وقد زاد حجم هذه الميلشيات خاصة من ابناء الاحياء الشيعية الذين يتلقون تدريبات في ايران على يد الحرس الجمهوري الايراني ثم يعودون لتولي مهام الحراسة على نقاط التفتيش والاحياء الشيعية.
والتقى مراسلها مع احد الشخصيات التي تقوم بتسليح وتنظيم هذه الميليشيات واسمه رفيق لطف. واكدت تصريحاته ومتطوعين في هذه الميليشيات ما سبق وتحدث عنه مسؤولون امريكيون عن دور ايران وحزب الله في تقديم الدعم اللوجيستي والخبرات من اجل تنظيم هذه الميليشيات. حيث زارت معه الصحيفة نقطة تفتيش جديدة اقيمت على مدخل الحي الشيعي في دمشق والتقت هناك شابا لا يتجاوز عمره الثامنة عشرة يحمل بندقية اطول منه. ووصف الشاب رحلته مع 500 متطوع الى ايران حيث تلقوا تدريبات على يد مدربي الحرس الجمهوري على استخدام البنادق والقذائف الصاروخية وقنابل الهاون.
وتقول الصحيفة ان لطف عاد بعد سنوات من العيش في امريكا الى سورية من اجل مهمة وهي الدفاع كما يقول عن شوارع دمشق القديمة، خاصة انه ابن هذه المنطقة وكان لوالده محل لصناعة الاحذية فيها. ويعتقد كما هو حال عدد من مسؤولي الحكومة ان الميليشيات الجديدة ستكون قادرة على حماية المنطقة من الهجمات وعمليات الاختطاف واكتشاف الذين يحاولون اختراق صفوف المواطنين بالاضافة الى الخلايا النائمة.
تخلق اهدافا
وعلى خلاف هذا الاعتقاد يرى عدد من المواطنين ان الميليشيات تقوم بخلق الظروف لجلب الحرب الى المدينة القديمة التي تعيش حالة من الهدوء الحذر. ويقولون ان السلاح عزز قوة هذه الميليشيات التي قامت بالتحرش بالتجار والسكان على حد سواء. وبحسب احد التجار الذين يدعمون المقاومة فانك مجرد اعطيت شخصا السلاح فلن تستطيع استرداده منه. وتعتبر مسألة الميليشيات التابعة للمقاتلين او النظام من اكبر مظاهر الانتفاضة السورية اثارة للجدل. ففي بداية الحرب حملت المعارضة شبيحة النظام مسؤولية المذابح التي ارتكبت في القبير والحولة ومناطق اخرى من البلاد. ثم جاءت الفصائل التابعة للمقاومة والتي تنوعت اهدافها وولاءاتها، حيث انتسب بعضها الى مظلة الجيش الحر او ظل ولاء البعض منها لمن يعطي المال ويدعم، واخرى اعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة بزعامة ايمن الظواهري. ويقدر عدد الفصائل الصغير منها والكبير بحوالي 1200 فصيل. وظهر شيء جديد على الساحة القتالية هو التناحر بين هذه الفصائل على المصادر والمتطوعين والارض. وبالنسبة للنظام فان ميليشياته تحولت من قتل المتظاهرين في بداية الانتفاضة الى القتال جنبا الى جنب مع قوات الجيش حيث نسبت اليها الفظائع التي ارتكبت في المدن والبلدات السورية، ثم جاءت قوات الدفاع الشعبي التي يقول المسؤولون في الحكومة ان تسليحها وتنظيمها تابع لمكتب الرئاسة.
قوات الدفاع الشعبي
وجاء انشاء قوات الدفاع الشعبي من اجل تخفيف الضغط على القوات الحكومية التي كانت تقاتل على اكثر من جبهة ولم تكن قادرة على تأمين الاماكن التي يخرج منها المقاتلون، ومن اجل حفز المجندين الذين لا يريدون القتال على الجبهات ودفعهم للدفاع عن احيائهم. ولا ينفي المسؤول ان بعض الميليشيات ظهرت بدون قرار وانها ارتكبت افعالا سيئة مشيرا الى انه تم وضعها تحت السيطرة. وهناك من يرى ان الميليشيات ذات الهوية الشيعية تؤكد الطابع الطائفي للحرب، لكن المسؤول الذي التقته الصحيفة يقول ان افرادا من جماعات طائفية مختلفة انضموا الى هذه الميليشيات من اجل مقاومة من وصفهم بـ المتطرفين والمجرمين. وقال ان هناك عددا من السنة الذين ساهم في اطلاق سراحهم من السجون قد تخلوا عن افكارهم وهم الان يساهمون في حماية احيائهم السنية.
