الطيب مصطفى : مجرد قلة أدب!!

[JUSTIFY]رغم الصيام أُصبتُ بالطمام حين قرأتُ عن المؤتمر الصحفي الذي أقامه الشاب اليسع ذلك الطبيب الذي اعتدى على وزير صحة الخرطوم بروف مامون حميدة.. أدهشني بحق أن الطبيب حتى بعد فِعلته المنكرة عقد مؤتمراً صحفياً دعا فيه كلَّ من يعترضون على السياسات التي أقرَّها وانتهجها الوزير وحوَّل المشكلة الخاصَّة إلى قضيَّة عامَّة بل عمد إلى تكوين آليَّة سمَّاها (جبهة تواصل) لجمع التوقيعات من العاملين بالحقل الصحي والمتأثرين بقرارات وزير الصحَّة وذلك بهدف سحب الثقة من الوزير!!
نستطيع أن نقول إن موضة «جبهة تمرد» التي ضربت مصر وأنهت الشرعيَّة وأجهضت الثورة المصريَّة انتقلت الآن إلى وزارة الصحَّة ربما لتُعيد سيناريو مصر وتأتي بسيسي جديد يحكم وزارة الصحَّة وربما يكون ذلك الطبيب الشاب طامعاً في أن يكون هو من ستؤول إليه الأمور بعد سحب الثقة من الوزير مامون!!

والله أكثر ما آلمنى بمجرَّد علمي بما حدث ذلك السلوك الذي يخرج على تقاليد الشعب السوداني الذي يوقِّر فيه الصغيرُ الكبيرَ فبالله عليكم كيف يجرؤ طبيب شاب على مدِّ يده على رجل تقلَّد منصب مدير جامعة الخرطوم ناهيك عن أية وظيفة أخرى وكيف يمدُّ يدَه أو إصبعَه إلى رجلٍ في عمر والده بل كيف لا يشعر بالأسف بعد ذلك على ما أقدم عليه ويتمادى في غيِّه وفجوره ويصوِّر ما أقدم عليه من سلوك شاذ بأنَّه دور بطولي يتباهى بعقد مؤتمر صحفي ليُعلن عنه وكأنَّه بلغ قمَّة المجد وتجاوز الثريَّا عزةً وشرفاً!
لقد سنَّ ذلك الشاب بسلوكه هذا الشاذ سُنَّة سيِّئة سيكون له وزرها فتخيَّلوا أن يُقدم كلُّ من يعترض على أيِّ قرار في أي مرفق أو وزارة أو هيئة حكوميَّة أو شركة خاصَّة أو عامَّة.. أن يُقدم على الدخول مباشرة على الوزير أو المدير أو الوكيل وينهال عليه ضرباً وركلاً مُعتبراً ذلك سلوكاً محترماً وقانونياً راقياً.

مشكلة هذا الشاب أنَّه يجهل أنَّ السياسات التي ينتهجها الوزير في تسيير وزارته تُتخذ بموافقة حكومة الولاية ومؤسساتها وأكثر ما جعلني أنحاز للوزير مامون حمِّيدة من أول يوم أنَّ الرجل لم يسعَ إلى المنصب في إطار صراع السلطة والثروة الذي يفتك ببلادنا ويملؤها بالتمردات إنما ظل رافضاً إلى أن تدخَّل رئيس الجمهورية بالرغم من أنه منصب وزاري ولائي ثم إنِّي لن أنسى موقفَه الأخلاقي عندما اعترض على بعض السياسات التي أقرَّتها وزارة التعليم العالي وكان وقتها مديراً لجامعة الخرطوم وخشي بموجب مسؤوليته الشخصية كمدير للجامعة من أثر تلك السياسة على جامعته ودفع ثمن ذلك خروجاً مشرِّفاً من الجامعة.
هناك كبار في السن والعلم من الأطباء هم أجدر بمناقشة سياسات وزارة الصحَّة من هذا الشاب الذي انتصر لنفسه وليس لقضيَّة عامة وهم أولى بأن يعقدوا المؤتمرات الصحفيَّة يا هذا فهلاً تواضعتَ قليلاً ولزمتَ حدودَك؟! مِن هؤلاء الكبار د. الهادي بخيت المدير السابق لمستشفى الخرطوم فالرجل عالم كبير في جراحة المخ والأعصاب وقد شهدتُ له مواقفَ وعمليات تكشف عن عظمة الرجل.

لقد تحدثتُ مع د. مامون من قبل أن يستمع إلى كبار الأطباء ممَّن يعترضون على بعض سياساته فأنا لا أشكُّ في أنَّ د. الهادي وكثيرين غيره يتحرَّكون من منطلقات ودوافع عامَّة وعلى الأخ مامون أن يجلس إلى هؤلاء ويحاورهم فذلك مما يُزيل ما يعلق في النفوس من احتقان ويحقِّق الوئام المطلوب.
لم أكتب هذا المقال إلا انتصاراً للقِيم والعادات والتقاليد والأعراف النبيلة التي تعَارَف عليها الشعبُ السوداني.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version