وسالب سينتابك إن لم تستطع التميز بينهما، أو كان «المشحود له» في طريقه للعبور للحياة الأبدية.. عموماً وجب علينا أن نحي هذا المجتمع السوداني المتكافل، الذي ما زال رجاله ونساؤه يفرقون بين الضرورة والأولوية، حيث يتكافلون في أمر العلاج بشكل مدهش.. أدام الله مثل هذا السلوك وكتب له الاستمرار.. على المستوى الضيق ظللت أرمق الكثير من المتراحمين يلتزمون بتوفير أدوية بعض المضطرين بشكل راتب، دون أن يحس بهم أحد، أو يصيبون أخوانهم المرضى برشاش المن والأذى.. فالحمد لله ما زال مجتمعنا السوداني وفياً لقيم الأجداد في دفع الشر عن بعضهم البعض، في توادد ومراحمة، وتبقى أن لا نغفل أن بعض الجوانب المظلمة قد بدأت في نهش جوانب هذه الصورة الزاهية بفرط الأنانية، والابتعاد عن مشاركة الآخر همومه، والتي يعتبر المرضى أولها أو الطاغي على المشهد الإنساني.
آخر الكلام:
كثيراً ما كنت أحادث نفسي بحدة إن استجداء الدواء يكون الأفضل منه مقابلة القبلة للدعاء، ورجاء الله أن يخفف عن عسرة الحال الذي يجعل المريض ينظر للدواء كأنه مستحيل..
مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]