السودان المصدّر الأول للصمغ العربي لفرنسا.. وهذه هي أسباب بيع أسهم شركة أرياب

تعتبر حقبة السبعينيات من أبرز فترات التقارب السوداني الفرنسي، حيث دعمت باريس في تلك الفترة معظم الأنشطة التنموية التي نفذتها الخرطوم عبر منح وقروض ميسرة مما أدى إلى أن تكون فرنسا الدائن الاوروبي الأول للسودان ولكن هذا التقارب والتعاون بدأ في التراجع شيئاً فشيئاً لأسباب مختلفة، حيث تسعى الدبلوماسية المشتركة حالياً لتنشيط هذه العلاقة مرة أخرى، ولكن تقف عدة عقبات حجر عثرة أمام استئناف العلاقة بشكل موسع وأبرز هذه الإشكاليات هو حل مسألة الديون لإرتباطها بمجمل النشاط المشترك بين البلدين.
(الوطن) ناقشت مجمل هذه القضايا والعلاقات المشتركة بين السودان وفرنسا مع المستشار الإقتصادي لسفارة فرنسا بالخرطوم السيد بيير بودوز والذي أكد أن بلاده لا تفرض أي حظر اقتصادي ولا تجاري على السودان، معلناً عدم وجود عوائق تمنع الخطوط الجوية السودانية سودانير من التزود بقطع الغيار (الفرنسية الصنع)، وأكد رغبة الشركات الفرنسية في العمل بالمشاريع الكبرى بالبلاد شريطة حل مشكلة الديون، حيث تناول الحوار العديد من القضايا المشتركة بين البلدين.
٭ الوجود الفرنسي بالسودان هل تأثر بالوضع الإقتصادي للبلاد؟
– الوجود الفرنسي في السودان ليس كما نرجو ولكن نحن نتطلع لبذل مجهود لزيادته في ظل الظرف الاقتصادي المتغير للسودان بعد الانفصال كان من المهم على الحكومة السودانية أن تسعى لتنويع الموارد بتقوية القطاعات الإقتصادية المختلفة غير البترول الذي كان يمثل المورد الأول للسودان بعوائد سنوية 10 مليار دولار والآن حلت صادر الذهب مكان الصادرات البترولية ولكنها لم تتجاوز 2,5 مليار دولار في العام، ورغم ذلك أعتقد أن الحكومة استطاعت أن تتجاوز المشكلات المذكورة بإعادة توجيه القنوات الرسمية لمبيعات الذهب عبر التعدين الأهلي وهو عمل غير سهل في ظل وجود 750 الف معدن أهلي وهذا كان مهم ضمن خطط تحريك القطاعات الأخرى للصادرات، فهنالك الصمغ العربي والسمسم والمحصولات الأخرى.
٭ هل لا زالت فرنسا تعتبر السودان الوجهة المفضلة للصمغ العربي؟
– السودان هو المصدر الأول للصمغ العربي بالنسبة لفرنسا وحقيقة فرنسا تشعر بالرضاء في هذه الناحية رغم أن عائدات الصمغ ليست كبيرة 40 مليون دولار إلا أن فرنسا تتطلع لزيادة الكمية بعد ارتفاع الإنتاج السوداني في المقابل يمكن أن نتحكم في حجم الصادرات من غير زيادة حجمها بزيادة القيمة المضافة للتصنيع، وهذا ما قررنا فعله بالاتفاق مع الجهات المحلية المختصة إذ سنوقع مذكرة تفاهم خلال الايام القادمة بمنحة للصمغ العربي بقيمة 2 مليون دولار حتى يحقق السودان قيمة مضافة، وهذا في رأيي يمثل نصف الكوب الفارغ ، وفرنسا كمستورد راضية عن صادرات الصمغ السوداني ، ولكن في الإتجاة الآخر الصادرات الفرنسية نحو السودان مخيبة للآمال وهي لا ترضينا ، ولكن أعتقد أن الأمر متعلق بكل الصادرات الاوربية للسودان.
