والي وسط دارفور يوسف تبن:النزاع القبلي أكثر خطورة من الحركات المسلحة

[JUSTIFY] بشفافية غير معهودة عند حكام الولايات ،تحدث الينا والي وسط دارفور المهندس يوسف تبن ،في حوار يبدو انه اراد من خلاله ان يوضح حقيقة مايجري بولايته بعيدا عن لغة مغالطة الحقائق والقفز فوق اسوارها، التي يجيدها وينتهجها ولاة ولايات ووزراء مركزيون.ونتابع في المساحة التالية بماذا اجاب المهندس يوسف تبن عن اسئلتنا:ـ
*منذ 2003 دارفور في حالة احتقان؟
نعم هذه حقيقة ،ومردها يعود الى التمرد الذي اندلع في ذلك الوقت ،ولم تتوقف الاحداث ومجرياتها على مواجهات بين الحركات المسلحة والقوات النظامية ،بل صاحبها بروز صراع قبلي مسلح ،ولكن رغم ذلك ظت الحكومة المركزية والولاية تعملان على تقريب شقة الخلافات بين القبائل حتى لاتتمدد نيران الصراعات بينها ،وحالة الاحتقان الى زوال بإذن الله ،فلكل بداية نهاية ،ودارفور لن تظل تدور في هذه الدوامة.
*نتمنى ذلك.ولايتكم لم تكن استثناءً من الصراعات القبلية التي بلغت منذ تأسيسها 25 نزاعا مسلحا؟
ذكرت لك ان للأزمة الدارفورية توابع ،ومنها الصراعات القبلية ،والتي ظللنا نقوم بحلها عبر الاعراف والتقاليد ،واخر خلاف كان بين المسيرية والسلامات ،والذي شهد وقوع عدد كبير من الضحايا،ولكن بحمد الله توقف بعد المساعي التي بذلت من قبل كل الاطراف ،فقد جلسنا شهرا كاملا لتقريب شقة الخلاف ووجهات النظر رغم حدوث خروقات هنا وهناك ،والآن نحن في مرحلة تنفيذ الاتفاق الذي ابرمته القبيلتان ،وطاف وفد يمثلهما مع لجنة الاجاويد مبشرا بما تم انجازه وتواثق عليه الجميع.
*ماهي الاضرار التي ترتبت على هذا الصراع بين الاشقاء المسيرية والسلامات؟
بخلاف الضحايا ،حدث نزوح واسع ،ولاتوجد احصائيات دقيقة توضحه ،ولكن هناك سبعة آلاف نازح عبروا الحدود نحو الجارة افريقيا الوسطي ،وهناك عدد كبير نزح نحو جنوب دارفور،وحركة النزوح لم تكن قاصرة على المسيرية والسلامات بل طالت قبائل اخرى بالمنطقة.
*هل نستطيع التأكيد على عودة المياه الي مجاريها بين الاشقاء المسيرية والسلامات؟
نعم ،ولله الحمد الان الاوضاع مستقرة وهادئة ،ولاتوجد مواجهات بينهما ،واثق بإذن الله انهما لن يعودا لمربع الحرب ،والتحدي الذي يواجهنا هو كيفية انزال الاتفاق الموقع بينهما على ارض الواقع ،ولجنة الاجاويد وممثلو الطرفان والاجهزة الامنية في سعي دؤوب لتسريع انفاذ الاتفاق.
*الديات تبلغ 23 مليارا ،هل ستدفع الدولة ام تقع مسؤولية هذا المبلغ على القبيلتين؟
لا،الدولة لن تدفع ولن تساهم في مبلغ الديات ،لأن الحرب القبلية ضد القانون والتمادي فيها يعني ان يتحمل كل طرف مسؤوليته.على صعيد حكومة ولايتنا نحن لانملك قروشا،اما الحكومة المركزية فلن تساهم من واقع انها دفعت كثيرا من قبل في صراعات قبلية مختلفة ،ولكن مسلكها هذا لم يسهم في ايقاف الحروب القبلية،والدية ممكن ان تنتهي في عامين او ثلاث ،والقبيلتان بإذن الله قادرتان على ذلك من واقع تأكديهما.
*الاحتراب القبلي بات اكثر خطورة من الحركات المسلحة؟
للأسف هذه حقيقة لايمكن القفز فوق اسوارها ،وهو امر يحتاج لوقفة متأنية لقراءته وايجاد حلول ناجعة له ،والاثار المترتبة على النزاعات القبلية مؤثرة وكبيرة ،تفوق ماتقوم به الحركات المسلحة ،والتمرد في دارفور في جيوب محددة ،ولكن القبائل موجودة في كل مكان.
