[JUSTIFY]
لا أندهش أبدًا عندما أقرأ أو أسمع عن حالات نهب المال العام، ولا أستغرب حينما أسمع أن مسؤولاً قام بتجنيب «مليارات» وأخفاها عن وزير المالية وديوان المراجعة القومية بعد أن جمعها قسرًا من الغلابى بدون وجه حق، وبلا شرعية ولا قانون، وبالمقابل لا تدهشني سرقة موظف صغير جدًا لا يتجاز عمره «22» عامًا لـ «7» مليارات من بنك حكومي ويترك العمل بالبنك ويصبح مليارديرًا يهدي لأصحابه العربات الفارهة والشقق الفاخرة ومدير البنك حتى تلك اللحظة لا يعرف أن خزانته نهبت منها كل هذه «المليارات»… لماذا أتعجب من هذا الوضع أو لستُ مؤمنًا بالمثل القائل: «إذا عُرف السبب بطل العجب».. أولستُ مؤمنًا بأن «الحرام يذهب من حيث أتى».. لهذا لستُ مستغربًا لحالات التسابق المحموم في مضمار سرقة المال العام ولن أندهش أبدًا إذا فاجأ المراجع العام يومًا عامة الناس ومشايخ البرلمان بأن الموازنة العامة للدولة «كلها» ابتلعها لصوص المال العام.. نعم لم أندهش لهذه الفظائع ليقيني أن الحرام سيذهب من حيث أتى ولأن سبب التكالب على المال العام بهذه الشراهة والفظاعة هو أن الدولة نفسها تجمع معظم هذه الأموال دون وجه حق وبطرق غير شرعية فالدولة أكبر تاجر جشع تلوي أعناق الناس وأذرعهم وتأخذ الضرائب عن طريق التقديرات الجزافية وأحيانًا موظفي التحصيل تحركهم دوافع الانتقام والحاجة إلى تحقيق أكبر ربط… هناك رسوم يجمعها موظفو الدولة بالحرام من الغلابى والمستضعفين – زندية كدى- لا يسندها قانون ولا شرع، ولا أخلاق… رسوم وجبايات خارج نطاق القانون وبلا أورنيك «15»، وهناك رسوم وجبايات تؤخذ من الغلابى قسرًا ودون رضائهم بقوانين «المكوث» والذراع القوية، تسللت يد الحكومة الطويلة لتغرز أظفارها حتى في جسد الباعة الجائلين على الأرصفة وستات الشاي ويتسابق المتحصلون لتحقيق أعلى «ربط» بغية الحصول على الحوافز، وفي سبيل ذلك يمارسون «التزوير» والسرقة والنهب المسنود بالقوة العسكرية وأكل أموال الناس بالباطل، وهل يذكر الناس اعترافات مسؤول النفايات «عصام» في ذلك الحوار الذي أجريته معه، الحوار الذي لخبط حسابات الدولة والذي أقرّ فيه بتزوير الأمر المحلي وأكل الدولة أموال الناس بالباطل… الدولة الآن تاجر جشع نهم لا تعرف الرحمة لقلبها سبيلا، لا تتحرى الحرام والحلال، تأكل التراث أكلاً لما وتحب المال حبًا جمًا، وتأكل «الربا» أضعافًا مضاعفة، وتسميه «قروض»، ولذلك فلا غرو أن يسلط الله عليها من لا «يخافه» ولا يرحم «شعبها»، فينهب ويسرق ويبلع ويلبع من المال الحرام، فيذهب مالها الحرام جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
صحيفة الإنتباهة
أحمد يوسف التاي
[/JUSTIFY]