ما سبق رأيته بعيني أمسية أمس الأول في شارع النيل بالخرطوم، وهو ما يمثل (تعدياً سافراً) على حرمة الشهر الفضيل سواء من الفتيات أو الفتيان على السواء، وهو الأمر الذي وافقني فيه المهندس “محمد الدسوقي” أحد رواد شارع النيل الذي أعرب عن امتعاضه من الحادثة، مضيفاً أن شهر رمضان لا ينفصل ليله عن نهاره وما يبتعد عنه المسلم نهاراً يجب أن يكون بعيداً عنه أيضاً أثناء الليل، منتقداً في ذات الوقت سلوك الفتيات الذي أجبر الشباب على التمادي و(ملاحقتهن) حتى يرضخن لرغباتهم، وختم حديثه قائلاً: (ربنا يهدي الناس للطاعات في هذا الشهر المبارك).
تناقض ظاهر
ويعلق الدكتور “محمد بولو” الاختصاصي في العلوم الاجتماعية، على هذه الظواهر بأن الأصل في الشهر المبارك هو ازدياد مظاهر التدين من امتلاء المساجد وإقبال الناس على الصلوات والتراويح، وانتشار اللباس المحافظ، وتوسع مظاهر الجود والإنفاق.
وتابع “بولو”: أنه للأسف تنتشر مظاهر أخرى سلبية تكاد تضيع مقاصد هذا الشهر الفضيل، من قبيل السهر الكثير بالليل من دون فائدة، وملء الوقت بتوافه الأمور، مثل لعب الورق وأخطر ما فيه عندما يتحول ذلك إلى ميسر وقمار.
كما أشار إلى انتشار ظاهرة (التسكع) مباشرة بعد تناول وجبة الإفطار، عند فئات كثيرة في الشوارع العامة، وعلى شارع النيل خاصة، وغالباً ما يكون التساهل في الملابس والعلاقات وتنشط المعاكسات والمظاهر المخزية في الأماكن المعتمة.
والغريب، أن العديد من الأسر يتساهلون في خروج المرأة ليلاً في رمضان ما لا يسمحون به كثيراً في غير رمضان، كأن الناس يخففون من التكاليف وينفلتون من صرامة الانضباط في نهار رمضان، الأمر الذي يفيد أن رمضان قد انقلب عند البعض مجرد عادة يقلب فيها الليل إلى نهار ويقلب فيها النهار إلى ليل.
واستطرد الباحث بأن ليالي رمضان صارت عند البعض فرصة للتنفيس والتعويض عن (الحرمان)، وذلك في غفلة تامة عن مقاصد الصيام وأهداف هذه العبادة من التقوى والصلاح، والتخفيف من الذنوب والمعاصي، والإكثار من أنواع البر والحسنات، مشيراً إلى أن البعض يزدادون فسقاً وفجوراً في رمضان، غافلين حرمة الشهر وقداسة الموسم وعظم الإثم فيه كعظم الثواب في رحابه.