خليل ,قراءة ثانية

خليل ,قراءة ثانية
مكانة خليل إبراهيم داخل حركته العدل والمساواة مثل مكانة جون قرنق من الحركة الشعبية فكلاهما هو الأب والمؤسس والقائد العسكري والزعيم السياسي وأمين المال الذي يأتي عن طريقه الدعم فكلاهما كان بمثابة روح ولحم وعظم وشحم حركته ولكن قرنق عندما ارتحل ترك حركته في سدة الحكم فالذي خلفه قاد الحركة بقوة السلطة المتمثلة في إقليم وفيما بعد دولة جنوب السودان فسار على درب قرنق بالاستيكة كما فعل السادات مع عبد الناصر أما خليل إبراهيم فقد رحل وترك حركته أبعد ما تكون عن السلطة بل تركها وهي في مفترق طرق ومع ذلك لا أحد يجزم بأن موته يعني نهاية الحركة لاسيما وأن رحيله أفرح حتى الذين يحملون السلاح في ذات الإقليم من حركات أخرى.
*الخارجون على الدولة في السودان الحديث كثر في الجنوب وفي الشرق وفي الغرب وقادة الحركات المسلحة كثر من جوزيف لاقو إلى مني أركو مناوي مروراً بقرنق وعبدالواحد وغيرهم ولكن خليل يختلف عن غيره أنه يحمل في جنباته روحاً استشهادية وإن شئت قل انتحارية على حسب موقفك منه وهذه مرجعها لنشأته السياسية الإسلامية فالفكر الذي يقول للثائر ابدأ بنفسك في التضحية موجود بكثافة في العقيدة الإسلامية فالشيعة في جنوب لبنان حدثوا هذا الأمر ثم انتقل إلى السنة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة، ثم انتقل إلى السودان لدى الدبابين والذين كان خليل من أبرز قادتهم، ثم أظهره في غزوته لأم درمان في العاشر من مايو 2008 تلك الغزوة التي خسرها عسكرياً وكسبها سياسياً.
*تميز خليل عن غيره من قادة الحركات الخارجة عن الدولة أي المتمردة في أنه لايتورع في أن يسلك الطرق غير المباشرة في الوصول إلى هدفه فعندما كان حليفاً لإدريس دبي قاتل معه جيش الخارج محمد نور بل إليه يرجع الفضل في عدم سقوط إنجمينا في يد الخارجين على إدريس دبي، ثم استجار بالقذافي وحدث ما حدث للقذافي قاتل معه حارة حارة وزنقة زنقة ولو قدر له الوصول إلى جنوب السودان كان سوف يقاتل مع سلفا كير إذا حدثت له حرب لاسمح الله مع السودان وكان سيقاتل في النيل الأزرق وفي جبال النوبة فروحه باذلها لفكرته وقد يعتبر البعض أن هذا ضرب من عدم الحصافة السياسية لأن القائد هو الذي يخطط وهو مستودع لأفكار حركته وهو الذي يشرف على المنفذين ليبقي على الفكرة إذا رحل بعضهم.
*ماذكرناه أعلاه لايعني أن خليل كان مقاتلاً أممياً مثل جيفارا أو حتى إقليمياً مثل عبد الله عزام أي أنه صاحب فكرة يقاتل من أجلها في أي مكان في الدنيا فهو صاحب غبينة خاصة تجاه إخوانٍ له في الدين يعتقد أنهم خذلوه أو خانوه وهبطوا بفكرة بذل في سبيلها حياته لذلك كان ينتهج أي وسيلة مهما بعدت لاسترداد ما أخذ منه فالجهد المبذول منه كان أكبر بكثير من القضية لا سيما وأن خليل يختلف عن جيفارا وعبد الله عزام واضرابهم في أنه لا يقاتل بنفسه فقط انما برهطه ولعل هذا هو سر ميلودرامته.
*الآن رحل خليل فالسؤال ماذا بعد خليل؟ أو الأهم متى يغادر الجميع في الخرطوم وفي دارفور وفي كاودا وفي أماكن أخرى متفرقة محطة خليل؟.
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]
Exit mobile version