ماذا بعد خليل؟

ماذا بعد خليل؟
دون شك أن رحيل خليل المفاجىء وبتلك الطريقة سوف يؤثر على مجمل الحراك السياسي في السودان ويجعل الباب للتطورات اللاحقة مفتوحا على جميع الاحتمالات ولكي نحاول الاقتراب من هذا الأمر لابد من تفكيكه ولنبدأ بمعرفة أثر رحيل خليل على حركته ثم على مجمل العمل السياسي المعارض ثم أثر ذلك على المواقع الملتهبة في السودان ثم ردة فعل الخرطوم تجاه أي من المتغيرات تلك ويبقى البعد الإقليمي والدولي في ذات الأهمية الداخلية. المشكلة أن كل هذه الاتجاهات تتفاعل في وقت واحد ولن تتابع في أثرها وهذا يعني أنها سوف تؤثر على بعضها البعض ومن مراحل مبكرة، وإذا أضفنا الى ذلك العالم السري للسياسة سنكون معذورين إذا (وضعنا الخمسة في الاتنين) وأضربنا عن الإجابة وقلنا ما بعد خليل علمه عند رب العالمين, ونعم بالله ولكنها النفس الأمارة بالكلام.
* ومع كل هذا لابد من إلقاء نظرة سريعة على ما يتوقع حدوثه على جبهة حركة العدل والمساواة لأنها كانت العكازة التي يهز بها خليل في دنيا السياسة السودانية ولأن التغيير الذي سوف يحدث لها جراء رحيله سيكون القاطرة التي تؤثر على الجبهات الأخرى التي ذكرناها آنفا ونحن لسنا مع الذين يقولون إن الحركة انتهت برحيله أو الذين يقولون إن الحركة سوف تستمر بذات النهج الذي كان يقوده بها خليل وفي هذه الجزئية يجب أن نركز على صفات خليل التي من المحتوم ألا تتوفر في خليفته وهنا ليسمح لنا القارئ الكريم أن نعيد بعض ماذكرناه بالأمس في سياق وتنظيم جديدين.
* قلنا إن شخصية خليل انتحارية أو استشهادية وإذا أردنا كلمة محايدة فلنقل إنها فدائية وهذه ليست من صفات القيادة التي تتسم بالمكر والدهاء و(البطن الغريقة) والركون للتخطيط فخليل هو الذي يقود معاركه بنفسه لذلك روحه روح ميدان في الإدارة وهذا ليس بالضرورة أن يتوفر لنائبه الذي سيكون في أغلب الظن سياسي أكثر منه ميداني.
* اشتراك خليل في الإنقاذ وفي مواقع متقدمة ثم خروجه منها قسرا وبعد مضايقات شعر بها (الكتاب الأسود) جعلت الغبينة على الحاكمين في الخرطوم مسيطرة عليه سيطرة تامة فتحالفه مع دبي ثم مع القذافي ينفي عنه صفة المبدئية في مواقفه السياسية ويجعل من قضيته واحدة وهي الانتقام ممن يرى أنهم سرقوا ثورته في الخرطوم وهذا الشعور ليس بالضرورة أن يكون لدى من يخلفه.
* موقف خليل من حركات دارفور المسلحة الأخرى كان هو الآخر حادا ومتطرفا وكان يراها كلها تقريبا حركات لابتوب ولبسات أفرنجية تتاجر بقضية دارفور دون أدنى تضحيات منها فهي ليست لديها مقاتلين ولا وجود لها في الميدان وأن أي اتفاقية تساوي حركته بها هي ظلم ولحركته وبالتالي كان رافضا للتفاهم معها ولأي اتفاقية تجمعها به وفضل عليها الحلو وعقار فخليفته قد يكون أكثر ميلا حتى لحركات دارفور السياسية البحتة.
* خليل أرهق حركته وتجول بها كثيرا من دارفور الى القتال في تشاد ثم القتال في ليبيا ثم الاتجاه الى دولة جنوب السودان للقتال في النيل الأزرق وجبال النوبة فأي فعل حربي يرى أنه يمكن أن يحاصر الخرطوم ولو بنسبة متواضعة لا يتردد في تنفيذه فقد ترك حركته في غاية الرهق وأغلب الظن أن خليفته سوف يتخذ سياسة مختلفة على الأقل لأن الإرهاق أخذ بتلابيب الحركة أو من بقي منها.
* وفوق كل الذي تقدم كل الشواهد التاريخية تقول إن القادة الثوريين والمخلصين لقضيتهم حد التماهي كما في حالة خليل لن يكون خليفتهم في ذات الدرجة من الاندفاع وكل الثورات في فترتها الثانية تجنح نحو التعقل حدث هذا في خلافة (هوشي منّه) و(ماوتسي تونغ) و(عبد الناصر) حتى الذين تقادم بهم العهد غيروا سياستهم الثورية كحالة عرفات وجون قرنق اللهم إلا المهدية حيث أصر الخليفة عبدالله على الاستمرارية وبأدوات المهدي غير الموجود فكان ماكان.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]
Exit mobile version