بالله عليكم هل هذا يعني أنَّ المدارس الأجنبيَّة لم تكن تفعل ذلك طوال العقدَين الماضيَين منذ تفجُّر الإنقاذ التي تزعُم أنَّها جاءت بالمشروع الحضاري؟! هل يُعقل أنَّ هذه المدارس التي يُدرس فيها طلاب سودانيون مسلمون لم تكن مُلزمة طوال ربع القرن الماضي وقبل ذلك منذ استقلال السُّودان بتدريس تلاميذ السُّودان لغة أمهاتهم وآبائهم بل الأخطر من ذلك دين هذه البلاد وهُوِيَّتها التي تُصنع من خلال الانتماء للجغرافيا والتاريخ الذي ينبغي أن يشكِّل وجدان أبناء هذه الأمَّة وانتمائهم الحضاري؟!
السؤال الأهم هو: لماذا ولاية الخرطوم ولماذا لا يُصار إلى إصدار قانون اتحادي يُلزم جميع ولايات السُّودان بعد أن حُسمت هُوِيَّة البلاد عقب خروج الجنوب من خريطة السودان؟
أعلم أنَّ جهداً كبيراً ينبغي أن يُبذل في الخرطوم خاصَّة والسُّودان عامَّة في سبيل إعادة ترتيب أمر التعليم وبصفة خاصَّة المدارس الأجنبيَّة والخاصَّة من حيث الالتزام بالمناهج المقرَّرة ومن حيث ضوابط القبول والبيئة المدرسيَّة خاصَّة أنَّ فترة نيفاشا كانت قد غلَّت يد الحكومة كثيراً في الرقابة جراء التنازع حول هُويَّة هذه البلاد سيَّما وأنَّ الحركة الشعبيَّة كانت تقاتل في سبيل تحييد العاصمة القوميَّة وإخراجها من مرجعيَّة الشريعة الإسلاميَّة.
أُسر كثيرة درس أبناؤها خارج السُّودان بعد أن سعى الآباء سعياً حثيثاً لنيل العيش بالخارج بل إلى اكتساب جنسيَّات أجنبيَّة واكتشفت أخيراً بعد العودة المتأخِّرة أنَّهم ارتكبوا أكبر أخطاء العمر حين أفقدوا أبناءهم اللسان العربي القرآني الذي لا تعدله ثروة الدنيا ونعيمها والحديث ذو شجون.
واحرَّ قلباه!!
{ شعرتُ بالأسى حين قرأتُ خبراً عن ضبط عصابة مكوَّنة من خمس سودانيات امتهنَّ النشل والسرقة في الأسواق الشعبيَّة بالمملكة العربيَّة السعوديَّة بل في مكة حيث بيت الله الحرام!!
الخبر المروِّع بُثَّ على نطاق واسع من خلال تصريح للناطق الإعلامي لشرطة العاصمة المقدَّسة المقدَّم عبد المحسن بن عبد العزيز الميمان ومن أسفٍ فإنَّ جنسيَّة الإنسان في كثيرٍ من البلدان تُقدَّم على اسمه ولكم أن تتخيلوا أثر خبرٍ كهذا على سُمعة السُّودان وعلى سُمعة الجالية السُّودانية ليس على نطاق المملكة وإنما على مستوى دول الخليج أو دول مجلس التعاون الخليجي.
أن تُشكَّل عصابة من الرجال السودانيين يُعتبر أمراً مشيناً فما بالك بعصابة من النساء لو فعلنَ فعلهنَّ هذا هنا في الخرطوم لرفع الشعب السوداني حاجب الدهشة استنكاراً واستغراباً.
الناطق الإعلامي الذي كان حريصاً كما جرت العادة على ذكر جنسية المتهمات أورد كشفاً بالسرقات التي ضلعن فيها وتحدَّث عن تفاصيل يندى لها الجبين!!
لم أقل في يوم من الأيام أو أزعم أنَّ الشعب السُّوداني شعب ملائكي حتى عندما كان السُّودانيون أكثر حرصاً على سُمعتهم في تلك الأيام العطِرات خلال تسعينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي حين كان المجتمع السُّوداني أكثر تماسكاً وأقل تأثراً بالحروب التي أحدثت بهجراتها ومراراتها وتداعياتها تهتُّكاً في نسيج المجتمع وفي قِيم الردع الاجتماعي الذي كان يصدُّ المتفلتين عن كثيرٍ من السلوك الشاذ والمنحرف عن الجادة لكني أقول إنَّ دور السفارات ينبغي أن يُعاد ترتيبُه بما يجعل الحفاظ على سُمعة السُّودان وكرامة شعبه من أولى اهتمامات العمل الدبلوماسي.
كنا مغتربين خلال فترة السبعينات والثمانينات وكنا نرقب أيَّ سلوك منحرف خاصَّة من بعض النساء السُّودانيَّات وكانت الجالية نشِطة جداً في الذبِّ عن سُمعة السُّودان وشعبه وكانت السفارة تُبعد كلَّ من يأتي سلوكاً شاذاً يسيئ إلى سمعة السُّودان خاصَّة من النساء فهلاّ نُشِّط هذا الدَّور وهلاّ مُورست رقابة أكثر صرامة على أصحاب وصاحبات السوابق حتى لا يُلحقنَ الأذى بسُمعة هذه البلاد المنكوبة التي انتشر متمردوها في أرجاء الدنيا يُعملون أسيافَهم في سُمعتها ويُمرِّغون كرامتها في التراب!![/JUSTIFY]
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة