وتقول رواية مقربة من حادث عصر أمس الأول الذي راح ضحيته طفل في سن التسعة أعوام وأصيب أربعة مواطنين بجروح خطيرة جراء إطلاق نار من قبل الشرطة التي كانت تحرس المعتمد في تلك الأثناء، إن المعتمد لم يستمع لنصيحة بعض العقلاء من مواطني القرية الذين طلبوا منه عدم إدخال (اللودر) لمكان (المقبرة) مراعاة لحرمة موتاهم والبحث عن مواقع بديلة للتنقيب عن الذهب إن كان يريد منحها لمستثمرين ، لكن معتمد محلية قلع النحل اعتبر الأمر بحسب مقربين ربما ينتقص من سلطاته وصلاحياته التي منحها له الدستور و(قاوى) المواطنين الرافضين عمليات مسح (المقبرة) وأراد أن ينتصر لنفسه حيث أمر ببدء العمل فورا لكن مواطنين غاضبين من المنطقة تصدوا لـ (التيم) الهندسي المرافق لموكب المعتمد فأصدر تعليماته للشرطة وعددهم لم يزد عن سبعة أفراد بإطلاق النار حيث تسبب المعتمد في كارثة دموية جديدة أضيفت للكوارث والحوادث التي شهدها عهد والي القضارف الضو الماحي نتاج تصرفات وتقديرات خاطئة من أجهزته التنفيذية .
ردود فعل غاضبة
مع وقوع الحادث عصر الثلاثاء والذي سربته الهواتف النقالة لكل الأوساط السياسية والتنفيذية والأمنية والإعلامية توالت ردود الفعل الغاضبة من أسر وذوي الضحايا ، فقد شهدت منطقة سالمين موقع الحادثة حالة من الغضب والإستياء وهتف بعض شباب القرية ضد المعتمد مستهجنين تصرفه اللا أخلاقي ، وفي القضارف تجمهر العشرات أمام مستشفى الجيش من أهالي ضحايا الحادث الذي يحتضن أربعة من المصابين، فبينما قالت مصادر طبية إن اثنين حالتهما خطرة ، حملت رئيسة منبر الشرق الديمقراطي د. آمال إبراهيم معتمد محلية قلع النحل مسؤولية وفاة وإصابة خمسة من أبناء جلدتها وطالبت والي الولاية بإقالة المعتمد ومحاسبته وتقديم المتورطين في هذه الجريمة لمحاكمة عادلة وأخذ القصاص متهمة سلطات المحلية بتقصد قبيلتها وجرها لمعارك هي في غنى عنها، وقالت إن الواقعة الدموية التي كان المعتمد على رأسها تعبر عن خلل إداري كبير وسوء تقدير بائن في استخدام السلطة وتكشف بجلاء جهل المعتمد بأدواره ومهامه التي عين من أجلها .
مراقبون ينتقدون
وجد كثير من معارضي حكومة الضو الماحي ضالتهم في هذا الحادث الذي تسبب فيه معتمد محلية قلع النحل حيث وجه بعض السياسيين انتقادات عنيفة للطريقة التي يدير بها الوالي حكومته معتبرين ان القضارف أضحت مثل الفلوجة (كل يوم مفتوقة من محل وموقع ) وقالوا إن تكرار هذه الكوارث التي يقف خلفها بعض منتسبي الجهاز التنفيذي تضعف حكومة الولاية وتكشف سقوط القيم والأخلاق في ظل التساهل والتسامح الذي يتعامل به الضو الماحي مع طاقم وزرائه من المخطئين والمقصرين في أدائهم مشيرين الى أن غياب المساءلة وتغييب مبدأ المحاسبة تغري الكثيرين بارتكاب جرائم وأخطاء ربما تقود في قادمات الأيام لما لا يحمد عقباه،داعين الوالي للتعامل بالحسم والحزم وقطع رؤوس كل من يتسبب في كارثة يروح ضحيتها أبرياء .
