[JUSTIFY]
« اريد ان اغلق هذا الملف « بهذه العبارة اكتفى مدير جهاز الامن السابق الفريق اول صلاح عبد الله ( قوش ) بالاجابة عن سؤال طرحته عليه خلال حوار ـ لم يكتمل ـ ليروى لي قصة اتهامه بمحاولة الانقلاب على السلطة و ما دار قبلها من لغط كثيف عقب اقالته من منصبه بجهاز الامن ، تلك التهمة التي جعلته حبيس القضبان لـ 7 اشهر قبل ان يتم الافراج عنه بقرار رئاسي الايام الماضية ، ولعل الاستقبالات الحاشدة التي استمرت لـ (5) ايام منذ الاربعاء الماضي بعدة مناطق بالدائرة القومية (5) مروي التي يمثلها « قوش « ، اظهرت ترحيبا كبيرا بخطوة الرئيس البشير و فرحا بين الاهل والمؤيدين بالافراج عنه و زميله و ابن منطقته اللواء صلاح عبد الله التوم ، و ربما فتح ذلك شهية الرجل لطرح برنامجه للمرحلة المقبلة و تجاوزا لمرارات الماضي و تجنبا لفتح الجراحات .
«دايرين نقلبا»
وعبر عن ذلك بطريقة أكثر وضوحاً في لقاءات متعددة بعد خطابه الشهير قبالة دار المؤتمر الوطني بمحلية مروي، حينما قال: «صفحة قبضونا وفكونا دي، ديراين نقلبا»، وأكد على ضرورة تسخير طاقة أبناء المنطقة للعمل لمحاربة الفقر وإحداث التنمية بالمحلية.
مساحة تفاؤل
و قبل أن يلتقي «قوش» الرئيس عمر البشير «الأربعاء» المقبل أو بعده بأيام قليلة، تبدو مساحة التفاؤل أكبر بكثير من غيرها لإصلاح ما أفسده «إخوة يوسف»، وذلك عقب الترحيب والاستقبال الذي وجده من أعلى مستويات الحكم وقيادة حزبه «المؤتمر الوطني» بالولاية الشمالية حيث كان لافتاً حضور والي الولاية د. إبراهيم الخضر وأعضاء بالمجلس التشريعي وقيادات تنفيذية بحكومة الولاية بـمنطقة «القرير» التي شهدت حشداً كبيراً لأبناء المنطقة خلال الإفطار الجماعي بمنزل «العمدة عثمان» أكد من خلاله «قوش» على ضرورة التماسك والوحدة بين أبناء المنطقة، وأن التلاحم بين أبناء القبيلة صار مهماً لمواجهة الشدائد والصعاب ولتحقيق قدر من المطالب والتنمية.
بـــراءة
ولعل حالة الرضاء عن الرجل وأجواء التسامح والتضامن التي عاشها «قوش» المنحدر من منطقة «نوري ــ البلل» عقب الإفراج عنه، عبر عنها والي الولاية الشمالية بطريقة أزاحت الكثير من الشكوك حول قدرة الرجل المتهم بالتدبير للاستيلاء على السلطة بالقوة للقيام بواجبه في الحزب وشؤون دائرته بصورة أكثر فعالية وانسجاماً لجهة ما واجهه من صعاب جمة، حيث قال الوالي في خطابه لجماهير منطقة مساوي بمسجد الختمية، قال: «يحق لكم أن تفرحوا بخروج صلاح، وأكد أن الحدث زاد من تضامن أهل المنطقة وبيَّن أنهم على قلب رجل واحد، وأضاف قائلاً: «كانوا يظنوننا فرقاً وجماعات»، وأوضح أن الإفراج عن قوش واللواء صلاح عبد الله التوم، أزال الشعور بالغبن والتوتر في الضفتين الغربية والشرقية للنيل، وفي كل دار، وأشار إلى العلاقة الخاصة التي تربطه بقوش والتي توطدت خلال حملته الانتخابية، وقال إنه تقدم بطلب للرئيس البشير للإفراج عن المعتقلين، وأشار إلى البراءة التي حصل عليها قوش عقب الإفراج عنه، وواضح أن قيادات بالمؤتمر الوطني أكدوا على ذلك، وأضاف قائلاً: «من أراد تجاوزنا في المحلية فلن يستطيع»، وقال: «لم نر أحداً مثل صلاح قدم للمحلية في مجال التنمية والإعمار والتطور»، وأضاف مازحاً: « لو وجدنا (3) أمثال قوش كنا أعلنا هذه الولاية(….)، وأشار إلى التضحيات التي قدمها أبناء الشمالية من أجل السودان في مختلف المجالات، وأشار إلى سد مروي والأضرار الجانبية التي تحملها أبناء الولاية بسببه لتنعم باقي الولايات بالكهرباء.