*ماهو المخرج للصراعات القبلية في ظل الحديث عن ضعف هيبة الدولة؟
المخرج يكمن في فرض هيبة الدولة ،وحدوث هذا يتوقف على تقوية الاجهزة النظامية المختلفة ،ورفع قدراتها التنظيمية والتدريبية ،علاوة على زيادة عددها،كما نحتاج الى تمكين القضاء عبر انتشاره في كل انحاء دارفور حتى يكون الوصول الى القانون سهلا ومتاحا ،وذلك لقطع الطريق على من يلجأ الى حمل السلاح لأخذ حقه.
*وماذا عن القوات شبه النظامية؟
في بعض الاحيان تكون جزءا من الصراع ،والتعامل معها يجب ان يكون انطلاقا من واقع تقويتها ورفع قدراتها وتأهيلها بصورة تجعلها محايدة ومهنية في ادائها.
*دعنا اخي الوالي ننتقل الى محور اخر من حوارنا هذا ،وسط دارفور لم تشهد جديدا منذ انشائها سوى انزال لافتة محلية زالنجي ورفع اخرى باسم ولاية وسط دارفور ؟
هناك اسباب موضوعية جعلت الولاية تقف محلك سر منذ انشائها ،فنحن ولاية ضعيفة الموارد وماتزال تعمل بميزانية محلية،ومواردها لاتتجاوز الـ300 مليون ،وهو مبلغ لايمكن ان يفي بإحداث تنمية او تقديم خدمات،علاوة على ذلك تقلصت الاسواق المحلية بنسبة 60% بسبب الحرب ورأس المال خرج من الولاية ،وحتى المساحات الزراعية تقلصت من اربعة ملايين فدان الى النصف ،كما ان التفلت والنهب يقفان حجر عثرة امام تحريك جمود الاقتصاد.
*اذا المركز سلمكم حبال بلا ابقار ،اين هو من هذا الفقر الذي تعيشونه؟
المركز يفي بالفصل الاول كاملا،ولاتواجهنا عقبات في هذا الصدد،واستطيع تلخيص واقع الولاية بأننا في مرحلة الهبوط الامن،بمعنى انها مرحلة تأسيس وتسكين ،وخلال الفترة الماضية بذلنا جهودا مقدرة في تأسيس بنية تحتية لحكومة الولاية وتمثل ذلك في تأهيل اربع وزارات،والعمل جار.
*واين المواطن من اعراب هبوطكم الآمن،الخدمات؟
لانكذب ،ولانتجمل ،لم نقدم للمواطن مانتطلع اليه في الخدمات ،ولاندعي بأننا حققنا انجازات في هذا الملف ،قدمنا(شوية في التعليم والأمن).
*هذا يعني ان هناك فقرا في الخدمات؟
هذه حقيقة لاننكرها،فالخدمات شبه منهارة ،الصحة ،التعليم ،الكهرباء ومياه الشرب،الاوضاع ليست مرضية ،ونعلم ان المواطن لايشعر بأن هناك تغييرا قد صاحب الترفيع الى ولاية ،ولكن في النهاية نجتهد ،ونستعيض بالعزيمة عن ضعف الامكانيات حتى نحقق مانصبو اليه،ونؤكد بأن ماتحقق دون طموحاتنا.
*اذا ولايتكم رهينة بخزانة علي محمود؟
نعم،فهذا هو واقعنا ،وهي بدون دعم المركز لن تستطيع التقدم والتطور،ولكن هنا لابد من الاشارة الى ان المركز وقف معنا في تأهيل الوزارات وقدم دعما للتعليم والصحة ،ونحن نعلم جيدا الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ،ونوضح اننا بصدد استلام دعم يبلغ 5 ملايين خلال الايام القادمة، وسوف نوجهه نحو الخدمات.
*اين السلطة الاقليمية التي تمتلك اكثر من 800 مليون جنيه؟
نعم السلطة الاقليمية لدارفور باتت تمتلك اموالا وهذا امر جيد،ولكن مايجب توضيحه ان ماتملكه السلطة من مال لايتم توزيعه(كاش) ،بل يخضع لاجراءات من قبل لجنة محددة ،وهو يذهب الى مشروعات تقدمها حكومة ولايات دارفور وتتم اجازتها من اللجنة المختصة ،وفي تقديري ان هذا امر جيد وعملي ،وذلك لأنه يحافظ على الاموال من التبدد والضياع ،والان اللجان تقوم بإعداد المشروعات المراد تنفيذها والعمل يمضي بصورة طيبة وجيدة ،ونحن بوصفنا حكاما لولايات دارفور نشيد بالطريقة التي تتبعها السلطة الاقليمية في توزيع المال على المشروعات بطريقة تجعل المال يستغل بصورة امثل.