تجنب مصير حلبوفيما يتعلق بالحي القديم بحاراته القديمة والتي تعود الى قرون طويلة فهذا يعني ميليشيات مسيحية وسنية وشيعية وما الى ذلك. لكن ما يهم بالنسبة للسكان هو الحفاظ على المعالم التاريخية للبلدة القديمة وان اختلفوا حول الوسائل. فهم لا يريدون مصيرا مشابها مثل حلب التي حرق سوقها القديم الذي يعود الى قرون سابقة، وهدم مسجدها الاموي واصيبت قلعتها التاريخية. ويشير التقرير الى ان هدف الميليشيات هو وقف عمليات الاختطاف التي استهدفت شيعة ومسيحيين، حيث يرأس لطف الذي ترك مطاعم بيتزا في نيوجرسي وصحيفة باللغة العربية وجاء لمساعدة الحكومة لجنة للمصالحة. ويقول نقاده ان اللجنة تعمل على تعزيز موقف الحكومة وانه لم تتم دعوتهم لها. ولاحظت الصحيفة ان معظم اعضاء اللجنة كانوا من الميليشيات وان الموضوع الرئيسي كان الامن. ويتساوق الخوف في داخل المدينة القديمة مع الوضع العام الذي حققت في الحكومة عددا من الانجازات في الاونة الاخيرة. فقد تقدمت قواتها في القصير وحمص وعدد من المواقع في جنوب سورية. وجاء تقدم النظام على الرغم من ان الحكومات الغربية قد كتبت نعي الرئيس بشار الاسد اكثر من مرة، وفي تصريحات تعتبر الاقوى امام مؤتمر امني قال نائب مسؤول وكالة الاستخبارات الدفاعية ان الحرب في سورية قد تستمر لاشهر وسنوات بغض النظر عن بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في الحكم او سقوطه.
حرب طويلةوتعتبر تصريحات ديفيد ار شيد صورة عن الوضع الذي تردت اليه الحرب في سورية وتقترح غيابا في الرد على الازمة السورية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها. ويرى شيد ان الولايات المتحدة مطالبة بتقوية القطاعات المعتدلة من الجماعات السورية المقاتلة وتسليحها كما وعدت الشهر الماضي، وهي ايضا مطالبة بنفس السياق بمواجهة الاسلام المتشدد ومباشرة، ولكن المسؤول لم يقدم اية تفاصيل حول الطريقة التي ستواجه بها العناصر المتشددة في الانتفاضة السورية. وحذر شيد من ان بقاء هذه الجماعات بدون رادع يردعها فانها ستكبر.
وكان شيد يتحدث امام منبر الامن في اسبن وهو مؤتمر دوري يعقد في مدينة اسبن بولاية كولورادو وقال ان الجماعات الجهادية قد كبر حجمها خلال العامين الماضيين، كما زادت قدراتها، وزادت كفاءتها بشراسة. وتحدث شيد في المؤتمر عن مستقبل سورية وانها امام خيارين وكلاهما يؤشران الى استمرار العنف والقتل، فالاول كما قال فان نجح بشار في القضاء على الثورة فسيتحول الى قائد يقمع بلا رحمة وسيعيش ارث حرب قتل فيها عشرات الالاف من المدنيين. اما الخيار الثاني فقد تحدث فيه عن وضع اكثر قتامة من الحرب الطائفية السنية ـ الشيعية حالة سقوط الاسد او مقتله. حيث قال ان خسر وذهب الى ملجأه الامن هناك (في المناطق العلوية)، فبحسب اعتقادي ستستمر الحرب الاهلية لاعوام قادمة، مشيرا الى ان جبهة النصرة ستقاتل من اجل تعزيز سيطرتها على البلاد سيقاتلون من اجل ذلك المكان، فهم هناك على المدى الطويل.