شكوك وظنون
بعض مواطني منطقة سالمين الذين ثاروا في وجه المعتمد إنتابتهم بعض الشكوك والظنون من حالة المعتمد الذي كان يقف بنفسه لتخطيط ومسح المقبرة ، حيث أعتقد كثير من المواطنين ان معتمد النحل ( باع ) الموقع لمستثمر بغرض البحث عن الذهب في هذا الموقع بالتحديد الذي يعتقد بأن تحته كنز ثمين من المعدن النفيس، ولكنهم يرفضون مزاولة العمل فيه بحجة أن الموقع عبارة عن (مقبرة) لدفن موتاهم وبالتالي لا سبيل للبحث عن دهب مفقود في هذا المكان الذي حدده المعتمد وصادق به لمستثمرين ، وكانت هذه هي بداية الشرارة التي انطلقت عصر أمس الأول ما أدى لوقوع اشتباكات بين مواطني القرية والشرطة في حضرة المعتمد الذي يقال بأنه وجه ( العساكر) لإطلاق النار على المواطنين حيث أسفرت المواجهة الدموية عن وفاة طفل وإصابة أربعة أشخاص يتلقون العلاج في المستشفى العسكري وأحيطوا بحراسة مشددة خشية ردود أي فعل من قبل ذويهم أو أقاربهم .
ردود فعل رسمية
على غير العادة تفاعل والي القضارف الضو الماحي سريعا مع حادثة (سالمين) حيث كان يتابع الموقف أولاً بأول بل شارك في تشييع ضحية الحادث (الطفل) وتفقد المصابين بالمستشفى وعقد بعد ذلك اجتماعات مع عمد وشيوخ البني عامر بالقضارف أمتص بها حالة الغضب التي سيطرت على بعض منتسبي القبيلة وعقدت لجنة أمن الولاية برئاسته اجتماعا ناقشت فيه تداعيات الموقف على الميدان في منطقة سالمين وخفت لجنة أمن الولاية الى موقع الحادث صباح أمس لتقف على الواقعة ميدانياً والاستماع لرأي المواطنين حولها .
تبرير رسمي
قدمت حكومة ولاية القضارف في بيان لها تبريرات حول واقعة أحداث (سالمين) حيث قالت إن احتكاكات دارت عصر أمس الأول بين المواطنين والسلطات بالمنطقة راح ضحيتها طفل وأصيب أربعة آخرون بجروح تم اسعافهم لمستشفى الجيش وعقب اجتماع لجنة أمن الولاية قدمت حكومة الولاية برئاسة الوالي واجب العزاء لأسرة الطفل وتفقدت المصابين في الحادث، وأكد الضو الماحي إن الأحداث وقعت بعد اجتماع اللجنة الأمنية الذي عقدته محلية قلع النحل برئاسة المعتمد مع المواطنين لتقنين عمليات التعدين الأهلي بالمنطقة والتي باركها المواطنون من أجل قسمة عادلة في الموارد من عائد التعدين وتخصيص جعل من المال للتنمية إلا أن بعض المواطنين المتفلتين الذين كانوا خارج القرية ولم يحاطوا بالاتفاق قاموا برشق اللجنة بالحجارة وقامت الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء لتهدئة الوضع لكن بعض المتفلتين قاموا بتبادل النيران مع الشرطة مما أدى لوفاة طفل وإصابة أربعة مواطنين. وقال الوالي في بيانه إن الأوضاع مستقرة بالمنطقة منوها إلى أن حكومته ستضع من الضوابط ما يحد من وقوع احتكاكات مع المواطنين من جديد وتسهيل كل الإجراءات لحفظ حقوق المواطنين في التعدين الأهلي .
في حضرة الضو
منذ أن تولى الضو الماحي منصب الوالي فإن فترة حكمه لم تخل من كوارث وأحداث، فقد شهدت الولاية العديد من الفواجع التي راح ضحيتها أبرياء، فبعد حادثة إصابة اثنين من الرعاه في منطقة المقرح على يد همباتة وقناصين مشهورين في منطقة الباطنة جاءت طامة الولاية الكبري التي راح ضحيتها (12) حاجاً قبل أسبوعين وتلتها حادثة إصابة خمسة مواطنين في حادثة نهب مواش بالبطانة من قبل ذات شبكات نهب الثروة الحيوانية التي تنشط بالمنطقة دون أن تجد العقاب الرادع من السلطات الحكومية بالولاية وأخيرا حلت حادثة (سالمين) التي سممت أجواء الولاية السياسية جراء عدم التعامل بصورة مثلى مع مثل هذه الكوارث التي حدثت نتيجة تقصير تنفيذيين في حكومته ظل الوالي محلك سر ولم يتخذ حيالها أي قرار بمحاسبة متركبيها ، فهل يفعلها هذه المرة انتصاراً للحق ورداً لكرامة هؤلاء الأبرياء ؟
القضارف / صالحين العوض:الراي العام