ويستهدف الهجوم الثلاثي غابات (غارامبا) في شمال شرق الكونغو على تخوم الحدود المشتركة بين السودان ويوغندا والكنغو، ويمثل هذا التعاون التكتيكي اختراقاً كبيراً في مجال التنسيق والتعاون الاقليمي رغم الاختلافات بين البلدان الثلاثة، وهى استراتيجية متقدمة في التعامل مع حركة تمرد تتنقل بين اكثر من بلد وتثير الرعب وتقتل المدنيين وتخطف الاطفال، ولكن هل تنجح هذه الخطة في اجبار كوني على الاستسلام والتوقيع على اتفاق السلام الذي تفاوض عليه الطرفان منذ العام 2006 دون ان يعترض كوني على بنود الاتفاق، وانما العقبة الكبرى امام توقيعه على الاتفاق الجاهز هو اشتراطه الحصول على ضمانات بعد تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية في مساومة بعنوان: السلام مقابل العدالة، وهو ما فشلت الحكومة اليوغندية وحكومة جنوب السودان وسيط التفاوض في التعهد لكوني بذلك، واكتفى نص الاتفاق بأن تكون هناك محاكمات داخل يوغندا لجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبت اثناء الحرب الاهلية شمال يوغندا.
مع بداية الهجوم يوم الأحد قال ناطق باسم الجيش اليوغندي ان الحملة نجحت في تدمير المعسكر الرئيسي لجوزيف كوني، والمعروف باسم معسكر (سواحيلي)، حيث أضرمت فيه النيران.
ووجدت الحملة دعما كبيرا عندما أشادت الولايات المتحدة بالعملية وقال المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأميركية روبرت وود: نشيد بالتحركات التي قامت بها هذه البلدان ضد جيش الرب وأضاف أن كل ما قام به جيش الرب للمقاومة في السنوات العشرين الأخيرة قد تسبب بأضرار في هذه البلدان.
وأوضح أن الولايات المتحدة لم تشترك في أية عملية قتالية على رغم العلاقات التي تقيمها الولايات المتحدة على المستوى العسكري مع كمبالا وكينشاسا والخرطوم.
وبعد يومين من سير العملية الثلاثية طالبت الحكومة اليوغندية امس زعيم جيش الرب بالاستسلام لينجو من الهجوم العسكري المشترك، وقال وزير الخارجية إنه «إذا استسلم كوني ووقع اتفاقية السلام النهائية سيتوقف الهجوم العسكري وستعود عملية السلام إلى مسارها»، ومضى وزير الدولة للخارجية اليوغندية اوكيلو اوريام اشواطاً ابعد في التهديد عندما وضع كوني امام خيارين احلاهما مُرٌّ بالنسبة له الاستلام والتوقيع او في حال القبض عليه سيسلم الى محكمة لاهاي، ويخشى عدد من المراقبين ان تؤدي مثل هذه اللغة التصعيدية الى امعان كوني في العناد والتمترس داخل ادغال غابات غارامبا والحاق المزيد من الأذى بالمدنيين في سبيل حماية نفسه.
ولا ترى كتلة نواب (الاشولي) بالبرلمان اليوغندي وهم يمثلون الدوائر الشمالية حيث مسرح الصراع مع كوني لأكثر من عشرين عاما، لا ترى جدوى من هذه العملية العسكرية وتدعو الحكومة اليوغندية العودة الى الحوار والتفاوض كسبيل وحيد لحل الازمة مع جيش الرب.
ويقول النائب البرلماني عن أهالي اشوليا، اوكيلو جون ليفينغستون، أنهم يشعرون بالغضب من هجمات وانتهاكات المتمردين. فمعظم جنود جيش الرب تم خطفهم من اشوليا، وهو يشعر بالخوف على حياتهم: «الشباب الصغار من رجال ونساء، الذين يقاتلون مع كوني في الأدغال كانوا قد اختطفوا. وفشلت الدولة في حمايتهم. وبالتالي فإننا نشعر بقوة أنها جريمة مزدوجة، من ناحية محاولة الدولة اليوغندية تدميرهم الآن».
ويعتقد ليفينغستون أن هذا الهجوم سيسبب المزيد من التوتر في الإقليم. «لن يقبل الناس أن يهاجم أطفالهم، وأن يقتلوا مثلما تقتل الكلاب المسعورة. لقد دمروا حياة الآلاف ببساطة، لأنهم يريدون التخلص من قادتهم». ويعترف بلاك بأنه من المحتمل أن يكون أبرياء قد لقوا مصرعهم. ولكنه من الصعب تفادي ذلك، لأن كوني يستخدمهم كدروع بشرية.
القوات الدولية في الكنغو قالت إنها أحيطت علما بالعملية لكنها لم تشارك في الهجوم مباشرة، وتحدث ناطق باسمها عن دعم لوجيستي معتبر قدم الأشهر الماضية لجيش كينشاسا لحماية سكان الشمال من هجمات جيش الرب.
محمود الدنعو :الراي العام [/ALIGN]