عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي “محمد ضياء الدين”

[JUSTIFY]اعتبر تحالف قوى المعارضة منع بعض قياداته من السفر إلى سويسرا للقاء بحركات مسلحة أمراً منافياً للدستور والقانون، وعدَّه يصب في اتجاه الدفع بالبعض لخيارات أخرى بدلاً عن البحث عن حلول سلمية للأزمة السودانية.. ورأى أن اللقاء كان بصدد تواصل الحوار من أجل الوصول لاتفاق مع الحركات المسلحة بغرض الوصول إلى اتفاقات تدفع بمعالجة لقضايا الأزمة الوطنية الشاملة التي تعيشها البلاد..
(المجهر) حاورت “محمد ضياء الدين” عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، الناطق الرسمي للحزب، ممثل البعث في الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني.. حول هذه القضية وقضايا أخرى.
{ كيف تسير خطة الـ (100) يوم التي حددتموها في المعارضة لإسقاط النظام؟
– المرحلة الأولي تقوم على أربعين يوماً، وأستطيع القول إن قوى الإجماع الوطني على الصعيد التنظيمي الداخلي، نجحت في إعادة إحياء اللجان المرتبطة بالهيئة العامة لقوى الإجماع، وهي لجان الطلاب والشباب والنساء والعاصمة والأقاليم، واستطاعت هذه اللجان أن تنظم نفسها جيداً، ولأول مرة يصل إلي هذا المستوى من التنظيم خلال خطة المائة يوم. وعلى صعيد العمل السياسي استطعنا أن ندير فعاليات عديدة على مستوى العاصمة والأقاليم، وتقييمنا أن هذه الفعاليات تجاوزت نسبة (80%) رغم منعنا من قيام ندوات مفتوحة في الميادين العامة، مع أننا تقدمنا بطلب للجهات المختصة عبر الوسائل كافة التي حددها القانون، إلا أن السلطات أصدرت قراراً بمنع قيام ندوتي (المولد) وجامعة الخرطوم، بالإضافة إلى (9) ندوات في الولايات. ورغم ذلك نقول إننا استطعنا إنجاز الخطة بشكل مقبول وجيد خلال المرحلة الأولى.
أما المرحلة الأخرى فهي مرحلة رمضان، ولهذا الشهر الكريم ظروفه الخاصة، ولكن رغم ذلك فالخطة متواصلة، وسنعلن عن فعاليتين مركزيتين في مؤتمر صحفي خلال اليومين المقبلين.
{ لكنكم غير موحدين، وهناك تصريحات لرئيس حزب الأمة الإمام “الصادق المهدي” حول ثقل المعارضة بشكل عام وقدرتها على التأثير والحشد. ما تعليقكم على ذلك؟
– السيد الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة درج من وقت لآخر على إطلاق بعض التصريحات التي لا تجد القبول من بعض أطراف القوى السياسية، إن لم تكن منها جميعاً، وتحدثنا في هذا الأمر، ونحن نعتقد أن المرحلة السياسية الراهنة التي يقود فيها تحالف قوى الإجماع الوطني العمل السياسي من أجل إحداث التغيير الجذري في المشهد السوداني، تتطلب وحدة الموقف والخطاب، وتتطلب ضبط المفردات، لذلك نأمل من الجميع الانضباط في خط العمل الجبهوي وتقاليده التي تفرض على الجميع الالتزام بالموجهات العامة. وهذا لا يعني منع الآخرين من إبداء وجهة نظرهم في القضايا كافة بما فيها الموقف من قوى الإجماع الوطني بغرض التقويم والنقد الإيجابي.
{ هل تستطيع قوى الإجماع حشد الجماهير بمثلما فعل السيد “الصادق”؟ ولماذا لا تفعلون ذلك إن كنتم قادرين؟
– لأنه لم يُسمح لنا على الإطلاق.
{ (مقاطعاً): وكيف سمح للسيد “الصادق”؟
– هذا السؤال يوجه للسيد “الصادق”، لكن بالنسبة لنا في قوى الإجماع الوطني، وحتى نستطيع أن نؤكد على جماهيرية قوى الإجماع الوطني، أو عدم جماهيريتها، كان من الممكن أن تتاح لنا الفرصة لإقامة ندواتنا على مستوى الميادين، وعلى الجميع أن يحكم على قدرة قوى الإجماع الوطني وأحزابها من خلال تلك الحشود.