٭ ولكن فرنسا تفرض حصار على السودان؟
– لا نفرض حصار اقتصادي ولا تجاري على السودان
٭ إذن ماهي المشكلة؟
– المشكلة الحقيقية أن هنالك إشكالية في تمويل المشاريع بالسودان وهو دولة مديونة وأية دولة في وضعها لن تستطيع استلاف المزيد من الأموال لمشاريعها ولتنشيط علاقتنا مع السودان يجب حل مشكلة الدين الخارجي حتى ننطلق من قاعدة جديدة للقروض الميسرة.
٭ المنافسة مع الدول الآسيوية؟
– هنالك نوعين من اللاعبين في السودان أولاً العالم العربي وهو ليس لديهم موارد مالية كبيرة وتربطهم علاقات جيدة مع السودان، وهنالك لاعبين من آسيا من الصين والهند واليابان وماليزيا وفرنسا تعلم أن الفلسفة الصينية تقوم على تقديم قروض مربوطة والشركات الفرنسية لن تستطيع الإستفادة من هذه القروض باستثناء أفرعها في الصين والأخيرة كريمة جداً مع السودان وعلاقتها معه أخذت شكلا استثنائياً في افريقيا ، فالصادرات الصينية نحو السودان أكبر من مجمل الصادرات الاوربية ، نأمل أن هذا الوضع ينصلح في المستقبل بعد عودة التمويل الخارجي وتحسن الوضع الاقتصادي في السودان مما يمكنه من تطوير مشاريع البنى التحتية وفرنسا تأمل أن تشارك في ذلك.
٭ التبادل التجاري المشترك؟
فرنسا موجودة في السودان وهي الشريك الأول له في مجال الصمغ العربي وهنالك التجارة الخارجية (الجارية ) في الماضي كان لدينا عقود ضخمة صممنا جزءاً من خزان سد مروي ووردنا 10 توربينات بمبلغ 350 مليون دولار نتمنى أن نشارك في مشاريع كبرى على قرار ما تم في سد مروي وأذكر القراء بأن فرنسا موجودة في جوانب عديدة من حياتهم اليومية وعلى سبيل المثال لا الحصر السجاير المحلي بماكينات فرنسية وزجاجات المياه الغازية وجزء من الوراق النقدية (مؤمنة) بواسطة فرنسا ومعظم أفران الخبز العاملة بالسودان من انتاج فرنسي وكذلك الأسانصيرات وطلمبات البنزين.
والايام المقبلة ستشهد تدشين سيارات (الرينو) الفرنسية بالسودان ولا ننسى المجالات الفنية هنالك أسلاك الكهرباء في المحطات التحويلية وزجاج المباني وغيرها من المنتجات، ولكن رغم ذلك أعتقد أن هذا غير كافي بالنسبة لطموحاتنا إذا يبلغ التبادل السلعي التجاري 100 مليون يورو أي 130 مليون دولار وهو رغم ذلك ليس بالضخم مقارنة بالمشاريع الكبرى فسد مروي مثلا يساوي 3 أضعاف هذا الرقم لذلك وكما ذكرت سابقاً فرنسا تريد أن تشارك في مشاريع البنى التحتية الكبرى بالسودان ولكن ذلك مربوط بحل مشكلة الدين الخارجي.
٭ هنالك اتهام لفرنسا بانها سربت في وقت سابق شجيرات الصمغ العربي لتشاد حتى تتم زراعتها هنالك دون الحاجة إلى التعامل المباشر مع السودان؟
– هذا كلام غير صحيح ولم أسمع بذلك من قبل وهي إشاعة وفرنسا ظلت على مدى سنوات المشتري الأول للصمغ العربي السوداني ولن تبدله بدولة أخرى لأسباب متعلقة بجودة الإنتاج ووجود موانىء سودانية للصادر وتربطنا علاقات متميزة مع مجلس الصمغ العربي الذي يديره أشخاص مؤهلون ولكن ربما يكون هنالك تهريب للسلعة مرتبط بالضرائب.
