«حِماية المُستهلِك» … بين الشِعار والشُعور

[JUSTIFY]عديدةٌ هي الواجهات، والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني ،التي تحمل إسم وترفع شعار «حماية المستهلك» ، ورعايته … وفي ولاية الخرطوم ، تم تسمية وزارة كاملة بهذا الإسم – مقروناً بالمالية ، المال وما أراك ما المال !! ، عدمه وقلته هو الداء العضال الذي يعاني منه المستهلك- « وزارة المالية وشؤون المستهلك « ووزيرها ينوب عن الوالي والي الخرطوم الخرطوم التي تعادل جل السودان ، قوه بشرية وقوه سياسية ، وإمكانات ماديه ، ومالية و كم هائل من المستهلكين …
المُستهلِك هو المواطن السوداني الباطش في هذه الأرض الودود الولود ، وفي هذا الوطن الشاسع الواسع ، رغم إنفصال جنوب السودان وتكوين دوله معاديه للوطن الأم – والذي يرقد علي خيراتٍ وفيرةٍ ، الاراضي الشاسعة الخصبة الفيحاء ، المياه النقية الزلال ، وفوق هذا وذاك ثروةٌ حيوانية تفوق 160مليون رأس رغم هذا العدد الكبييير كيلو اللحم بذيد عن 50جنيه ، واللبن رطله بحوالي 3 جنيهات ، والخضروات والفواكه حدث ولا حرج ، وما زلنا نستورد القمح ، والسكر والقماش والحزاء والدواء… ؛ رغم شعار نأكل ممانزرع ونلبس مما نصنع ، ومن لا يملك قوته لا يملك قراره ، … المواطن المُستهلِك الآن هو الحلقة الأضعف في المعادلة الإقتصادية السودانية ، وهو منطقة الضغط المنخفض في تضاريس المشهد العام ، والضحية الأولي لسياسات التحرير الإقتصادي التي تبنتها الدولة منذ أكثر من 20 سنه …. شعار كل هذه الواجهات والمؤسسات حماية المستهلك ، ودعم المستهلك ، شئون المستهلك ، ، ولكن واقع الحال يقول ..لم يُدعم المستهلك ، ولم يُحمي المستهلك ، ولم تُراعي حاجاتها الأساسية ، سياسات الدولة الإقتصادية في وادي والمستهلك في وادي آخر ، هذا الأخير يحتاج إلي الغذاء والدواء والتعليم .. وكل هذه الأشياء الضرورية تكلفه ما لا يطيق ، ولا يحس بتدخل الدولة ، وحمايتها له ودعمه
الأسواق في قمة سعارها ، والمرتبات التي يتقاضها السواد الأعظم من العاملين في الدولة لا تصمد أمام سيل الغلاء الجارف « سيل الوادي المنحدر « خمسة أيام فقط « والمغالط يسأل محمد أحمد السوداني العامل في الخدمة العامة « ،» وباقي الشهر مجابده «!!… وأضحي هذا المواطن يسخر من مثل هذه المؤسسات الوزارات التي تدعي حماية المستهلك !!! ؛ لأنه ما أصبح له صبح ،ولا تطلع له شمس ، إلا ووجد نفسه تحت مجنزرات غول الغلاء الفاحش ، وبين فكي السوق المتوحش ، والتجار الذين لايسمعون لأنات الفقراء ، واستغاثات الضعفاء …. كيف تتم حماية المستهلك ، ودولتنا الرحيمة بمواطنها تترك الحبل علي القارب للضعاف النفوس من التجار ، ويرفعون الأسعار كما يشاؤون … أذكر في أحد قري ولاية سنار عندما كانت هنالك ندرةٌ في الغاز ، ذهب أحد المواطنيين إلي أحد أصحاب مراكز الغاز يطلب ملء اسطوانته 36رطل فقال له التاجر الجشع الغاز ب 70 جنيه .. هو أشتراه بأقل من 15 جنيه ، واستغل ، عدم الرقابة الحكومية ، وحاجة هذا المواطن البسيط ، وعدم وجود قانون يردع مثل هذه السلوكيات الشرسة ففعل فعلته الذي فعل !! … فما كان من المواطن المسكين إلا أن يدفع هذا السعر وهو صاغر ، يشكو ضعف قوته ، وقلت حيلته ، وهوانه علي السوق والحكومة والتجار المُغالين … فهل تعني سياسة التحرير الفوضي ؟؟ ، وهل يحق للحكومة أن تترك المواطن يغالب زمهرير الغلاء دون كساء من الدولة ، ويغالب شمس السوق اللافحة دون غطاء من واجهات حماية المستهلك ؟؟؟ .. يجب علي التنظيمات التي تدعي حماية المستهلك أن تخطط بحكمة لمشروعاتٍ إنتاجية ٍ تدُر دخل لهذا المستهلك ، ومن ثم تقوم بتنفيذ هذه الخطط بصبرٍ وتجردٍ ونكران ذات ؛ نحن في هذا السودان نخطط بنجاح ، ولكن يعوزنا التنفيذ الدقيق والمُحكم … الدولة لديها إستراتيجيات « خمي سنوات – عشره سنوات – ربع قرن « ، ولكن ما هو الناتج من كل هذه الإستراتيجيات علي أرض الواقع … ورق ومؤتمرات ، ومعسكرات ومخيمات كلفت الدولة مليارات الجنيهات ، وما زلنا في مستنقع الإستهلاك ، السودان دوله مستهلكه بامتياز ؟؟!! ؛ من يصدق أن السودان الذي تبلغ أراضيه الصالحة للزراعة مئات الملايين من الأفدنة ، أنه يستورد القمح ، ويستورد السكر … والسودان الذي يُعتبر الدولة الأولي في تعداد الثروة الحيوانية علي مستوي الوطن العربي وإفريقيا ، يستورد اللبن من هولندا وهولندا هذه مساحتها تساويي مساحة ولاية سنار ، وولاية سنار لوحدها بها أكثر من 12مليون فدان صالحة للزراعة ، يمكن أن تُطعِم كل السودان … وكان أهلنا يسمونها « مطمورة السودان»!!… حماية المستهلك بحق وحقيقة تكمن في دعم المستهلك وتحويله إلي مُنتج… ولا ينهض هذا الوطن إلا بالإنتاج ، ولا يتم الإنتاج إلا بالسياسات الحكومية الرشيدة وعمل مراجعة دورية لسياسات التحرير الإقتصادي التي حطمت عظام الضعفاء ومحدودي الدخل …. فليت الشِعار يتطابق مع الشُعور …

فيصل علي موسى :صحيفة الوطن

[/JUSTIFY]
Exit mobile version