{ إذا منحتم الإذن.. هل تستطيعون حشد الجماهير وتحقيق أهدافكم؟
– نحن قادرون على حشد الملايين وليس الآلاف والمئات.. ولا نتحدث بقدرات وإمكانات الأحزاب السياسية التنظيمية ولكن عن قدرة جماهير شعبنا. وقوى الإجماع الوطني والأحزاب السياسية المعارضة ليس مهمتها أن تخرج هي للشارع لكي تقود الشارع لإسقاط النظام. المطلوب من القوى السياسية المعارضة تنظيم الجماهير وتعبئتها وفضح النظام، وطرح خطاب واحد موحد يعبر عن إرادة الشعب السوداني في إسقاط النظام، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية ليست مهمتها الخروج بالوكالة عن الشعب السوداني، أو بالإنابة عنه، لأنها أصلاً ليست وصية عليه، وإنما مهمتها تنظيم الجماهير لإخراجها إلى الشارع.
{ هنالك اتهام للأحزاب السودانية بأنها دائماً تتمترس خلف أجندتها الخاصة وذلك أفقدها ثقة الجماهير، ماذا تقول؟
– العكس تماماً، الواقع أن الأجندة الخاصة للأحزاب أصبحت الآن كلها تحت مظلة واحدة، والدليل على ذلك أنني ممثل لحزب البعث العربي الاشتراكي، وتوجه لي الأسئلة بالكامل حول دور قوى الإجماع الوطني.
{ (مقاطعاً): أنا أقصد وسط الجماهير؟
– الجماهير نفسها تنظر الآن للأحزاب ككتلة موحدة في مواجهة النظام. صحيح هنالك إشكالات تواجه هذه الأحزاب نتيجة للتضيق وغيره من الوسائل التي تكفل للنظام القيام بإضعاف الأحزاب السياسية ومنعها من العمل السياسي. هذه الممارسات أضعفت الأحزاب السياسية حقيقة، وأخرت من قيام التحرك الجماهيري، لكنها لن تستطيع أن تثني الشعب السوداني.
{ لكنكم متهمون باستخدام ذات الأساليب القديمة، ما جعل الحكومة تستمر لربع قرن وأنتم تعارضونها دون نتائج؟
– الشعب السوداني عندما يصل إلى المستوى الذي يقرر فيه التحرك، لن ينتظر الأحزاب، والأحزاب طليعة، وفي كل التجارب التي مرت في السودان وعلى مستوى الانتفاضة العربية لم تكن الأحزاب السياسية هي المحرك الرئيسي للانتفاضات. وتراكم ونضالات القوى السياسية هي التي تؤدي في نهاية الأمر لأن يخرج الشعب لكي يعبر عن إرادته وليس إرادة الأحزاب، والشعب السوداني قادر وفي لحظة تاريخية معينة.
{ هل تنتظر الأحزاب لحظة (قدرية) كما يقول البعض؟ أم أن هنالك فعل على الأرض؟
– ليست لحظة قدرية. الانتفاضة لا تحدث بتحديد موعد، ولا بتحديد ظرف معين، وإنما نتيجة لتراكم نضالات جماهير الشعب السوداني بقيادة طلائعه الثورية، وبالتالي عندما يحدث أي ظرف محدد يمكن أن يؤدي إلى انتفاضة، يمكن لحادث حركة، أو انقطاع التيار الكهربائي أو المياه أن يؤدي لحدوث الانتفاضة.
{ إذن أنتم تعولون على القدر وتقرون بأن فعلكم علي الأرض غير مؤثر؟
– لا.. أنا ضربت لك مثلا، والدليل على ذلك أننا تعبنا واجتهدنا وقدمنا الكثير من التضحيات من أجل إحداث التغيير الذي يأتي نتيجة لنضالات.
{ مُنعت قيادات تحالف المعارضة من السفر لسويسرا حيث كان من المقرر الالتقاء بحركات مسلحة أو عناصر بالجبهة الثورية. هل ما زلتم تتمسكون بالتواصل معها حتى بعد وثيقة الفجر الجديد؟
– منع السلطات لبعض قيادات قوى الاجماع الوطني من السفر إلى خارج البلاد في حد ذاته يعد تجاوزاً للقانون والدستور الذي يكفل حق التنقل لأي مواطن سوداني، وإذا كانت هناك أي تحفظات كان لا بد من إيضاح تلك التحفظات، وإذا كانت هنالك تجاوزات أيضاً يجب أن توضح، أما أن يمنع مواطن سوداني من السفر بدون أي مبررات، فهذا في حد ذاته يعتبر تغولاً على الحقوق الأساسية للمواطن السوداني. أما في ما يتعلق بمسألة اللقاء مع الجبهة الثورية فهذا عندنا أمر طبيعي من أجل الحوار للوصول لاتفاق مع الحركات المسلحة بغرض الوصول إلى اتفاقات تدفع بمعالجة لقضايا الأزمة الوطنية الشاملة التي تعيشها البلاد نتيجة سياسات النظام القائم، ولدينا تحفظات في (حزب البعث العربي الاشتراكي) على كثير من ما ورد في وثيقة (الفجر الجديد)، وكذلك للقوى السياسية أيضاً تحفظات، وكنا..