٭ ذكرت أن زيادة التعامل الاقتصادي مع السودان مرهون بإنهاء مشكلة القروض هل ستنتظر فرنسا حل المشكلة دون أن تتدخل خاصة وانها على رأس نادي باريس؟
– نعم فرنسا على رأس الأمانة العامة لنادي باريس وهو نادي يضم عدة أعضاء والقرار يرجع لهؤلاء الأعضاء ولكن على السودان قبل ذلك تطبيق شروط مهمة متعلقة بخطة دائمة لمحاربة الفقر، فقد كانت هنالك خطة مؤقتة مفروض تتحول لدائمة بمساعدة البنك الافريقي للتنمية.
٭ هل العلاقة الاقتصادية مع السودان مرتبطة بالوضع السياسي القائم الآن؟
– الأسباب اقتصادية وكما يقال هنالك السياسة وهنالك الاقتصاد وكل الأمور تسير بصورة طبيعية والبزنس أولا ولا أرى أي عوائق غير نقص التمويل للمشاريع، فالشركات الفرنسية ترغب في العمل بالسودان، ولكن من اللازم وجود وسائل تعين على العمل بالسودان ، فهنالك التمويل المزدوج للصادرات بالبلدين ، وأؤكد اننا لا نفرض عقوبات تجارية أو اقتصادية على السودان، الموضوع ليس عدد الشركات بل المبالغ المتعلقة بالعقود التي ستنفذها هذه الشركات.
٭ خروج شركة أرياب الفرنسية من نشاط التعدين في الذهب بعد أن باعت حصتها لأحد المستثمرين المصريين؟
– أسباب ذلك ليست متعلقة بالحكومة الفرنسية أو السودانية بل هي مرتبطة بالسياسة العامة في فرنسا حيث يوجد السوق الحر ، فالشركات تتخذ ما تراه مناسباً من قرارات حسب علمي كانت هنالك شركة اريفا ضمن شركة أرياب ورغبت الشركة الفرنسية في إعادة توزيع بعض أنشطتها لهذا السبب باعت نسبة من أعمالها في السودان والشركة الشريكة لأرياب خاضعة للقانون الفرنسي، ولكن عموماً فرنسا لا زالت شريكاً للسودان في مجالات مختلفة.
٭ ذكرت أن بلادكم لا تفرض حظراً إقتصادياً أو تجارياً على السودان، وفق هذا يمكن لشركة سودانير أن تشتري قطع غيار لطائراتها خاصة وأن فرنسا أحد أكبر المنتجين للطائرات المدنية المشهورة؟
– نحن في عصر العولمة هنالك موردون أوربيون كثر فلا يمكن أن نصنع منتجات في دولة واحدة، فطائرة كالايرباص مصنوعة من قبل عدة دول اوربية وهنالك أجزاء منها تأتي من دول تفرض حظر على السودان.
٭ إذاً هل يمكن أن تشتري سودانير قطع غيار فرنسية خالصة؟
– نعم يمكن ذلك وكما أوردت آنفاً لا نفرض عقوبات على السودان ونحن نشجع السودانيين لشراء المنتجات الفرنسية الصفقات يمكن أن تتم باليورو بدون أية صعوبات.
٭ بماذا تنصح الحكومة السودانية للخروج من المأزق الإقتصادي؟
– لا يمكن أن أقدم نصائح بالمعنى المفهوم للحكومة السودانية بإعتبار أن هذا دور مؤسسات أخرى كصندوق النقد الدولي الذي فرنسا عضو فيه لكن الاصلاحات الهيكلية مهمة وهي أحد الحلول التي تؤدي إلى تحسن الوضع الإقتصادي، وفي رأيي الخاص الحكومة السودانية اتخذت إجراءات شجاعة لم يكن من السهل إصدارها وأدت إلى إتجاه وتحسن في الوضع الإقتصادي القائم وصندوق النقد الدولي لديه مهمة في هذا الإتجاه خلال الاسبوع القادم. ولكن من الأشياء المهمة تسهيل إجراءات التأشيرة ليس للمستثمرين والشركات بل للقادمين الجدد للبلاد ويجب على الحكومة أن تسعى أكثر لتطوير السياحة لأهميتها في التعريف بالسودان وجهة النظر السياحية هذه قد تجاوب على أسئلة المستثمر، لماذا يأتي للسودان فهنالك عوامل جاذبة في هذه الناحية شعب لطيف لا توجد مشاكل أمنية من المهم أن نعرف بعضنا البعض.