*وماهو دوركم بعيدا عن المركز في احداث اختراق في التنمية والخدمات؟
لدينا مساعي جادة في تحريك جمود اقتصاد الولاية ودفع عجلته الى الامام ،ويتمثل ذلك في زيادة الرقعه الزراعية ،التي كانت 750 الف فدان فقط ،والان وصلت الى 2 مليون فدان ،وفي تقديرنا ان رفع الانتاج الزراعي كفيل بإخراج الولاية من وهدتها الحالية.
*في منحى مختلف نجد ان اكبر تجمع للنازحين بدارفور في ولايتكم ،ماهو تعليقك؟
نعم ،هذه حقيقة ،ففي وسط دارفور هناك مايربو على الاربعمائة الف نازح يقطنون في 22 معسكرا ،كما ان المدن تحولت الى معسكرات ،وهذا شكل ضغطا كبيرا على الخدمات،كما حدث اكتظاظ غير طبيعي في المدارس ووصل مرحلة ان يضم الفصل 150 تلميذا ،كما انه وفي ظل هذا الواقع الذي يعاني منه التعليم في الولاية لايتجاوز الاجلاس الـ10% ،وعموما النازحون في تقديرنا هم مواطنون سودانيون لهم حقوق وواجبات وظروف محددة هي التي ارغمتهم على مفارقة اوطانهم الاصلية ،واغلبهم من النساء والاطفال والعجزة ،وللأسف منسوبو التمرد يستغلون المعسكرات لزرع الفتنة وممارسة القهر على النازحين ،وبصفة عامة المعسكرات تشهد هدوءا واستقرارا ولايوجد شئ يعكر الصفو سوى ممارسات الحركات المتمردة.
*الغلاء ،الغلاء،هكذا يردد مواطن دارفور، وانتم تتفرجون؟
دعني اقول بكل وضوح ان الغلاء سيظل جاثما على صدور المواطنين اذا لم يكتمل العمل في طريق الانقاذ الغربي ،ازيدك من الشعر بيتا ،برميل الجازولين وصل سعره بولايتنا الي مليون و500 الف جنيه ،هذا مجرد نموذج ،الازمة اكبر من امكانيات الولاة وحكوماتهم،وثانيا الاطواف التجارية وبسبب الحركات المسلحة تأتي تحت تأمين قوات واحيانا تتأخر،وهذا امر مكلف ومرهق ،الغلاء لن يتوقف الا في حالة اكتمال طريق الانقاذ الغربي وترك الحركات المسلحة لسلوكها الخاطئ الذي يستهدف المواطن.
*حديث يدور حولك ؟
اعلم ماترمي اليه ،للأسف هناك من يعشق اثارة الفتن والمشاكل عبر نشر الشائعات ،وهدفهم تحقيق مصالح ذاتية ليست للمصلحة العامة علاقة بها ،يتحدثون عن تبديد في مال الولاية العام ،اين هو هذا المال ؟ وعن ضعف الوالي ،هؤلاء يريدون ان يغيروا رأي الحزب وسياسته،واذا تمكنوا من اقناع قيادة المؤتمر الوطني بطرحهم يمكن ان يصلوا الي مايصبون اليه.
*مايحدث في الجارة افريقيا الوسطي وتأثيره عليكم؟
بكل اختصار كل مايحدث في الجارة دولة افريقيا الوسطى ينعكس علينا في وسط دارفور سلبا وايجابا.
*ماذا يعني لكم تولي رئيس الجمهورية الملف القبلي بدارفور؟
امر جيد جدا ،هذا يؤكد ان الدولة على اعلى مستوياتها مهتمة بهذه القضية الوطنية ،كما ان تولي الاخ الرئيس وامساكه بهذا الملف الحساس يخفف عنا كولاة الضغط ،وفي الماضي كنا نشعر بأننا نقاتل وحدنا ولكن الان الاوضاع اختلفت ،تولي الرئيس لهذا الملف يحمل بين طياته رسائل اضحة وقوية للجميع مفادها انه لم يعد متاحا وممكنا بعد الان العبث بالعلاقات القبلية لتحقيق مصالح شخصية.
*اخيرا … الوصول الى ولايتكم مستحيل ؟
الواقع اختلف الان بعد ان بات مطار زالنجي يستقبل اربع طائرات في الاسبوع،والعمل في المطار الجديد ايضا وشيك ،بعد ان انتهى الاخوة في الطيران المدني من مرحلة المقاولين والعطاءات ،والطيران هو الوسيلة المتاحة للوصول الى الولاية ،ونتمني ان تسجلوا لنا زيارة لتقفوا على الاوضاع .

حاوره: صديق رمضان:صحيفة الصحافة

[/JUSTIFY]
Exit mobile version