والسحاحير كما يزعمون لا فرق بين هيئتهم وهيئة الإنسان وهم من سكان المنطقة وتحولوا الى سحاحير وأصبحوا «برمائيين» ولهم «أزيال يخفونها» في مؤخراتهم ولا يظهرونها إلا عند اللزوم وظهورهم على حقيقتهم، ويروى أن رجلاً ذهب الى شاطيء النيل ليعمل في زراعة «جرفه» مبكراً قبل طلوع الشمس ووجد امرأة فأخرجت له «ضنبها» وفر الرجل هارباً، وفي الطريق وجد امرأة متجهة الى النيل فأوقفها ليحدثها عن ماحدث له ويحذرها من الذهاب الى الشاطيء فما كان منها إلاّ أن«سلت ضنبها» هي الأخرى وهي تقول للرجل «هل ذنبها أطول من هذا أم أقصر»، ويواصل الرجل في الهروب بسرعة أكبر، هكذا كانوا يروون لنا.
ويتم التعرف على السحار بتقديم «اللبن» له وهو لا يشرب اللبن أبداً ويرفضه بشدة، ومن طرائف السحاحير أن «جعلياً» تزوج بإحدى بنات «ناوا» واستنكرت أسرته هذا الزواج ولكنه لم يكن من الذين يؤمنون «بالخرافات» وتزوجها وسافر بها الى أهله وأسرته وعند وصولها للأسرة «عملوا حالة طوارىء واستعداد 100% » في البيت خوفاً منها وإهتدت والدة العريس الى فكرة «الإختبار اللبني» للتأكد من هل هي من بني الانسان أم من «السحاحير» ؟؟ حيث قامت بتجهيز وجبة «العشاء للعروس» من اللحم «واللبن» وقدموها للعروس والجميع في انتظار نتيجة ذلك «الفحص اللبني» فإذا بالعروس تفاجىء الجميع «وتختار اللبن» ولم تمد يدها للحم أبداً وهنا إطمأنت والدة العريس على أن زوجة ابنها ليست «سحارة» ونام الجميع في إطمئنان وأطمأنوا على ولدهم العريس من أن العروس لن «تسل» ذنبها ليلاً لابنهم..
ذكرت في بداية حديثي عن «الخرافة» أنها تختلف حسب «البيئة» التي يعيش فيها الإنسان وفي البيئة «الرعوية» حيث وجود العلاقة بين الرعي والحيوانات التي تفترس الأنعام التي يرعونها، كما نجد من يعتقدون أن هناك بعض « القبائل» التى لأفرادها خاصية التحول الى «مرافعين» كما في شرق بلادنا وغربها – ويروى أن أحد إخوتنا الهدندوة ممن يعتقدون صحه هذه الخرافة وجد أحد أفراد القبيلة التي لأفرادها خاصية التحول الى «مرافعين» بعد مغيب الشمس وفي مكان «خلوي» ولما كان طريقهما واحداً، صار الهدندوي يمشي خلفه وإذا وقف الرجل وقف وإذا مشى يمشي يفعل ذلك وهو ممسكاً على مقبض سيفه بيده ، ولما لاحظ الرجل المرفعيني فعله وقف وسأل الهدندوي قائلا «لماذا تمشي وحدك في مثل هذا المكان بعد مغيب الشمس ؟؟ إنت ما بتخاف من الكراي؟؟» والكراي بلهجة أهلنا الهدندوة يعني «المرفعين».. فرد عليه الهدندوي ويده على مقبض سيفه « والله إن كان ختيناك انت الكراي بعدين نباصر».. والبجاوي رجل شجاع لا يخشى المرفعين الحقيقي.. ولكن مشكلته في هذا الإنسان الذى يتحول الى حيوان ،،
ولما كان نفس الإعتقاد نجده فى غرب بلادنا السودان حيث البيئة الرعوية ولوجود نفس القبيلة التي لها خاصية التحول الى «مرافعين» هناك يروى لنا صديقنا أبو القاسم آدم الكردفاني إن أحد أصحاب الأنعام من أقاربه فقد خروفاً من أنعامه ووجد آثار المرفعين بالقرب من الحظيرة فأخذ سلاحه وتوجه الى حيث تسكن تلك القبيلة التى لأفرادها خاصية التحول الى «مرافعين» وقدم اليهم إحتجاجاً شديد اللهجة فيه كثير من الوعيد ومما قاله لهم «والله لو ما دحرتو ناسكم دول نحن بنعرف نحمى بهايمنا ككيف- بتاً إن كان جيتونا لى بهايمنا ما بترجعوا حيين».. والرجل يستطيع أن يحمي أنعامه ولكنه يخشى أن يقتل إنساناً من أجل خروف وذهب إليهم وهو يحمل بندقيته ليثبت لهم أنه قادر على حماية خرفانه فليحذروا ولا عذر لمن أنذر ،،،
سعيد دمباوى: صحيفة الوطن
[/JUSTIFY]