بين القوات السودانية والقوات الأممية بدارفور

[JUSTIFY]فعلاً ما جدوى وجود قوات حفظ سلام دارفور الأممية في المنطقة بعد الهجوم الذي شن عليها وأسفر عن قتلي وجرحي من جنودها؟ ماذا تفعل؟ وما هي مهامها ومسؤولياتها وأي نوع من الحماية يمكنها توفيرها للمواطنين أصلاً إذا لم يكن في مقدورها ضد الهجوم علي أفرادها العاملين تحت مظلتها هل يوجد خلل ما في خبراتها وكفاءتها وقدراتها وأدائها العسكري للاضطلاع بمهامها وبدون خسائر.
وانظر إلي نموذج القوات السودانية التي كانت أول من كلفت من جانب الأمم المتحدة في مطلع الستينات لإعادة الاستقرار والسلام وحفظ الأمن في الكونغو في أعقاب حرب أهلية وبمشاركة من قوات المرتزقة البيض الذين ساندوا رئيس إقليم كاتنقا تشومبي ضد الرئيس المنتخب لوممبا، وحاول أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك إلي الأدغال في الكونغو ولكن همرشولد لقي مصرعه بسبب سقوط الطائرة أو قصف الطائرة التي أقلته وكان الأمر متعمداً كما كشفت التحقيقات لاحقاً.

أما الزعيم لوممبا نفسه فقد تم اعتقاله وقيدت يداه وراء ظهره وضربه المرتزقة البيض بوحشية ثم قتلوه رمياً بالرصاص.
في هذه الأجواء وعمليات القتل مستمرة، دخلت القوات السودانية وعددها لا يزيد عن خمسمائة ضابط وجندي إلي الكونغو وواجهت المرتزقة البيض أولاً باعتبارهم العنصر القوي وراء العنف والقتل والحرب.

واستطاعت بحنكتها وكفاءتها وخبرتها العسكرية دحرهم وإجبارهم علي الخروج من الكونغو كلها أو اللجوء إلي إقليم كاتنغا ليتفادوا الصدام مع القوات السودانية واستطاعت القوة السودانية السيطرة تماماً علي الأوضاع في الكونغو ووقف الحرب وحماية اللاجئين والهاربين من القتال والحرب في ملاذات آمنة وأيضاً توفير السلامة للكونغوليين الراغبين للجوء إلي داخل حدود السودان ولم تقع بينهم أي القوات السودانية أي خسائر في الأرواح.

لقد امتلكوا ضباطاً وجنوداً الشجاعة والمعرفة بأداء مهمة وواجب في دولة مجاورة نالت استقلالها لتوها.
وأظن ان حكومة السودان وحدها التي تكلفت بالنقل والأعباء المالية للقوة العسكرية السودانية ويمكن الرجوع إلي البرقيات التي كان يرسلها تباعاً السفير الدكتور ياجي أول سفير للسودان لدي الكونغو إلي رئاسة وزارة الخارجية السودانية.

ومثل هذا النموذج القوي الكفء للقوات السودانية فعلته أيضاً باسم الأمم المتحدة أو الجامعة العربية في لبنان في حقبة السبعينات.
حيث دارت معارك دموية طاحنة بين الفصائل الفلسطينية والمليشيات اللبنانية وكانت القوة العسكرية السودانية بقيادة العميد أحمد دهب الذي اختار أكثر المناطق معارك ونيراناً واضطراباً فدخلها بجرأة فائقة أذهلت اللبنانيين والفلسطينيين علي حد سواء فتوقفوا عن تبادل أطلاق النيران وخرج اللبنانيون يصافحونهم ويعانقونهم، لقد أوقفوا القتال ونزيف الدم وأعادوا الانضباط والنظام والأمن لأهل لبنان.
واستطاعت أيضاً القوات السودانية السيطرة علي الموقف عندما كلفت في السبعينات بالحفاظ علي الأمن علي الحدود بين الكويت والعراق وكانوا موضع القبول والثناء من الجانبين.

وأشادت بهم الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وقائمة بطولات وجرأة وحنكة القوات السودانية يصعب حصرها ولذلك يأتي التساؤل ما معني وجود قوات دولية يزيد عدد أفرادها علي العشرين ألفاً (نقل لي 24 ألف ضابط وجندي)، إذا كانت هذه القوات وبكل إمكانياتها ومعداتها وسياراتها وأجهزتها وطائراتها وميزانياتها الضخمة التي توفرها لها الأمم المتحدة غير قادرة علي حماية أفرادها فهل يؤمل في أي إسهام إيجابي وفاعل ونافذ لحماية مواطني دارفور وتوفير ودعم مناخ السلام والاستقرار والأمن لهم؟ أليس الأجدى والأخير إنهاء خدمة هذه القوات الأممية وتحويل المبالغ الطائلة التي تصرف عليهم لصالح تنمية وتطور وسلام دارفور.

صحيفة أخبار اليوم
محمد سعيد محمد الحسن

[/JUSTIFY]
Exit mobile version