محمد وعبد الرحمن وأيمن والشاذلي مجموعة شباب فرضت عليهم ظروف عملهم ضرورة قضاء شهر رمضان هنا بالخرطوم بعيداً عن الأهل، وهم من الشباب الذين يحبذون القيام بصناعة وجباتهم داخل المنزل، وغالبا ما يتناولون إفطارهم في الحدائق العامة أو على كورنيش النيل.. التقيتهم وهم بشارع النيل بأم درمان ليحدثونا عن رمضان وهم عزابة، وابتدر الحديث عبد الرحمن قائلاً: قبل شهر رمضان بوقت كاف يقوم أهلي بإرسال «كرتونة» رمضان التي تحتوى على كل ما نحتاجه بدءاً بالآبري والرقاق واللحمة المجففة ودقيق الذرة والبليلة وختاماً بالبهارات، ونحن اربعة من الشباب استأجرنا «شقة» بإحدى البنايات بالثورة، ولا نعرف شيئاً عن جيراننا من الأسر، وذلك لعدم اختلاطنا بهم نسبة لطبيعة عمل كل منا التي تحتم علينا المبيت احيانا خارج المنزل، ونحن نقوم بتقسيم الخدمات فيما بيننا نحن الأربعة، اثنان منا يقومان بالطهى وإعداد العصائر واثنان يقومان بغسل الأواني ونظافة الشقة، وهكذا بالتبادل. وكثيرا ما نتعرض لكثير من الطرائف خاصة أننا خريجون جدد وهذا أول رمضان نقضيه بعيداً عن الأسر وفي مكان اقامة يخصنا لوحدنا، فعندما كنا طلاباً غالباً ما كانت الاجازة تصادف شهر رمضان أو نقضيه في الداخلية، ومن المواقف المتكررة «يضحك» خاصة من الزميل أيمن «يوم يومو الحلة بتحرق» فهو يحب النوم و «زول جرسة». وأحيانا يتكرم علينا أحد الزملاء بدعوتنا للإفطار، ويوم الدعوة هذا يكون «يوم المنى للناس العليهم المطبخ».
عبد الوهاب محمد الأمين الذي يعمل محاميا ويقيم مع إخوته وابناء عمومته بمنزل بالفتيحاب قال: الجيران في رمضان «ما بقصروا معانا» ونفطر معهم بالشارع، ومنذ بداية الشهر الكريم لم نقم بصنع إفطار داخل المنزل فقط نساهم ببعض العصائر، ولكن في وجبة العشاء نعتمد على الوجبات الخفيفة، ويكون ذلك بنظام «يوم بعد يوم» أو «الدليفري» بنظام «الشرينق»، وأكثر المواقف الطريفة والمتكررة في ما يتعلق بوجبة السحور، ففي كثير من الأحيان نستيقظ قريباً من وقت الأمساك ونكتفى بشرب الماء فقط، وذلك نسبة لـ «الإتكالية» فالسحور غير مدرج في الجدول نسبة لأن كل منا يتعذر بعدم استطاعته الاستيقاظ صباحاً للحاق بمواعيد الدوام بعد أن يستيقظ في زمن السحور، ونقوم بتوزيعه على الجميع. سرد لنا هذه القصة التى حدثت بالفعل من أحد منسوبى إحدى الولايات التى اشتهر أهلها بالكرم الفياض، فقال محدثنا: كنا مجموعة من العاملين والموظفين والطلاب نقيم بشقة بمدينة بحري، وكنا نقوم بتقسيم العمل فيما بيننا خاصة في شهر رمضان، وفي الفطور عادة ما نعتمد على الجيران وعزومة الزملاء، والعشاء والسحور نقوم بإعداهما بأنفسنا، ولكن نسبة لموقف طريف تعرضنا له من أحد الزملاء استثنينا وجبة السحور من جدول الأعمال، وذلك بعد أن قام أحد الزملاء بتوزيع وجبة السحور علينا أثناء إقامة صلاة الفجر بالمساجد!! ونحن كنا جميعاً نياماً بعد ليلة حافة بالسهر والكوتشينة مع نفر من الناس حلّو علينا ضيوفا، ولم نكتشف ذلك إلا بعد أن فرغنا من تناول الأرز باللبن وشرب العصير، وقد أقسم صاحبنا بأنه «كان نعسان» والغرفة مظلمة ولم يفظن للوقت.
يوسف وحمدان هما أيضاً من العزابة، رقالا في افادتهما لنا: نحن نقيم قرابة العشر اشخاص بالمنزل ونوزع العمل فيما بيننا لإعداد وجبتي الفطور والعشاء، وبالرغم من إصرار الجيران من الأسر على الافطار معهم بالشارع دون أن نحضر شيئاً من الإدام، ولكن من ناحية ذوقية نصر على أن «نطلع بي فطورنا» حتى ينالنا الثواب من أجر إفطار الصائمين عابري الطريق.[/JUSTIFY]
سحر بشير سالم
صحيفة الإنتباهة