الافراج عن مرسي واخوانه المحتجزين، ما يرشدنا الى ان الجيش المصري قد حبس في الزاوية والسيسي اصبح مكبلا من ناحية السياسية الخارجية الغربية ما قد يجعله في مواجهة سياسية وحيدة مع اخوان مرسي مستقبلا، بالرغم من الدعم اللوجستي الذي يتلقاه من طرف بعض الدويلات الخليجية له والتي ليست ببعيدة هي الاخرى بدأت تفقد ثقتها بالسيسي، الامر الذي سيدفعها الى سحب دعمها المالي منه على غرار خسارة البورصة المصرية 5.4 مليارات جنيه بعد زيادة وتيرة الاحتقان السياسي في مصر.
وفي ظل ذلك، كان السيسي قد وجه على اثرها رسالة واضحة يوم الاربعاء لانصار الشرعية يتعهدهم فيها باكمال خارطة الطريق المطروحة، وبأنه لن يتم التراجع عنها نزولا عند ارادة الشعب، وعند هذه النقطة بالذات نلمح تشدد اللهجة التي استخدمها السيسي تجاه الاخوان والتي تحمل في طياتها الكثير من الدلالات بحسب ما يراه المختصون في هذا المجال، خصوصا في ما يعتقد انه قد يكون المرشح القادم للانتخابات المصرية المقبلة.
وقد جاء في تصريح السيسي حين دعا الشعب المصري للاحتشاد يوم الجمعة في مليونية منح الجيش تفويضا شعبيا لمواجهة العنف والارهاب، وما قد نستخلص من هذا التصريح وجود احتمالين لا ثالث لهما قد يقع فيهما السيسي. ويكون اولهما التأييد الشعبي له والخروج بمليونيات ربما تفوق مليونيات رابعة العدوية التي يشرف عليها الاخوان، مما سيؤدي الى حتمية التصادم والدخول في نزاعات بين الطرفين والتي ستدخل عندها مصر في نفق مظلم عبر حرب اهلية تقودها الى المجهول مجسدة بذلك نفس السيناريو الجزائري الذي لا نستبعد دق طبوله على ابواب مصر.
واما عن ثانيهما فيتمثل في امكانية رفض القبول الشعبي لهذه المليونية التي دعا لها السيسي حتى وان كانت محتشمة فانها ستضعه في ورطة كبيرة امام مقابلته الرأي العام الدولي الذي لن يتوالى با صدار امر التدخل العسكري بداخل ارض الكنانة بحجة اخراجها من عنق الزجاجة، مما سيدفع بالسيسي الى الاخذ بطريقة النظرية الصفرية للجيش الروسي عند فقدانه الاتحاد السوفياتي وهي اخذ كل شيء او لا شيء اي الانفراد بالحكم او الخروج صفر اليدين ومحاكمة عسيرة في انتضاره او قد يتم اخذه بنصيحة شمشون الشهيرة والمتمثلة علي وعلى اعدائي لتكون بذلك الطامة الكبرى التي ستحرق بها مصر وفقا لما يريده اعداؤها بمكيدة وقع في غفلتها السيسي.
وعجيب العجاب مما نراه عند حضرة الرئيس المؤقت للبلاد عدلي منصور الذي برغم من تدهور الاوضاع في مصر الا اننا لا نكاد نراه ملما بها منذ توليه القيادة دون ان يخرج بأي تصريح او خطاب مكتفيا بحكمة الصمت التي تثير مخاوف الكثيرين من ولوج العسكر في السياسة، الامر الذي نتج عنه انشقاقا في البنية العسكرية من خلال ما نلمحه في خطابه الاخير حول ما دعى اليه السيسي بانضمام ومساهمة جميع نبلاء الجيش في مليونية الجمعة ما يوحي لنا تواجد بعض القوى العسكرية المعادية له، والتي ربما ستكون السبب الرئيسي لاسقاطه من ذلك المنصب الذي يشغله لانه بالأكيد رضخ ووقع في فخ المعارضة العلمانية التي لا تؤمن سوى بالديمقراطية الدموية والتي نعلم من يقودها وهم فلول مبارك.
وما قد نفهمه من الكواليس التي تحاك وراء الثورة المصرية في ان الغرب قد وحدوا موقفهمم بالاجماع على موقف واحد، فيما نرى العكس من توالي الصمت المفاجئ الذي يخيم على الدول العربية خاصة بعض الخليجية التي تدعم السيسي، فيما قد يدخل لنا الشك بانها اوقعت السيسي في المصيدة ؟ وهل كان ذلك تعاقد سري مع الغرب؟! فليندع الايام القلائل القادمة تروي لنا خفايا كواليس ذلك.
القدس العربي
حداد بلال