وجد الخبراء أن الأشخاص الذين يمارسون هواية الثرثرة دون أن يشعروا بالذنب يملكون علاقات اجتماعية كبيرة وغالبا ما يعيشون نمط حياة صحياً لأن حديثهم مع الآخرين يحرر مشاعرهم وأحاسيسهم ويقلل من التوتر والكبت والغيظ الذي يسبب الأمراض
وأظهرت الدراسة أن الثرثارين نادرا ما يتعرضون لأمراض القلب والاضطرابات العصبية واليأس والكآبة لأن الثرثرة تشجع على مشاركة الأحاسيس وما يدور في الذهن والوجدان فتقرب من الآخرين وتشعر الإنسان بالراحة.
ورد في موقع صحيفة اتجاهات أن نشرة صحفية من ديلي تلغراف تشير إلى أن لدى هرموناً أطلق عليه اسم أوكسيتوسين ووصفه العلماء بأنه هرمون ضبط المزاج وهو الذي يدفع إلى التحدث مع الأهل والصديقات والجارات وغيرهن للتخلص من الضغوط دون الانسحاب للصمت أو الاندفاع إلى العدوان، كما يفعل الرجال، وهو ما يجعل النساء أقل عرضة للوقوع فريسة للإدمان أو الاضطرابات العصبية..
أما السيدات اللاتي لديهن مشاكل عديدة وضغوطات نفسية ويشعرن بالخوف فتقل نسبة هرمون الأوكسيتوسين لديهن. حيث نجد أن الهرمون يرتفع عند المساج البدني وعند الذكريات الجميلة، بينما يهبط عند الذكريات المؤلمة، وهذا الهرمون تفرزه الغدة النخامية ووظيفته الأساسية عند الإناث هو انقباض الرحم عند الولادة وتدفق الحليب عند الإرضاع وهو يفرز عند الجنسين، ولكن بكمية أكبر لدى السيدات ويؤدي هرمون الأنوثة الاستروجين إلى زيادة فاعلية هرمون الأوكسيتوسين بينما يؤدي هرمون الذكورة التستستيرون إلى خفض فعاليته..
يري الدكتور صابر عبد العظيم (أخصائي في الطب النفسي) بأن الثرثرة أوما يقال عنه الفضفضة تعتبر إحدى طرق العلاج النفسي ونتائجها مضمونة مائة بالمائة خاصة مع النساء بعكس الرجال لأنها أكثر عرضة للأمراض النفسية من الرجل بسبب الضغوطات التي تواجهها في الحياة سواء الاجتماعية أو النفسية أو نتيجة التركيبة البيولوجية لها.
كل هذه العوامل تجعلها عرضة للاكتئاب أو القلق النفسي. والفضفضة بحد ذاتها وسيلة تمنع ظهور أمراض عديدة لأن الكتمان يولد الانفجار، كما أن الضغوط النفسية تؤثر بشخصية الإنسان وتجعله عرضة لمفاهيم خاطئة شيئاً فشيئاً ليفكر بأفعال عدوانية، لذلك أنصح الرجال والنساء باللجوء لأسلوب الفضفضة (الثرثرة) والحرص على انتقاء الأشخاص الذين يتمتعون بصفات أخلاقية ولديهم القدرة على سماع هموم ومشاكل الآخرين دون التطرق لها أو نشرها أمام الناس، ولكن الخلافات الشديدة والمتأزمة غالباً ما يرافقها تعصب وإصرار وتكون بالغة الأثر في الإساءة للطرفين وقد شرعت وسائل عديدة لعلاج هذه الخلافات لكن تظل الفضفضة والثرثرة أضمن الطرق للخلاص من الآلام والمتاعب النفسية الناجمة عن الضغوطات والخلافات، وفي علم النفس يتم تشخيص الأمراض العديدة عبر الفضفضة ومن ثم تحديد العلاج المناسب للحالة..
تقول الدكتورة فيفان أحمد فؤاد أستاذ علم النفس الطبي بجامعة حلوان أن ميل النساء إلى الثرثرة يرجع إلى عامل فسيولوجي-كما سبق ذكره- يجعل من محصولهم اللغوي وقدرتهم على الكلام يفوق الرجال بدرجة كبيرة، ويلاحظ أن البنت الصغيرة لديها قدرة فائقة على اكتساب المهارات اللغوية بشكل يفوق الولد.