٭ أصدرت الجهات المختصة بالبلاد قانوناً جديداً للإستثمار ما رأيكم؟
– السودان دولة منفتحة فيما يخص الإستثمار الخارجي وإصدار قانون للإستثمار جيد، لكن المهم التعريف بالبلد ومن هنا تأتي فكرة تطوير السياحة التي ذكرتها ، فالقانون الجديد ككل القوانين المتعلقة يشجع الإستثمار الخارجي، ولكن هنالك الإمكانيات التمويلية لكل بلد، وهذا يرجعنا لموضوع تحسين الوضع الاقتصادي ، فتحويل الأرباح بالعملة الصعبة يظل متعلقاً بالموارد المتاحة من النقد الأجنبي، أنا لا أريد الحديث باسم البنك الدولي، لكن أجدد التأكيد على أهمية التعريف بالسودان كبلد سياحي، وفي المقام الأول يجب حل مشكلة الديون الخارجية وهي ليست المشكلة الوحيدة بما يمكن المستثمرين والمصدرين والمستوردين من إيجاد طريق سالك للسودان عموماً نحن في فرنسا نحس أن الوضع مشجع كما في فترة السبعينيات.
٭ لماذا السبعينيات تحديداً؟
– فرنسا كانت كريمة في تلك الفترة مع السودان، وهذا ما يفسر الدين الفرنسي تجاه السودان حيث قامت بتمويل عدد من مشاريع التنمية في السودان في تلك الفترة، وكانت فرنسا لديها موارد مالية جيدة في تلك الفترة عكس الوضع الآن، حيث تشهد أوربا أزمة مالية ولذلك لا يمكن أن نكون كرماء، كما في السابق، ولكن في المقابل شهدت البلدان الافريقية ما وراء الصحراء تطوراً تحسد عليه بما يمكنها من دعم بعض مشاريعها ورغم ذلك نحن نرغب في المساعدة.
٭ حجم الديون الفرنسية على السودان؟
– رقم كبير ، فرنسا أكبر دائن للسودان في أوربا لكن الشئ المطمئن أن معظم الدين من الفوائد أكثر من رأس المال على ذلك المفاوضات في هذه الناحية يمكن أن تكون بصورة أكبر.
٭ الحكومة السودانية طرحت عطاءً كبيراً للإستثمار في النفط هل لديكم شركات نافست في العطاء؟
– ما قدمت عليه الحكومة في هذا الصدد كان شيئاً ايجابياً يطرح العديد من المربعات لإستثمار النفط بطريقة متنوعة بعد أن ظل المجال محتكراً للدول الآسيوية (الصين الهند وماليزيا ) وقد استجابت شركات اوربية للعرض بينها شركة فرنسية.
٭ ولكن جزء كبير من مناطق البترول في السودان يقع في ولايات بها نزاعات مسلحة هل تستطيع الشركات الفرنسية العمل هنالك كما الشركات الصينية؟
– هذا أحد الأسباب لعدم الإستثمار النفطي بتلك المناطق، ولكن الصين لديها حاجة كبيرة للمواد الخام وهي مصنع العالم وهي لا تعمل بدون مصادر طاقة والمربعات التي طرحت للإستثمار ضمت شركات اوربية غابت الصين لكن حضرت عبر هونق كونق.
٭ ماذا عن شركة كنانة؟
– تمثل شركة كنانة وجهاً من أوجه الوجود الفرنسي غير المرئي في السودان وهي شركة ناجحة جداً ولها رمزيتها في السودان وقد أرسلت الشركة أول شحنة ايثانول من السودان باتجاه فرنسا التي ساهمت في تشييد مصنع سكر كنانة عبر شركة هندسية متخصصة، وهنالك قطاع آخر غير المرئي وهو الهندسة الورثية الحيوانية، وهي من القطاعات المهمة للسودان لما يمتلكه من ثروة حيوانية كبيرة، وهو عامل من عوامل نجاح الصادر قبل أن يتجه السودان للتركيز على صادرات الذهب.
حوار: الفاضل ابراهيم –الوطن
Exit mobile version