ومع ان ادارة اوباما بعد طول تردد قد حسمت امرها الشهر الماضي عندما قررت دعم المعارضة حيث قالت ان النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي ضد معارضيه الا ان المقاتلين يقولون انه لم تصلهم اسلحة بعد، كما ان جهود التسليح عوقت بسبب عدم اتفاق الولايات المتحدة والدول العربية- السعودية وقطر والامارات- على الالية الاسرع لدعم المعارضة وكذا طبيعة الاسلحة التي يجب ان تقدم لهم، حيث يطالب المقاتلون باسلحة مضادة للطائرات والدبابات. ووصف شيد الحالة في سورية بانها في وضع انسداد ضخم، مقترحا ان تدخلا وان كان متواضعا فلن يؤدي الى تحقيق المطلوب، في ظل وضع يستعيد الاسد مواقع خسرها لصالح المقاتلين وبدعم من روسيا وايران وحزب الله، ووضع لا تزال المعارضة تعيش حالة من التشرذم والاقتتال الداخلي، وقال ان ما يقلقه ان الحال قد يطول. وما يقلق باله ايضا ان الانتفاضة السورية على خلاف الثورات العربية الاخرى لديها قابلية الانفجار وليس الانهيار مما يعني تأثر دول الجوار خاصة الاردن والعراق حيث سيعيشان وضعا من عدم الاستقرار الذي تعيشه سورية. وتتناقض روايته مع ثقة الادارة بان الاردن سيخرج من الازمة في سورية معافى. وفي نفس السياق قلل شيد من قيمة الخلاف بين جبهة النصرة ودولة العراق الاسلامية، ويرى ان القاعدة في العراق ستخرج قوية وستستفيد من التجربة في سورية بعد الهزائم التي تعرضت لها في العراق منذ عام 2007. وفي محاضرته قال شيد ان وكالته لم تكن تعتقد ان الاسد سينهار بسرعة. وهي تصريحات تتناقض مع موقف بعض المسؤولين من ان ايام الاسد باتت معدودة، حيث قال ان توقعات الوكالة انه سيظل حتى بداية العام الحالي وهو ما لم يحصل.
تغير في مصروفي تطور جديد يمكن ان يعزز موقف الحكومة في دمشق ما اعلنته الحكومة الانتقالية في مصر عن اعادة النظر في قرار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي قطع العلاقات كليا مع حكومة دمشق. وكان مرسي قد ساعد في فتح الابواب امام المعارضة السورية كي تعقد اجتماعاتها وفتحها امام اللاجئين السوريين. لكن تدخل الجيش والانقلاب على حكم مرسي ادى الى تعرض السوريين لهجمات اعلامية حيث اتهموا بمساعدة المعسكر المؤيد لمحمد مرسي والذي يدعو لاعادة الرئيس المنتخب.
وينظر لتصريحات نبيل فهمي وزير الخارجية في حكومة حازم الببلاوي على انها اشارة في تغير النبرة والجوهر حيث تعمل هذه الحكومة على تفكيك كل ما بناه مرسي من سياسة خارجية ومؤسسات خلال العام الماضي. وتعبر التصريحات عن تحول في تحالفات مصر من تركيا الى الجناح المعسكر الذي يوصف بالاعتدال الذي تمثله دول الخليج خاصة السعودية والامارات اللتين قدمتا مع الكويت دعما ماليا بقيمة 12 مليار دولار. وكان الملك عبدالله الثاني الذي وصف محمد مرسي في مقابلة له بداية هذا العام مع صحيفة امريكية بـ الرجل السطحي اول زعيم دول عربية يزور مصر منذ الاطاحة بمرسي. ويعاني السوريون منذ الاطاحة بمرسي اوضاعا صعبة حيث يشن عليهم مقدمو البرامج التلفازية حملات تتسم بالشوفينية وتصفهم مع الفلسطينيين بالخونة وانهم قاتلوا دفاعا عن مرسي، بدون تقديم اي دليل.
القدس العربي
[/JUSTIFY]