الثرثرة من وجهة نظر شرعية:
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه)، (وكلام ابن آدم عليه لا له إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكر الله – عز وجل -). حديث صحيح
وعليه إذا كان تحديدنا لمفهوم الثرثرة الحديث بما لا يرضي الله – تعالى- من التكلم في أعراض الناس والغيبة والنميمة وغيرها فيصدق علينا الشطر الثاني من الحديث، أما إذا كان تحديدنا للمفهوم نفسه بالتكلم عما يخالجنا من هموم ومشاكل خاصة بنا لا بغيرنا بهدف التخفيف عن النفس والبحث عن حلول فلا شك أننا سنجني الراحة النفسية بحول الله، مع العلم أن خير ما نضع همومنا بين يديه ليفرج كربتنا هو الخالق وليس المخلوق والله من وراء القصد.
تخيل أن تكون مُراقباً ومُحملاً بأجهزة استشعار عن بُعد ولكن بموافقتك، تتنصت عليك هذه الأجهزة وتنقل للمراقبين كل تحركاتك وانفعالاتك وتعابير وجهك ونبرة صوتك وحتى رمشة أهدابك، إضافة إلى وضع برنامج في هاتفك المتنقل لتعقبك أينما ذهبت!
هذا ما استحدثه الباحث “ألكسنر بينتلاند” الذي جمع بين علميْن تميّز بهما، أحدهما يتعامل مع الأجهزة والتقنيات الحديثة واستخراج البيانات من أجل تطوير وسائل الاتصال، والآخر علم الاجتماع الذي يتعامل مع البشر وتفاصيل حياتهم، وبدل أن يستخدم دراسته في تطوير الأجهزة الصماء كما هو مفترض، قرر أن يدمج بين العلميْن ويقوم بعمل له تأثير مباشر في حياة الناس ويستخرج الحقيقة بدل استخراج البيانات بالطرق التقليدية، مثل الاستبيانات التي تتدخّل فيها مزاجية الشخص أو طريقة الاستقراء التي تقوم بها المواقع الإلكترونية وتعتمد على مقاييس محددة وقاصرة، وذلك بتعقب أفراد الدراسة ومراقبة تفاصيل حياتهم لمعرفة نمطها والتعرُّف على شخصياتهم ومهاراتهم وكيفية تعاملهم مع أمورهم الحياتية.
قام بيتلاند بوضع أجهزة الاستشعار والتي سمّاها “سوشيو ميتر” أو “المقياس الاجتماعي” على 80 موظفاً من مركز الاتصال في بنك أمريكا. وبواسطة الإشارات الصادرة عن طريق البلوتوث والأشعة تحت الحمراء تمكّن بيتلاند وفريقه من قياس إنتاجية كل موظف في الدقيقة الواحدة، ولمدةٍ تزيد على الشهرين، وكانت النتائج مذهلة وعكس المتوقع. لقد وجدوا أن الأشخاص الذين يتحدثون كثيراً مع مَن حولهم ويشتكون لهم من ضغوط الحياة ومشكلاتها ويبحثون عن حلول، هم الأكثر إنتاجية وشعبية مقارنة بالصامتين!
وهذا ما دفع بيتلاند لتطوير البحث، وبدلا من تحديد وقت معين لشرب القهوة قام البنك بمنح موظفيه استراحة على فترات متقطعة لتمكينهم من الجلوس مع بعض وتبادل أطراف الحديث وكانت النتيجة زيادة إنتاجية البنك بما مقداره 15 مليون دولار! أي أن الثرثرة أو الفضفضة منحتهم الراحة وخففت من أعبائهم.
ويطمح إلى أن تُغير طريقة البحث هذه والتي تعتمد على تفاصيل حياة الشخص اليومية إلى تغيير سلوكيات كثيرة خاطئة في حياتنا! مثل علاج السمنة بتحسين العادات الغذائية فعندما تسأل شخصا بدينا عن بدانته يقول لك: “ما آكل كثير ومع ذلك وزني يزيد”، ولكن بمراقبة تفاصيل حياته اليومية تجده عكس ذلك!
أما “أوسكار يوبارا” من جامعة متشيجان فقد لاحظ بعد دراسة قام بها على 192 طالبا، أن قضاء عشر دقائق للحديث مع الآخرين يزيد من القدرات العقلية اللازمة للتعامل مع مشكلات الحياة اليومية مثل “الإدراك، المراقبة الذاتية، القدرة على التقليل من صرف الانتباه” ووجد أن حديث الطلبة مع بعضهم قبل الدخول إلى قاعات الامتحان يساعد على رفع المهارات العقلية ومن ثم الحصول على درجات أفضل، لذا دعوهم يثرثرون.
د. سلافا العاقب أحمد
” كيف الصحة ”
ماجستير صحة عامة وصحة مناطق حارة
[email]drsolafa2011@hotmail.com[/email]