{ (مقاطعا): في ظل تحفظات وتنصل بعض قوى المعارضة من الوثيقة.. في أي زاوية يمكن أن يقرأ لقاء سويسرا؟
– في إطار الحوار الذي يمكن من خلاله الوصول لتسوية سياسية متفق عليها بين الأحزاب السياسية والحركات المسلحة بغرض تطوير العمل السياسي السلمي لصالح السيناريو المفضل الذي يقود البلد لتجنب المخاطر والانزلاق نحو المجهول. ودون الحوار لا يمكن الوصول إلى مثل هذه التسوية رغم الخلافات التي يمكن أن تكون في بعض جوانبها جوهرية في علاقة قوى الإجماع الوطني بالجبهة الثورية، وفي علاقة حزب البعث العربي الإشتراكي حول الموقف من القضايا الخلافية. لذلك من المؤمل أن يقود الحوار إلى مثل هذه الاتفاقات التي من شأنها أن تقدم معالجات لقضايا الوطن.
{ إذن لم تكن استكمالاً لوثيقة الفجر الجديد؟
– الاتفاق لم يكن لمناقشة وثيقة الفجر الجديد في حد ذاتها، وانما حول القضايا الخلافية التي تضمنتها وثيقة الفجر الجديد حسب رؤية قوى الإجماع الوطني، وعلى رأسها قضية حمل السلاح، وثانيا قضية الوحدة، وقضية الإستعانة بالقوي الأجنبية، ورابعها عدد من القضايا ذات الطابع الإداري.. في ما يتعلق بما بعد إسقاط النظام.. وما هي رؤيتهم حول تكوين الحكومة القومية، ونظام الحكم، وغيرها من القضايا المتعلقة بقومية مؤسسات الخدمة المدنية والعسكرية.
{ كانت هنالك نقاط خلاف حول مسألة حل الأجهزة النظامية القائمة، ومسائل الوحدة الطوعية للأقاليم، وغيرها، هل ما زال النقاش مستكملاً حول هذه النقاط؟
– يفترض أن يتم نقاش حول هذه القضية إلا أن عدم السماح لوفد الأحزاب أدي إلي عدم المشاركة ولا أقول إفشال اللقاء. ولكن بالضرورة لم يتح للأحزاب السياسية أن تناقش مثل هذه القضايا.
{ من جانب الحكومة قد يقرأ هذا التحرك على أنه تواطؤ مع الجبهة الثورية؟
– النظام أصلاً منع حتى العمل السياسي السلمي من خلال خطة قوى الإجماع الوطني لإحياء النشاط السياسي في الخطة المعروفة بخطة الـ (100) يوم، ومنع قيام الندوات، وقام باستدعاءات متعددة لعدد من كوادر وقيادات الأحزاب السياسية.. هذه التصرفات التي تمنع العمل السياسي السلمي الديمقراطي، الذي يكفله الدستور والقانون، وهي التي تدفع بالكثير من أبناء شعبنا للكفر بالعمل السياسي السلمي، وتجعل الكثيرين يلجأون للعمل المسلح.. لذلك نحن أكثر حرصاً من النظام نفسه على أن يتم الحوار من خلال العمل السلمي الذي يجنب البلاد مخاطر الحرب والتفتيت. لذلك فكرة الحوار مع الحركات التي تحمل السلاح هي التي تقود هذه الحركات إلي الإنسجام مع الموقف الوطني الذي يهدف إلى إسقاط النظام، وإقامة بديل وطني ديمقراطي مستقل يعبر عن تطلعات الشعب السوداني من خلال إعادة الإعتبار للعمل السياسي والجماهيري الذي تكفل في السابق بإسقاط نظامين في أكتوبر وأبريل (1985)، هذا هو منهجنا، وهذه هي رؤيتنا في ما يتعلق بالجبهة الثورية، وفي ما يتعلق بالنظام، وبالتالي نحن نعتقد أن الحوار هو الذي يعطي فرصة أكبر لكل القوى الوطنية بمختلف مسمياتها للوصول إلى هدف من شأنه أن يجنب بلادنا كل تلك المخاطر.

حوار – صلاح حمد مضوي: صحيفة المجهر السياسي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version