تذكرت الآن ما جرى في ذات يوم من 19 سبتمبر: كان ذلك يوم زواجي.. يا ربي.. قبل كم من السنين كان ذاك؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.. ما من شك في أنني إنسان فلتة وبطل ورمز للصمود (وليس التصدي)؟ ثلاثة وثلاثون سنة من الزواج والعيش مع نفس الزولة؟ ما أروعك يا أبا الجعافر وما اعظم صبرك وقوة تحملك!! الله يعطيك العافية والصحة ويلهمك المزيد من الصبر!! هنالك شيء عجيب بيني وبين شهر سبتمبر فأنا وزوجتي من مواليد هذا الشهر وكان زواجنا من غير تخطيط متعمد في سبتمبر ولحسن حظي، فإنها اكثر تخلفا مني ولا تحفل بما يسمى عيد الميلاد او عيد الزواج (عندما أكتب كعادتي كل سنة مقالا يتعلق بالذكرى العطرة ليوم مولدي في الأول من سبتمبر يتحفني عدد من القراء ببطاقات تهنئة الكترونية، ولم يفكر واحد منهم في إرسال هدية عليها القيمة!! ويزعمون انهم أصدقائي!! بس الحمد لله ان الشعب الليبي البطل فك الارتباط بيني وبين «الفاتح» من سبتمبر.. وهكذا تم تحرير يوم مولدي على أيدي ثوار بنغازي ومصراتة والزنتان وطرابلس)
عندما كانت أمي تلح علي كي أتزوج بعد دخولي الحياة العملية، كنت أقول لها انني لم أعثر على الفتاة «المُقنعة»، فكانت تقول لي ان سعاد حسني ستجن من الفرحة لو طلبت يدها.. خلي قلبك جامد وروح مصر وأطلب يدها وستقول لك شبيك لبيك أنا سوسو بين ايديك (هل فهمتم سر تعلقي بأمي؟).. لماذا لا تشعر زوجتي الحالية بأنها محظوظة ولماذا تعاملني كبعل عادي؟ لماذا لا تتذكر أنها كانت محظوظة أكثر من سعاد حسني التي قررت أن «تعنس»، بعد أن تقاعست عن طلب يدها، ولم تتزوج حتى وفاتها في ظروف غامضة، وقد قالت «سي ان ان» إنه من المرجح انها انتحرت بعد أن تأكد لها أن أبا الجعافر جبان ولا يملك الشجاعة ليتزوجها فوق أم المعارك!! على كل حال سأخالف قواعد التخلف التي درجنا عليها انا وهي وأهنئها اليوم بذكرى نجاحها في الارتباط بأبي الجعافر سليل العناتر، وأدعوها ان تحمد الله الذي وهبها طول البال فصبرت عليّ كثيرا.. وكنت خلال سنوات عملي في الصحافة في ابوظبي أعود في أحيان كثيرة إلى البيت، في الخامسة صباحا فأجدها مستيقظة والطعام على المائدة ثم تدعوني إلى تناول «العشاء» معها (انتبه.. عشاء في الخامسة صباحا)، وكانت في الأيام الأولى لزواجنا، لا تجيد حتى سلق البيض وأطلب منها أرزا مفلفلا، فتظل تقف أمام موقد الغاز تقلب الرز ثم تأتيني بعصيدة، فأفوض أمري إلى الله، وأشتري بيرجر مجمدا وأطلب منها ان تقليه في الزيت فتظل تقلبه في النار نحو نصف ساعة حتى يتحول بدوره إلى عصيدة، وهكذا كنت كلما جلست على مائدة الطعام، أنفجر ضاحكا على ما تضعه أمامي من أكل مجهول الهوية، غريب الملامح، ثم استيقظ ضميرها وعكفت طوال اشهر على تعلم أفانين الطبخ حتى أصبحت «معلمة»، وحتى تحول أفراد أسرتي إلى دبابات، فأصابتها صحوة ضمير أخرى، فدخلت بنا دنيا السعرات الحرارية ونشفت ريقنا بطعام تزعم انه صحي لا رائحة له ولا طعم!وعلى هذا المنوال ضبطت حياتها لتكون مكملة لحياتي وحياة عيالنا بل في خدمة حياتنا، باذلة في ذلك جهدا أثر على صحتها حينا من الدهر مما جعلني أفكر في الاقتران بأخرى شابة حسنة اللياقة البدنية كي تحمل عنها الأعباء.. هل رأيتم كيف يحفظ الرجال الجميل؟
[/JUSTIFY]
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]