عاش أبو هاشم
وفي دار الختمية بمساوي التي تُعرف بأنها مكان مولد السيد علي الميرغني، لم تقف حلقات الذكر والأناشيد النوبية والأجواء الروحانية التي سرت في النفوس، حاجزاً يحول بين توصيل رسائل سياسية عديدة من منصة الاحتفال بـالافراج عن «الصلاحين»، وبعد أن ردد «قوش» شعار الاتحاديين «عاش أبو هاشم» تجاوباً مع المريدين، اغتنم فرصة الحديث لتوجيه رسالة شكر إلى مرشد الطريقة الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني لجهوده التي بذلها في إطلاق سراحه لأكثر من مرة، وقال «إن الميرغني جمع المحامين في حزبه للدفاع عني».
أنغام الطمبور
وعلى أنغام الطمبور والأناشيد الوطنية وهتافات المؤيدين والأشعار الحماسية قضى «قوش» لياليه بين أهله ومناصريه، وربما وجدها سانحة أكثر ملاءمة من غيرها لجس نبض الجماهير وكسب تعاطفها لمرحلة لم يكشف عن تفاصيلها بالرغم من أسئلة الزملاء الصحافيين المتكررة لمعرفة الوجهة التي يمكن أن ينتقل إليها الرجل الذي ظل ممسكاً بأخطر ملفات السلطة وأكثرها إثارةً للرأي العام لعشرات السنين، قبل أن تلفظه أفواه السياسة في مجاريها الضيقة وتحشره في منعطفات لا يحسده أحد عليها.
رسائل بليغة
ولعل «قوش» الذي التزم الدعاء في خطابه المطول «اللهم إني أشكو إليك ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس إلى من تكلني إلى بغيض يتجهمني أم قوي ملكته زمام أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي … ألخ»، أراد الرسالة الأكثر بلاغة في التعبير عن المكافأة التي وجدها بعد خدمة طويلة ممتازة مثَّل فيها أحد أهم عناصر المعادلة في إطالة بقاء النظام في السلطة حتى قيام الانتخابات والاتجاه نحو الانفتاح والديمقراطية، حيث يرى أن البلاد الآن في حاجة ماسة لإصلاح البيئة السياسية وتحقيق التوافق على الثوابت أكثر من أي وقت مضى لتحقيق قدر من الرضاء، وأضاف في تصريحات خاصة «ليس بالضرورة أن ينال الناس كل ما يطلبون ولكن المعارض راضٍ عن هذه البيئة والحاكم يكون راضياً عن حكمه»، وحول تأثير تلك الآراء على ما وصل إليه حاله، أكد أنه ليس وحده الذي له رؤى خاصة داخل الحزب، مشيراً إلى أن موجهات الحزب هي التي تمضي في آخر الأمر، ويتنازل الأفراد لصالحها، ونفى مشاركته في أية رؤية إصلاحية قُدمت إلى القيادات بالدولة والحزب.
صحيفة الإنتباهة
سيف الدين أحمد
[/JUSTIFY]